سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في اللقاء المغربي الإسباني بطنجة : حبيب المالكي: أوربا خيار استراتيجي، ومفتاح المغرب إلى أوربا هي إسبانيا عبر الأندلس مثلما مفتاح أوربا وإسبانيا إلى جنوب الصحراء هو المغرب
نبه الأستاذ حبيب المالكي إلى ما يشكله الانفتاح العشوائي من أخطار وأضرار تحدق بالمصالح الاستراتيجية للمغرب. وقال في محاضرة له ألقاها صباح أول أمس الأربعاء25 مارس الجاري بمقر جهة طنجةتطوان، في إطار أشغال المحاضرات الدولية الإسبانية المغربية، التي تنظم من قبل جامعتي أندلسيا الدولية وعبد المالك السعدي. «في السنوات الأخيرة أصبح هناك تناقص كبير لما نصدره، وتكاثر كبير لما نستورده من أوربا والعجز المالي الذي يزيد تفاقما يعبر عن بنية الاقتصاد المغربي والاقتصاد الأوربي، ومرده عدم وجود قاعدة صناعية مما لا يساعد على وضع اقتصاد متقدم. وتجربة رونو تجارية وليست صناعية رغم أهمية المشروع الكبيرة لأن التركيز على التركيب وليس الانتاج يعني التجارة، ولابد من مراجعة هذا المشروع إن نحن أردنا تحوله لقاعدة تصنيعية». وأضاف حبيب مالكي «إن الانفتاح العشوائي الذي يكون في خدمة بعض المجموعات يقود إلى المجهول، ولابد من قاعدة صناعية متينة جدا وكل التجارب أكدت ذلك.. إن إسبانيا لها قاعدة صناعية وضعت في دول أمريكا اللاتينية التي تعتبر من الدول الصاعدة.. وعلينا مراجعة بكيفية جذرية النموذج التنموي السائد حاليا ببلادنا، وإلا سيكون هذا النوع من الانفتاح كارثة ليس فقط صناعية وإنما اجتماعية ،وإذا حصلت هذه الكارثة فستكون لها كلفة سياسية، ومن ثم» يشير حبيب المالكي،» التبادل الحر يجب أن يكون متكافئا ومتوازنا، ومن مصلحة أوربا ذلك إذا كانت تريد للشراكة أن تكون أداة للاستقرار الذي لم يكن ليعني قط بالنسبة للمغرب الدعم أو البحث عن التمويل، فلقد أصبحت اليوم له تداعيات أخرى لم تكن في السنوات الماضية، وهذا ما يدفعني إلى القول بأن المغرب استفاد من أوربا لكن بتحفظ، ولذلك فإن مراجعة النموذج الاقتصادي ببلادنا والذي أصبح بدون نفس هو مسألة ضرورية». وأكد حبيب المالكي أن مفتاحنا لولوج الفضاء الأوربي لأجل اندماج اقتصادي، يمر عبر إسبانيا لأنها من الركائز القوية لسياسة الجوار ولأنها ممر طبيعي من خلال السياحة والنقل، وهنا لابد من التذكير بحلم الربط القاري. فالجيل الجديد على مستوى اتخاذ القرار والاقتصاديون بإسبانيا»، يقول حبيب المالكي، « يريدون تحقيق هذا الحلم الذي يعني الرجوع إلى الذاكرة، وعلى الأندلس أن تعمل من أجل إحياء هذ الحلم القابل للإنجاز، سيما وأن الدستور المغربي لسنة 2011 في تصديره أكد على تعدد الهوية المغربية، وبشكل دقيق أشار إلى البعد الأندلسي.. وهذا التأكيد في القانون الأسمى للبلاد، لابد من أخذه بعين الاعتبار لأنه يذكرنا بأن القاسم المشترك الذي يجمعنا له بعد ثقافي .ولا نبالغ إذا قلنا إن تاريخنا وذاكرتنا مشتركة وهذا يعني أن مفتاح المغرب لتحقيق تعاونه مع الاتحاد الأوروبي، هو إسبانيا عبر الأندلس. وبخصوص الوضع الحالي للاتحاد الأوروبي قال حبيب المالكي، «هناك تيار سياسي شعبي في أوروبا بدأ يشكك في البناء الأوروبي، ونلاحظ ذلك من خلال بعض نتائج الانتخابات هنا وهناك.. فما تم بناؤه منذ 1959 ، يسائلنا اليوم لأن الأمر لا يتعلق بمسألة أوروبية أوربية ،وهذا يسائلنا نحن في المغرب كذلك لأن لذلك انعكاسات على المغرب، خاصة وأن هذه الأزمة عصفت بدول مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال وفرنسا لها واجهة متوسطية، وهذه الأزمة لها انعكاسات سلبية على المغرب تجاريا واقتصاديا. وتعلمون أن الأزمة التي بدأت في 2007/2008 كانت لها مضاعفات منذ 2011/2012 ، وهذا واضح من خلال مؤشرات تهم السياحة وعائدات المهاجرين المغاربة، وتراجع الاستثمارات مما يعني أن لذلك انعكاسات سلبية على مسار التنمية ببلادنا. ولأجل ذلك فإن أوروبا بالنسبة للمغرب هي خيار استراتيجي، ليس لأنه خيار أملته ظرفية معينة ولكن لأسباب تاريخية وثقافية وجيوسياسية واجتماعية، ومفتاح المغرب إلى أوروبا هي إسبانيا عبر الأندلس مثلما مفتاح أوربا وإسبانيا إلى جنوب الصحراء هو المغرب. وقال حبيب المالكي «إن مصيرنا مرتبط بمستقبل ومصير أوروبا، وهذا يعني أن المغرب اختار مجتمعا ما واقتصادا ما، وأن هذا الاختيار يتطلب أن يتأسس على ضرورة احترام القيم والسلوكات والالتزام بحريات لها طابع أخلاقي وفلسفي. واختيارنا لأوروبا ليس تجاريا أو اقتصاديا أو لأننا نبحث عن التمويل.. وإذا كنا قدمنا طلبا لنكون أعضاء في الاتحاد الأوربي، فذلك له معنى في تطور العلاقات مع أوروبا.. فمسلسل برشلونة كانت نتائجه ضعيفة بالنسبة للمغرب، والوضع المتقدم هو وضع من منظور أوربي.. وعلينا أن نستحضر دائما في نظرتنا للمستقبل هذ البعد الاستراتيجي، بارتباط مع جيراننا في الضفة الشمالية المتوسطية. ففي سنة 1959 كان المؤسسون للاتحاد الأوروبي 6 دول وكان المنطلق تجاريا. البعد السياسي كان غائبا لأسباب عملية لأن البناء الأوروبي في البداية استوجب التأسيس على ما هو تجاري وما هو اقتصادي. والتحول الكبير الذي شهده الاتحاد الأوروبي مرتبط بشكل كبير بانضمام إسبانيا والبرتغال له، بحيث أصبح البعد المتوسطي في البناء المتوسطي يفرض نفسه في كل ما تبادر به أوروبا، والفضل يرجع بالدرجة الأولى إلى إسبانيا. ولعل السياسة الجديدة للجوار التي وضعت سنة 2005 خير دليل على ما نقول. ولذلك»، يشدد حبيب المالكي،» نسجل الدور الإيجابي لإسبانيا في إدماج البعد المتوسطي في البناء الأوروبي، الأمر الذي أثر بشكل إيجابي على التوازن الجديد ما بين أوروبا الشمالية وأوروبا الجنوبية، وعلينا أن نعي جيدا أن مركز القرار الأوربي ليس هو بروكسيل وإنما النفوذ الألماني بالتعاون أحيانا مع فرنسا. ونحن كبلد ينتمي للضفة الجنوبية، ندعم كل المبادرات الإسبانية لاسترجاع التوازن في الاتحاد الأوروبي بين شماله وجنوبه.»