بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف إطلاق النار في الساعة 4 صباحا من يوم الأربعاء بتوقيت البلدين    تراجع مفرغات الصيد بميناء طنجة بنسبة 29% وانخفاض القيمة التجارية إلى 134 مليون درهم    الملك محمد السادس يدعو إلى حلول عملية لوقف النار ودعم الفلسطينيين إنسانياً وسياسياً    وفد عسكري مغربي يزور حاملة الطائرات الأمريكية 'هاري ترومان' في عرض ساحل الحسيمة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    فتح تحقيق في محاولة تصفية مدير مستشفى سانية الرمل تطوان    سبتة ترفض مقترحا لحزب "فوكس" يستهدف المهاجرين والقاصرين    الأمن يحبط عملية بيع حيوانات وزواحف من بينها 13 أفعى من نوع كوبرا في الناظور ومراكش    الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل سيدخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يهزم الرجاء بعقر داره في افتتاح مباريات دور المجموعات    العلمانية والإسلام.. هل ضرب وزير الأوقاف التوازن الذي لطالما كان ميزة استثنائية للمغرب    المغرب يستعد لإطلاق عملة رقمية وطنية لتعزيز الابتكار المالي وضمان الاستقرار الاقتصادي    لجنة الحماية الاجتماعية تجتمع بالرباط        بنسعيد: "تيك توك" توافق على فتح حوار بخصوص المحتوى مع المغرب    هيئة حقوقية تنادي بحماية النساء البائعات في الفضاءات العامة        "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    وفاة أكبر رجل معمر في العالم عن 112 عاما    لحظة ملكية دافئة في شوارع باريس    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»    الجنائية الدولية :نعم ثم نعم … ولكن! 1 القرار تتويج تاريخي ل15 سنة من الترافع القانوني الفلسطيني        دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    توقيف فرنسي من أصول جزائرية بمراكش لهذا السبب    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"        مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلود سيمون: الرواية تصنع نفسها وأصنعها وتصنعني

طالما أنكر »كلود سيمون« أنه يكتب رواياته وفقا لأسلوب »الرواية الجديدة« الفرنسية، بل إنه في واقع الأمر يعتبر مصطلح »الرواية الجديدة« مصطلحا مضللا جمع تحته النقاد جمعا زائفا الكثير من الكتاب الفرنسيين من أمثال »ناتالي ساروت« و»آلن روب جرييه« و»مارجريت دورا« الذين يرى سيمون أن أساليبهم وثيماتهم واهتماماتهم متنوعة تماما. ولكن كلود سيمون ظل برغم ذلك معروفا بوصفه »روائيا جديدا« إلى أن حصل على نوبل في الأدب سنة 1985. نسب إليه نقاد الأدب والفلاسفة كل شيء ابتداء من الاستغراق في فلسفة العبث وحتى الميل إلى العدمية. ولقيت رمزية أعماله تحليلا كثيفا، بل شديد الكثافة في نظر سيمون الذي يرفض جميع تفسيرات أعماله تقريبا، ويصوِّر نفسه كاتبا مباشرا يعتمد على ما توفِّره له الحياة من خامات. ولكن ما ينتج عن هذه الخامات يأتي بمثابة تحدٍّ باروكي غريب. جمله تمتد لصفحات، والفقرات لديه تخلو من علامات الترقيم. وهو في كل الأوقات غنائي. وفي الغالب يرسم واقع الموت والفناء، مع حضور شائع للحرب. يرفض روايات القرن التاسع عشر التقليدية ويحب دوستويفسكي وكونراد وجويس وبروست وفوكنر الذي يعتمد على مثل ما اعتمد عليه من كثافة الاهتمام باللغة وشحنها. في المشاهد عنده أصداء من بعضها البعض، وثمة تكرار لها، وقلب وإعادة نظر من مختلف وجهات النظر ومن مختلف الزوايا وبكل التفاصيل، والزمن يرجع ويتقدم ويرجع من جديد مع تغير وجهات النظر.
{ هل تعتبر طفولتك سعيدة؟
قتل أبي في الحرب في أغسطس سنة 1914، وماتت أمي وأنا في الحادية عشرة، فبُعثتُ بعدها إلى مدرسة داخلية، وكانت مدرسة دينية تقوم على نظام شديد الصرامة. ومع أنني كنت يتيما في ذلك السن المبكر، أعتبر أن طفولتي كانت سعيدة إلى حد ما، بفضل المحبة التي أغرقني فيها أعمامي وعماتي وأقاربي.
{ ما اسم تلك المدرسة الداخلية؟
كلية ستانيسلاس، وهي في واقع الأمر مدرسة كنسية في باريس. أمي كانت متدينة للغاية وأرادتني أن أتلقى تعليما دينيا.
{ هل كانت لتلك المدرسة أية تأثيرات عاطفية أو فكرية عليك؟
أصبحت ملحدا. وهذا في تصوري واضح في كتبي.
{ كيف صاغك تعليمك الرسمي؟
حصلت منه على ما قد يسميه المرء قاعدة ثقافية ? اللاتينية والرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافيا والأدب ولغة أجنبية. العيب الضخم في التعليم الثانوي في فرنسا هو أنه لا يتيح المجال نهائيا أمام الكلام في الفن ? في الموسيقى والرسم والنحت والعمارة. لقد جعلوني، على سبيل المثال، أحفظ مئات الأبيات لكورنييه Corneille لكنهم لم يكلمونا مطلقا عن نيكولا بوسان Nicolas Poussin وهو أهم بكثير.
{ قاتلت في صفوف الجمهوريين في الحرب الأهلية الأسبانية، لكنك فهمت الوضع وتركت القضية. لماذا؟
لم أقاتل. أنا وصلت برشلونة في سبتمبر 1936 »في محاولة لأن أكون شاهدا أكثر مما أكون مشاركا في المسرحية الكوميدية الجارية في العالم«. هذا واحد من المبادئ التي وضعها ديكارت. حينما كتب ذلك، كانت كلمة الكومديا تعني كلَّ تمثيل مسرحي، كوميديّا كان أم تراجيديّا. ولم تكن هذه الكلمة بالنسبة لديكارت ? الذي عاش زاهدا يراقب ضعف الأهواء البشرية ? تنطوي على إيحاء تهكمي أو ازدرائي. بلزاك أيضا استخدم المفردة في مجموعة كتب بعنوان »الكومديا البشرية«، المخصصة في واقع الأمر لحكايات مأسوية.
لقد كانت العناصر الأدعى إلى الأسف في الحرب الأهلية الأسبانية هي دوافعها الأنانية، والمطامح السرية التي كانت تخدمها، والتأكيد على الكلمات الجوفاء المستخدمة من الجانبين، بدت كومديا، دمويةً بأبشع الطرق، ولكنها في النهاية كومديا. ومع ذلك ففي ضوء درجة الدموية التي كانت عليها الحرب، وكمّ الخيانة والغدر الذي تعلق بها، يصعب عليّ أن أعتبرها كومديا. أما ما الذي ذهب بي إلى هناك؟ فهو بطبيعة الحال تعاطفي مع الجمهوريين، وكذلك فضولي ورغبتي في مراقبة حرب أهلية، أن أرى ما يجري.
{ حياتك شهدت قدرا كبيرا من الحظ: كنت واحدا من القلائل في سلاح الفرسان الفرنسي الذين نجوا من معركة ميوس Meuse سنة 1940 التي جرت في الميدان الذي مات فيه أبوك. أسرك الألمان، ثم هربت من الأسر بعد ستة أشهر وانضممت إلى المقاومة. بعد هذه الفترة تقاعدت معتمدا على إرث من أهلك أمكنك به أن تكرِّس حياتك كلها للكتابة.
نعمت على مدار حياتي بقدر من الحظ لا يصدقه عقل. سنحتاج وقتا طويلا لكي نعدد كل حالات الحظ السعيد، غير أن هناك حالة واحدة تبرز بين جميع الحالات. في مايو سنة 1940، تعرضت فصيلتي لهجوم من الدبابات الألمانية. وتحت القصف، صدر الأمر الغبي بأن »قاتلوا مترجّلين« وأعقبه على الفور تقريبا أمر بأن »قاتلوا ممتطين الخيول متحركين«. وفيما أحاول وضع قدمي في الركاب، انزلق السرج. قلت إنه سوء حظ في غمار المعركة. ولكن ذلك ما أنقذني: فقد قاتلت مترجلا، ومن ثم كنت في نقطة ميتة، في مستوى لا يصل إليه القصف. أغلب الذين امتطوا الخيول انتهوا قتلى. يمكنني أن أحكي عشرة مواقف أو اثني عشر صادفني فيها هذا الحظ الطيب. وغالبا، كما في حالة الهجوم، يفكر المرء أن ما يصادفه إنما هو سوء حظ، ثم يتبين أنه العكس. بول فاليري كتب يقول »عندما نجمع كل الأشياء إلى بعضها البعض، لا تكون حياتنا إلا سلسلة من الويلات التي لم تلق منا ردود الفعل المناسبة«.
{ كيف هربت من معسكر الأسر الألماني؟
تمكنت من الركوب في قطار للسجناء كان الألمان ينقلونهم إلى فرونتشتالاج في الشتاء. كان المعسكر سيئ الحراسة. فهربت بعد وصولي مباشرة في وضح النهار، بأن انسللت من بين جنديين ألمانيين داخلا إلى الغابة. ومن هناك، ظللت متخفيا طول الطريق إلى أن وصلت إلى خط الحدود.
{ ما العمل الذي كنت تقوم به لصالح المقاومة؟
لم أكن في قلب المقاومة. ولكن مركز المخابرات العسكرية لحركة التحرير الوطنية الذي أداره الكولونيل فوبان كان في شقتي، في 148 شارع مونبارناس. وذلك منذ أبريل 1944 وحتى التحرير. دوري كان سلبيا، دور المضيف. بعد الحرب العالمية الثانية، كنت أعيش في باريس، وفي الصيف أعيش في بربيجنان في شرق البيرينيس. كنت أمتلك عدد صغيرا من مزارع العنب في ساليس Salses على بعد خمسة عشر كيلومترا من بيربيجنان. بعت هذه الأرض ولكن بقي لي بيت في قرية أقضي فيه الصيف.
{ متى بدأت الكتابة؟
لست متأكدا بدقة، أثناء خدمتي العسكرية فيما أعتقد.
{ ما الذي جعلك تكتب روايتك الأولى؟
الطموح إلى أن أكتب رواية.
{ قلت إن »إدراكنا للعالم مشوه ومنقوص ... وإن ذاكرتنا انتقائية. وإن الكتابة تحوَّل ...«. هل في هذا التحول علاج من نوع ما؟ هل ترى الكتابة نوعا من العلاج؟
لا. أكتب فقط من أجل المتعة، من أجل إنتاج شيء، وطبعا أكتب راجيا أن تتم قراءتي. والظاهر أن هذا الأمل ليس مستحيلا تماما في ضوء أن لي الآن آلاف القراء في كثير من البلاد.
{ هل كانت لكتابات سارتر وكامو تأثيرات كبيرة عليك؟
أعتبر كتابات كامو وسارتر تافهة تماما. أهم ما تتصف به كتابات سارتر أنها كاذبة وحاقدة. ولو أن لي أن أعترف بأي تأثيرات فهي تأثيرات دوستويفسكي، وتشيكوف، وجويس، وبروست، وفوكنر. كتاباتي كلها نتاج التجربة الشخصية.
{ يوصف بطل روايتك الأولى »المخادع« بأنه شديد القرب من ميرسوMeursault في الغريب؟
روايتي »المخادع« اكتملت تقريبا في ربيع عام 1941، قبل فترة لا بأس بها من »الغريب« لكامو. وقابلت المحرر الأول لأعمالي إدموند بومسيل أثناء الحرب. كان يهوديا. صادر الألمان دار النشر التي كان يمتلكها، دار The Sagittarius. كان لاجئا في المنطقة الجنوبية وطلب مني الانتظار إلى أن تنتهي الحرب كي ينشر »المخادع«. ووافقت. وإذن فليست هناك أي علاقة بكامو أو تأثير منه.
{ تشير إلى تأثير فوكنر وجويس وبروست على كتابتك. هل يضايقك أن يرى بعض النقاد أعمالك تقليدا؟
هؤلاء الذين يكتبون نقدا لا يوصف بغير الغباء أو الحقد لا أملك تجاههم إلا اللامبالاة. ولو أنني كنت أوليتهم أي قدر من الاهتمام، ما كنت أنجزت العمل الذي فاز بجائزة نوبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.