من المنتظر أن ينطلق مسلسل العمليات الانتخابية في الأيام القليلة القادمة، بأول انتخابات في الدستور الجديد تهم المأجورين. وبالرغم من اقتراب الموعد، فإن الجهات الرسمية، والمخول لها إعداد الشروط الناجعة لإجراء استحقاقات ذات فعالية ومصداقية، وفي مقدمتها رئاسة الحكومة، لم تقدم على خطوات تسير في هذا الاتجاه. ومن بينها عدم إشراك النقابات في التحضير الجدي والتعبوي لهذه الانتخابات وعدم إقدامها على أي خطوة تدفع نحو تعزيز المشاركة. والمسؤولية هنا ثابتة ، لاعتبارات منها أساسا أن الاجتماعات الخاصة بملفات الحوار الاجتماعي من جهة وبالانتخابات ذاتها لم تثمر أية نتيجة، إضافة الى هذا لم تتجاوز اجتماعين اثنين لكل لجنة تفرعت عن الحوار الذي تم في فبراير الماضي بحضور رئيس الحكومة. ومن اللافت للنظر أن الجلسة العامة ليوم 10 فبراير 2015 تفرعت عنها أربع لجان إحداها لجنة الانتخابات بإشراف وزيري الداخلية والعدل والتي عقدت اجتماعا يتيما، تم خلاله الاستماع إلى مقترحات النقابات: تعديل المرسوم المتعلق باللجان الثنائية، نظرا لعدم التوازن في عدد الممثلين مع القطاع الخاص- إلغاء التصويت بالمراسلة - إعادة النظر في السماح للامنتمين بالمشاركة بهذه الصفة - تقديم الدعم للنقابات بمناسبة انتخابات المأجورين على غرار الأحزاب السياسية - إعادة النظر في آلية الإشراف على الانتخابات بالقطاع العام بحيث لا يسمح للنقابات أن يكون لها ممثلون في مكاتب التصويت ( بدون أن تتلقى النقابات أي رد! علما بأن ذات الحكومة اعتبرت أن إجراء انتخابات مندوبي المأجورين لا يمكن أن يتم في شتنبر وبالتالي أصرت على إجرائها قبل شهر يونيو.. أما اللجن الأخرى (إصلاح المعاشات لجنة القطاع العام : وزير الوظيفة العمومية ، القطاع الخاص : وزير التشغيل ) فلم تكن أحسن حظا من سابقاتها وعطلت آلية أي تفاوض اجتماعي حقيقي في مضامين المطالب النقابية. ويتبين من خلال التحضير الانتخابي ، ومن خلال التعطيل المقصود للحوار الاجتماعي، أن الجهاز التنفيذي لا يشتغل بأفق تعزيز المشاركة النقابية أو تحفيز المهنيين على المشاركة في القرار، بما يضعف الالتزام بالاقتراع ويضعف المشاركة فيه. وهو ما يطرح قضية تتجاوز خطورتها الإطار المهني والمتعلق بالمأجورين لوحدهم، الى مستوى الانخراط الحكومي الحقيقي في تفعيل الآليات الديموقراطية في التأطير المهني وفي تعميق الوعي الديموقراطي والمؤسساتي. والاتحاد لا يمكنه إلا أن يضم صوته الى صوت ممثلي الشغيلة والنقابات الجادة ، المستنكر للتصرفات الحكومية وإصرارها على خلق شروط مناهضة للانخراط الجدي والمسؤول، بما يفتح الباب لكل أشكال التعبير اللامؤسساتي والعشوائي في وضع يتسم بمظاهر كبرى للأزمة وتفسخ السلم الاجتماعي بفعل القرارات اللاشعبية واللاديموقراطية للحكومة.