أجمعت كل الشهادات التي ألقيت في الذكرى الاربعينية لوفاة الفقيد أحمد بنجلون، على الخصال وصلابة الفكر والمبدأ التي ميزت الفقيد. وكانت شهادات معبرة عن رجل مارس النضال بعزيمة قوية وثبات ، ما كانت كل المحن التي مر منها من اعتقالات وتعذيب إلا لتزيده قوة وشهامة وحبا لهذا الوطن . وكانت أقوى الشهادات شهادة العائلة التي قدمها ابنه محمود عمر بنجلون ، مساء يوم السبت الماضي بالمكتبة الوطنية بالرباط والمنظمة من طرف حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بحضور الطيف السياسي من اليسار ومناضلين ونقابين وجمعويين، أبوا إلا أن يحضروا وفاء لمبادئ الرجل الفقيد أحمد بنجلون أخ الشهيد عمر بنجلون، يتقدمهم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي. يقول محمود عمر بنجلون عن علاقته بوالده "منذ صغري وأنا أحاول أن أبتعد وأبعده عن السياسة، لكنني أجده دائما ينغمس فيها وهو طقس يومي اعتاد أن يرافقه من صغره ، كان مهووسا بالسياسة وحب الوطن ، مدافعا عن المبادئ بشراسة وبتفان في خدمة الشعب ويقول لي الحزب قبل العائلة" . كان الفقيد أحمد بنجلون شخصية فذة متعددة المواهب، عاش تجربة النضال المسلح والاعتقال المرير، وعرف مساره النضالي تداخلا بين السياسي والنقابي والحقوقي والعمل الصحفي من خلال مواقف ثابتة بصراحة وشجاعة، حيث كان دائما الى جانب المظلومين والمعتقلين . ومن أقوى اللحظات التي لا تنسى، يقول ابنه محمود عمر بنجلون، مكالمته الملحة لاستشارتي حول شيء مهم: اجبت الوالد على الهاتف ... فقال لي: -ان السيد فؤاد عالي الهمة كلمه من طرف ملك البلاد لاستشارته في العفو عن منفذي جريمة اغتيال الشهيد عمر بنجلون لأسباب صحية ... فبدوري أريد الاستشارة معك- ... انتابني شعور خطير بالمسؤولية، واحسست كأنني رجل دولة أستشار في شؤون كنت أعتقدها أكبر مني ، مثل ملف عمر بنجلون. استحضرت صورة بابا الفاتيكان الذي زار ذلك الكردي الذي حاول اغتياله ... فقلت له -انهم منفذون وأعرف انك متسامح رغم قساوتك، موقفي المتواضع مع العفو ... خاصة إذا عرف المعنيون بالأمر بهذه المشاورة النبيلة...ويبقى لك واسع النظر-. قال لي رحمه الله -أنا من أعرف معنى الاعتقال ... والنطق بالإعدام أو المؤبد" كما أنه أعجب باستشارة الملك وأنه سيؤيد قراره-. ويستذكر محمود عمر ذكريات كانت لتعوض غياب الفقيد ... المبرر ببناء التنظيمات الحزبية و النقابية حيث قال:" أتذكر كيف كنت طفلا أو مراهقا منصهرا مع الجماهير، مصحوبا بوالدتي او عائلات المناضلين، أستمع لخطاباته أو مداخلاته حول الطبقة العاملة أو القضية الفلسطينية أو حقوق الانسان... أو أستمع لحكاياته في فلسطين ومدريد وباريس والجزائر العاصمة ودمشق، وعلاقاته مع أخيه عمر ،وكيف التقى بالمهدي بن بركة وهو شاب، مفتخرا بشهادة الشهيد المهدي الذي قال لعمر بنجلون عن اخيه احمد "هادو شكل اخر من المناضلين. " وفي كلمته الافتتاحية لعبد الرحمان بنعمرو الكاتب العام للطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ارتأت الكتابة الوطنية للحزب، بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة المناضل الكبير الأخ أحمد بنجلون، أن تصدر مجلة تتضمن شهادات محدودة، ومختصرة لمن عايشوا جانبا من جوانب شخصيته الفذة والمتعددة، كمرافقته في محطات النضال المسلح، وتجربة الاعتقال المريرة التي وشمت روحه وجسده وزادته إصرارا وصلابة، والذين كانوا شهودا على مساره في النضال السياسي داخل الحزب أو لعمل النقابي والاجتماعي والحقوقي والعمل الصحافي. وتميز الحفل بشريط يرسم ذكريات الفقيد أحمد بنجلون ومساره النضالي والحقوقي.