سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور محمد الزرقاوي، اختصاصي في الإنجاب والجراحة الداخلية، نائب رئيس الجمعية المغربية للخصوبة وتنظيم النسل .. التشبث بالأمل ضروري في مواجهة «العقم» و«مشاكل الإنجاب»
{ متى يمكن الحديث عن وجود مشكل في الإنجاب بالنسبة للأزواج الجدد؟ أغلب الأزواج وبعد عقد قرانهم، يتفقون على عدم الإنجاب مبكرا والتريث قبل الإقدام على هذه الخطوة ،وذلك بغية توفير العديد من وسائل العيش المادية، وبالتالي يتم اللجوء إلى استعمال حبوب منع الحمل، لكن بالمقابل هناك من يقبلون على الحياة الزوجية وهم يتوقون إلى الإحساس بالأمومة والأبوة، وبالنسبة لهذه الفئة فعادة من لا يعانون من أي مشكل سواء بالنسبة للرجل أو المرأة في العلاقة الزوجية، ويعيشان علاقات عادية فيما بينهما، فإن نسبة وقوع الإخصاب والحمل تصل إلى 25 في المئة شهريا، كل شهر على حدة، ويتضح على أنها نسبة ليست مرتفعة كثيرا، لذلك عادة ما يتم الانتظار حتى انصرام 8 أشهر من مدة الزواج أو الوصول إلى غاية سنة من الترقب، وفي هذه الحالة وعند عدم وقوع الحمل، فإن ذلك يعني بأن هناك خللا ما وجب تحديده. { حين نتحدث عن صعوبات في الإنجاب، هل يعني ذلك أننا أمام حالة للعقم أم أن لكل مفهومه؟ هناك خطأ شائع، إذ يتم نعت الأزواج الذين يتأخرون في الإنجاب بعد مدة من الزواج أو تعترضهم صعوبات من أجل تحقيق ذلك ،بكونهم يعانون من العقم، وبالتالي فهو سؤال جد مهم، لأن العقم هو مصطلح قوي له ثقل سوسيولوجي، ووقع سلبي على المتلقي نفسيا بالدرجة الأولى، سواء تعلق الأمر بالمعنيين بالأمر أنفسهم أو المحيط. فالحالات التي يمكن وصفها بأنها عقيمة هي عندما تكون المرأة فاقدة للرحم، أو لاتتوفر على بويضات من الأصل، أو فقدتها تدريجيا، وهنا يجب أن أوضح أن فقدان البويضات لايرتبط بسن معينة، إذ يمكن أن تفقدها سيدة في 18 سنة، ويمكن ألا تفقدها أخرى حتى تصل سن 55 سنة فما فوق. كما أن الزوج يمكن أن يكون أمام حالة للعقم الكامل عندما لايكون قادرا على إنتاج وتشكيل الحيوانات المنوية، أخذا بعين الاعتبار أن الشخص قد يتوفر عليها، لكن معاناته من مرض جيني قد تؤدي إلى حرمانه من القدرة على الإنجاب. { ومتى نكون أمام صعوبات للإنجاب، سواء عند الرجل أو عند المرأة ؟ نكون أمام حالة لصعوبات الإنجاب عند الرجل عندما تكون الحيوانات المنوية عنده ضعيفة الحركة والحيوية، أو قليلة العدد، هذه المشاكل لها حلول ،وذلك من خلال توفر إمكانية البحث عنها في خصية الرجل، فيتم تجميدها ثم استعمالها بتقنية التخصيب المجهري بالنسبة للحالات كلها، أما بالنسبة للمرأة فإن المشاكل التي تحول دونها والإنجاب، تكون بسبب قلة أو انعدام البويضات، أو كونها متواجدة لكن دون أن تمكن من تحقيق الإباضة، وفي هذه الحالة يتم الالتجاء إلى الأدوية لتجاوز هذه النقائص، فضلا عن تواجد مشكل آخر ،والمتعلق بوجود حواجز تحول دون التقاء الحيوانات المنوية بالبويضة بفعل التعفنات وغيرها من العوامل، هذه الحواجز التي تكون متعددة ويتم البحث عنها باستعمال المنظار، هذا الأخير الذي يمكنه أن يحلّ هذا النوع من المشاكل. دون إغفال أن هناك بعض الأمراض التي تؤدي إلى التهابات وتشكل مواد سامة تحول دون قيام الحيوانات المنوية للرجل بمهمتها في التلقيح، فضلا عن بطانة الرحم عند النساء التي تكون عادة خارج العضو الأصلي سواء مع الأمعاء أو المبيض، والتي تحدث آلاما، والذي تعاني منه ما بين 10 إلى 15 في المئة من النساء، إذ ما بين 50 و 60 في المئة ممن وجدن عائقا في الإنجاب كان بسبب ذلك. ثم هناك مشكل تشوهات في رحم المرأة الذي يجعله غير مستعد لاستقبال الجنين، فضلا عن مشاكل أخرى جينية. { هل يتوفر المغرب على مركز عمومي للمساعدة على الإنجاب؟ بالفعل يتوفر مركز جديد على مستوى القطاع العام بالرباط، كما أن هناك حوالي 18 مركزا خاصا من مراكز الخصوبة والمساعدة على الإنجاب تتوزع في عدد من المدن كالدارالبيضاء والرباط، مراكش، فاس، مكناس وطنجة، وآخر على وشك الافتتاح بأكادير. { هل البحث عن صعوبات الإنجاب والسعي لعلاجها هو في متناول الجميع؟ للأسف، الكلفة المادية هي باهظة وليست في متناول الجميع، وما يزيد من حجم الألم عدم تحمل الصناديق الاجتماعية والتأمين لهذا النوع من الأمراض التي تعتبر مجرد ترف وتنعت على أنها نوع من الكماليات، فالتنقيب عن الخلل يتطلب مصاريف مادية كبيرة على مستوى التحاليل والخضوع للفحوصات المختلفة، ثم مصاريف أخرى عند تشخيص الداء والسعي نحو العلاج من أجل الإنجاب. ثم هناك كلفة أخرى وهي أشد ارتفاعا ووقعا، ويتعلق الأمر بالكلفة النفسية وهي الأثقل، بفعل تكرار نفس السؤال من طرف الأقارب، الأصدقاء، الجيران، زملاء العمل، حول حمل الزوجة من عدمه، مما يؤدي إلى إصابة الزوجين معا بالاكتئاب وتفضيلهما لخيار العزلة والانطواء عوض الاستمرار في مواجهة محيطهما المتعدد الأبعاد، ويجب على الجميع أن يعلم بأن عدم توفر أي زوجين على إبن بعد عقد قرانهما، لايعني أنهما لا يرغبان فيه وإنما يسعيان لتحقيق ذلك في صمت، لهذا لا يجب أن تتم إضافة عبء آخر على أعبائهما، كما أن على الزوجين أن يحصّنا علاقتهما فيما بينهما ،إذ وجب الحفاظ على العلاقة الزوجية من أي تصدع وهذا أمر بالغ الأهمية. { أليست هناك بوادر للاعتراف بصعوبات الإنجاب والتعامل معها كمرض يجب التكفل به والتعويض عن مصاريفه؟ ارتباطا بموضوع هذا السؤال، أود أن أوضح بأننا اشتغلنا مع وزارة الصحة كجمعية على هذا الموضوع، وعملنا على تقديم مقترحاتنا بشأن قانون يتعلق بمجال الإنجاب وتحديد المفاهيم والأولويات، وسنكون ،خلال القادم من الأيام ، أمام مشروع قانون سيرى النور، والذي سيسمح بالاعتراف بمشاكل الإنجاب كمرض، والذي ستتم مناقشته والمصادقة عليه من طرف البرلمان مرورا بالمجلس الحكومي.