يحتفي مهرجان الصويرة كناوة وموسيقى العالم في الفترة الممتدة ما بين 14 و17 ماي المقبل ببلوغه سن الرشد الإبداعي ونضج مبادراته لصون الهوية التراثية المغربية كما سيجعل من إفريقيا إمتداده الفكري . وتستعد مدينة الصويرة لاحتضان فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم والمغرب يخطو خطواته الأولى نحو جعل من المهرجان تراثا شفويا وغير المادي على المستوى العالمي وإدراج الثقافة الكناوية في طلب تقدم به لليونسكو ضمن ضمن ذات التراث. وقد أشارت نائلة التازي عبدي، مديرة المهرجان، خلال لقاء صحافي نظم اليوم الخميس الماضي بالدار البيضاء لتقديم هذه التظاهرة الفنية، أن هذا المسعى، الذي تدعمه وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون «من المتوقع أن يتحقق بعد سنتين». وأعلنت نائلة التازي عبدي أن لجنا تابعة لليويسكو ستشرع في المستقبل من الأيام في القيام بالأبحاث والدراسات حول التراث الموسيقي الكناوي مؤكدة أن إنتاج وإصدار أنطولوجيا موسيقى كناوة، تعد مكونا أساسيا في الملف الذي قدمه المغرب لليونسكو. وبعد أن أشارت إلى أن بلوغ هذا المبتغى سيتزامن مع دخول المهرجان سنته العشرين، أعربت مديرة مهرجان كناوة وموسيقى العالم عن أملها في أن تكون هذه الذكرى الاستثنائية مناسبة للاحتفال بهذا الاعتراف الدولي بموسيقى وثقافة كناوة. لم تردد نائلة التازي عبدي في التأكيد على أن من اختيارات مهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي يعتبر منذ نشأته فضاء للتلاقح الفني، وهو يبلغ سن رشد إيلاء عناية كبيرة لنوعية الطبق الفني للمهرجان عوض الاهتمام بكم المشاركات في فعالياته. وأكدت مديرة مهرجان كناوة وموسيقى العالم، أن هذا الملتقى الفني، الذي يرتقب أن يجمع هذه السنة 300 من كبار الفنانين والموسيقيين من قارات العالم، من المتوقع أن يستضيف المهرجان، الذي عبرت شهرته مع توالي الدورات الحدود، أزيد من 500 ألف زائر سوف يتمتعون بطبق فني غني ومتنوع. وستشمل برمجة فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم في نسخته ال18 حفلات موسيقية فردية وأخرى للمزج، حيث ستقام العروض الفنية العمومية مجانا في خمس خشبات بمناطق متفرقة بالمدينة، هذا بالإضافة إلى سهرات إيقاعية و«ليلات» تجعل من موسيقى كناوة أرضية خصبة ينهل منها فنانون من مختلف بقاع العالم وتجعل من مشاركتهم،أيضا، منطلقا لإشعاع تراث فني كناوي عميق بجذوره المغربية وامتداده الافريقي. كما سيشارك في فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم في نسخته ال18 أكثر من 20 معلما كناويا، منهم من أصبحوا سفراء للمغرب وإفريقيا للتراث الموسيقى الكناوة ساهمو في التعريف وتمكينه من الاستمرارية بعدما ظل طي النسيان لفترة طويلة وساهموا ايضا بنزع الطابع الفولكوري عن هذا الفن الكناوي وجعله ارثا ثمينا يشهد على تمازج الطابع الافريقي للمغرب وبعده المتصوف كذلك. وستتيمز هذه المشاركة ب«الموكب» ينطلق من باد دكالة إلى ساحة مولاي الحسن بقيادة كناوة ولمعلمين يعلن انطلاق فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم في نسخته ال18 هذا في الوقت الذي ستحتضن فيه ساحة مولاي الحسن، التي أصبحت رمزا للمهرجان، الحفل الموسيقي الافتتاحي الذي سيجمع لمعلم حميد القصري في عرض فني مع الفنان الأفغاني حومايون خان حيث يأتي السيتار لملاقاة الكمبري في توليف متناغم بين أنغام المغرب والهند وأفغانستان فيما ستميز الحقل الختامي بعرض للمعلم محمود كينيا من المغرب وكريم زياد من الجزائر. هذا، وأوضحت نائلة التازي عبدي أن هذه الدورة تشكل بداية عهد جديد، أي عهد النضج والشراكة بين القطاعين العام والخاص، موضحة أن مدينة الصويرة، التي تساهم لاأول مرة في ميزانية المهرجان بمبلغ 12.5 مليو درهم، أصبحت مقتنعة حاليا بأن الوقت قد حان «للالتزام أكثر، والمساهمة في تمويل المهرجان للمساعدة على استمرار هذه التظاهرة». وأضافت مديرة مهرجان كناوة وموسيقى العالم أن مهرجان كناوة وموسيقى العالم ساهم بدون شك في التنمية اقتصادية والاجتماعية لمدية الصويرة عبر الثقافة التي تشكل وسيلة قوية تحمل رسائل السلام والانفتاح والإنسانية، مشيرة إلى أن كل درهم يستثمر في تنظيم المهرجان يعود بالنفع على مدينة الصويرة بما يعادل 17 دهما كمداخيل سياحية وتجارية. وفي معرض استحضارها لبعض محطات المهرجان، ذكرت نائلة التازي عبدي بأنه في سنة 1998، انطلق مهرجان كناوة و موسيقى العالم تحت شعار «الحرية، العيش المشترك، الكونية والإخاء» موضحة أن هذه هي إحدى مهام المهرجان الرئيسية منذ 18 سنة». ومن جهته، أكد المدير الفني للمهرجان، عبد السلام علي كان، أن هذا المهرجان مبني على حمولة ثقافية كبيرة وأن هذه الحمولة هي التي جعلت الشباب المغربي يميل لتراثه من خلال إنشاء مجموعات فنية راقية أصبح لها صيت عالمي. وستتميز دورة هذه السنة لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي فقد على امتداد 18 سنة 12 معلما كناويا، ستتميز بمشاركة فنانين عالميين كبار سيأتون لملاقاة كناوة (لمعلمين) بروح التقاسم والحوار في إطار أعمال فنية ثنائية كما ستعمل الحفلات الموسيقية الانتقائية على تحقيق التوازن بين كناوة والجاز والاكتشافات الموسيقية العالمية. وهكذا سيلتقي لمعلم حميد القصري في عرض فني مع الفنان الأفغاني حومايون خان، كما سيلتقي لمعلم محمد كويو مع طوني ألين من نيجيريا، في حين سيلتقي لمعلم عزيز باقبو مع جون الكناوي الأبيض (المغرب). وفي السياق ذاته، سيجمع عرض فني بين لمعلم مصطفى باقبو وميكيل نوردسو باند (الدانمارك)، كما سيجمع عرض آخر بين لمعلم حسن بوسو وكيني كاريت (الولاياتالمتحدةالأمريكية)، في حين سيجمع عرض آخر بين لمعلم محمود كينيا وكريم زياد من الجزائر. وستتميز فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم في نسخته ال18 بتنظيم ملتقيات وندوات، تركز على الجودة والأصالة والتقاسم، وفي هذا الصدد يتضمن برنامج هذه الدورة تنظيم الدورة الرابعة لمنتدى المهرجان بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الانسان «نساء قادمات» تحت شعار «نساء إفريقيات: الابداع والاسثتمار» بمشاركة أكثر من 30 باحث من إفريقيا جنوب الصحراء وآسيا وأوروبا. وبالموازاة مع تنظيم محطة يطلق عليها «شجرة الكلمات»، وهي عبارة عن منتدى للحوار والتبادل أحدث سنة 2006 ، ويعقد كل ظهيرة، ابتداء من الساعة الرابعة بالمعهد الفرنسي للصويرة، حيث يجري حوار حر في جو حميمي بين فناني كناوة وضيوف موسيقى العالم ستكون فعاليات مهرجان كناوة وموسيقى العالم في نسخته ال18 مجالا لإبراز ثمار شراكات لفائدة شباب الصويرة المبدع من خلال تنظيم ورشات تكوين لفائدة الشباب الموسيقين ضمن إقامات فنية.