لاتزال الحكومة المغربية مصرة على رفض إلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي المغربي، رغم المطالب المتواصلة التي ترفعها القوى السياسية والحقوقية ومختلف مكونات المجتمع المدني. وبدا واضحا الموقف المتصلب لحكومة بنكيران من هذه المسألة من خلال مشروع القانون الجنائي الذي تقدمت به وزارة العدل والحريات. والحقيقة أن هذا الإصرار كان متوقعا خصوصا أنه جاء بعد أسابيع قليلة عن امتناع الحكومة المغربية عن التصويت، أواخر دجنبر الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمرة الخامسة، على قرار وقف عالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام، معللة هذا الموقف بمبررات "هشة غير مقنعة وغير واضحة". واعتبر «الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام»، "هذا الإصرار والتشبث بهذا الموقف السلبي، تحديا للدستور ولفلسفة المادة العشرين منه، وسوء فهم كبير للمعاني القانونية والأخلاقية للحق في الحياة المتناقضة مع عقاب متوحش منتهك للكرامة مثل الإعدام". وتأسف الائتلاف "للصمت المريب الذي ميز موقف رئيس الحكومة المغربية ووزير خارجيتها تجاه عدد من المذكرات التي وجهت إليهما بما في ذلك موضوع التصويت على قرار وقف تنفيذ العقوبة أمام الجمعية العامة، والتي ظلت دون جواب، خلافا لقواعد التعامل الطبيعي مع هيئات المجتمع المدني ومع مرافعاته، وهذا من جهة أخرى ما يعني ويؤكد في نظر الائتلاف عدم وجود أية ذريعة مقنعة لا سياسيا ولا قانونيا ولا أخلاقيا تقدمها الحكومة لاتخاذ موقف سلبي أمام العالم وأمام تزايد عدد الدول المؤيدة للقرار الأممي". ومعلوم أن الفصل 20 من الدستور المغربي ينص على أن "الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق"، غير أن الحكومة المغربية وفي إطار تفسيرها الخاص لمنطوق الدستور، تعتبر أن هذا الفصل لا يعني أبدا إلغاء عقوبة الإعدام، كما سبق أن صرح بذلك مصطفى الرميد في البرلمان جوابا عن سؤال في الموضوع . وكان الفريق الاشتراكي بمجلس النواب تقدم في يونيو الماضي بمقترح قانون لإلغاء عقوبة الإعدام، وذلك بناء على مقتضيات الفصل 20 من الدستور المغربي سالف الذكر. وسبق للمغرب أن صادق على مجموعة من المواثيق الدولية التي تنص على احترام حق الفرد في الحياة، وفي الأمان على شخصه، ووقع على »العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية" منذ شهر" يناير" 1977، (صدق عليه سنة 1979)، الذي ينص في مادته السادسة على أن " الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان". غير أن المغرب لم يقم بعد بالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وتم اعتماده من الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار رقم 44/138 تاريخ 15 دجنبر 1989. وهذا العهد الذي يعد أول تنصيص ملزم بالإلغاء، إذ جاء في مادته الأولى على أنه " لا يعدم أي شخص خاضع للولاية القضائية لدولة طرف في هذا البروتوكول.وتتخذ كل دولة طرف جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية". وكان رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، قدم ، أمام البرلمان المغربي ، تقريرا بشأن الوضع الحقوقي في المغرب، حيث دعا خلاله إلى "إلغاء عقوبة الإعدام وحماية حق التظاهر السلمي ومناهضة التعذيب" . وقال إدريس اليزمي، مخاطبا البرلمانيين، إن "المجلس يؤكد على موقفه الداعي إلى انضمام بلدنا للبروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام وأن تعمل بلادنا على التصويت الايجابي على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام" . وذكر أن البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يلزم الدول الموقعة عليه بإلغاء عقوبة الإعدام، ومنع تنفيذها، وإلغاء هذه العقوبة من جميع القوانين الجاري العمل بها في الدولة الموقعة عليه. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة طرحت هذا البروتوكول الاختياري، الذي يعد بمثابة مشروع قرار لإلغاء عقوبة الإعدام من القوانين الجنائية والعسكرية للدول الموافقة عليه، للتصويت والمصادقة في أربع مرات سابقة، وافقت عليه حوالي 160 دولة عضو بالأمم المتحدة من أصل 193 أعضاء بهذه الهيئة الأممية، فيما امتنع المغرب خلالها جميعها عن التصويت.