تفيد قراءة التقرير المقدم من لدن بان كي مون إلى مجلس الأمن يوم 14 أبريل، والقرار الصادر عن مجلس الأمن يوم 28 أبريل, بأن هناك تحولا في الاتجاه العام لنزاع الصحراء الإقليمي، إذ تم إدراج قضايا جديدة منها إحصاء سكان المخيمات، وهذه المرة جاء الطلب من الأممالمتحدة واضحا عكس المرحلتين السابقتين, حين ذكر الأمر في سياق تمنيات. ثم قضية الأمن الإقليمي, إذ تم ربط الوضع في المخيمات بتنامي شبكات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وهذا في حد ذاته اعتراف بفشل قيادة البوليزاريو والدولة الحاضنة لها في مواجهة هذه الظاهرة، أضف إلى هذا وذاك عجز البوليزاريو عن تدبير الشريط الشرقي المحاذي للجدار ، وهو رسالة أن هذه القيادة لا يمكن أن تكون شريكا آمنا للمنطقة، وهذا ما يفرض على المغرب مطالبة الأممالمتحدة في مراجعة فصول قرار وقف إطلاق النار العائد إلى العام 1991. التقرير والقرار يعكسان أيضا انتكاسة الدبلوماسية الجزائرية التي راهنت كثيرا على تسجيل تحول هذه السنة في مسار نزاع الصحراء و»طبلت» لهذا كثيرا، ورددت صنيعتها في جمهورية الرابوني أن 2015 ستكون سنة الحسم، ووعدت من يحمل وهم «الدولة الصحراوية» بأن ساعة الحسم قد رنت، وذلك لتغطية الإحباطات المتوالية لثلاثة أجيال لم تعرف المغرب قط إلا من خلال الدعاية المضادة، ومن المتوقع أن يتحول الإحباط إلى قرارات بالهجرة الجماعية نحو شبكات التهريب والجريمة العابرة للحدود ونحو الجماعات الجهادية ، خاصة نحو جماعة المرابطين, حيث يشكل شباب المخيمات والأطر العسكرية للبوليزاريو عمودها الفقري، كما يدل على ذلك وصول مسؤولين سياسيين وعسكريين من البوليزاريو لقيادة تنظيم المرابطين والذي « ينسق» نشاطاته المختار بلمختار « مهندس « الهجوم على المركب الغازي لعين أمناس في شرق الجزائر، هكذا ينقلب السحر على الساحر. إبعاد الاتحاد الإفريقي من حشر أنفه في ملف الصحراء هو تحصيل حاصل لمسألتين، أولاها ، الجميع يعرف الآن أن مفوضية الاتحاد الإفريقي التي تقودها دراماني زوما هي أداة لتنفيذ أجندات دولة جنوب إفريقيا، وأن مجلس الأمن والسلم تسيطر عليه عناصر جزائرية وجنوب إفريقية، و ثاني المسألتين، أن القرارات تأخذ داخل الاتحاد الإفريقي حين تغادر جل الوفود القاعة، ولم يعد أحد يعطي أي اعتبار لما يصدر عن الاتحاد الإفريقي ، الذي أبان عن فشله في حل مشاكل القارة الإفريقية من أزمة الكونغو إلى أزمة ليبيا, مرورا بما يجري في وسط القارة وشرقها، الحالة الوحيدة التي «نجح» فيها الاتحاد الإفريقي هي خلق « دولة جنوب السودان» التي لم يدم توازنها أكثر من سنة، لتسقط في أتون حرب إثنية دامية، ولهذا الأسباب لم يتعد الحديث في تقرير الأمين العام أكثر من ثلاث فقرات صغيرة ضمن 81 فقرة. في تقرير الأمين العام وقرار مجلس الأمن إشارة واضحة إلى قضية حقوق الإنسان والاعتراف بمجهود المغرب, خاصة آليات اشتغال المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، والعلاقات مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, إضافة إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إن مبادرات المغرب في هذا المضمار تقطع الطريق على من يناور لتحويل مسألة حقوق الإنسان إلى أداة للمس بالسيادة المغربية على الصحراء. هذا التبني الوارد في التقرير والقرار هو اعتراف ضمني بالسيادة المغربية، وعندما يطلب الأمين العام ومجلس الأمن من الأطراف تبني حلول واقعية، أي أن الطلب موجه بالخصوص للدولة الجزائرية وللبوليزاريو باستحالة تبني تقرير المصير المفضي إلى الانفصال، ومن هنا تشجيع لمبادرة الحكم الذاتي الواقعي والجدي وفق مصطلحات الأممالمتحدة. قوة الموقف المغربي تتجلى في وحدة الصف الوطني وفي التحولات الجارية بفضل الدستور الجديد، رغم العجز الحاصل لدى الحكومة في تفعيل الكثير من فصول الدستور، وعلى الحكومة المغربية والبرلمان أن يحضرا بقوة في قضية الصحراء بمراسلة باستمرار الأمين العام والمنظمات الدولية حول كل ما يجري في المخيمات وتوضيح ما يجب توضيحه مع المينورسو، وإعادة قراءة ما بين السطور في تقرير الأمين العام, حيث تم تغييب المنتخبين الصحراويين والمجتمع المدني والقبائل والشخصيات المنتصرة للوحدة الترابية والوطنية، رغم أن التقرير تحدث عن المحاورين القدامي والجدد واستعمل كلمة « الأطراف»، وهذه قضية أخرى.