تحتفي المرأة المغربية بعيدها الأممي بطعم الانتصار لبعض قضاياها العادلة والنضال لانتزاع الكثير منها، العالقة، صونا لكرامتها وذاتيتها. ولا يمكن بأي حال أن تمر المناسبة دون أن نستحضر دور المرأة المهم في تحقيق الاستقلال، حيث بصمت بفضل نضالها و حضورها المتميز في أعتى المحطات التاريخية التي مر منها المغرب و أحنك الظروف في مقاومة المحتل الإسباني والفرنسي. إن الأجيال الصاعدة مدعوة لقراءة تاريخ بلادها والتأمل في نضالات جيل مقدام مقاوم لاقتفاء الأثر واستشفاف العبر من جيل كبير كبر التضحيات ، رجالا ونساء ، استرخصوا حياتهم وقدموا دمائهم قربانا للبلاد ضد المستعمر وغطرسته حتى ينعم كل المغاربة بالعيش الكريم و السيادة المطلقة على أراضيه. من بين الأسماء النسوية التي قاومت الاحتلال الفرنسي الغاشم و التي رسمت مسارها النضالي في إطار الحركة الوطنية والتحررية، السيدة" زهرة مهتاد" و التي استحقت أن تحمل بحق لقب "الوطنية" التي اعتاد البيضاويون تسميتها به ، فقد عرفت بجهادها وصلابة جأشها منذ بدأ تاريخها النضالي في مجزرة 1947 بالدارالبيضاء أو «ضربة ساليغال» وعايشت أحداث دجنبر 1952، بعد نفي السلطان محمد الخامس، فتحدت جبروت المحتل و قاومت سياط المستعمر، بالتنسيق مع المقاومين الوطنيين الأحرار، ومساعدة زوجها الشهيد محمد عزيزي بن بوشعيب الذي أعدمه المستعمر، فلم يكن من ذلك أن ينال من عزيمتها ورفضت الخنوع للفرنسيين والتعاون معهم بالكشف عن مكان السلاح الذي خبأه زوجها الشهيد، مستعملين معها كل أساليب الضغط و تضييق الخناق عليها بالعنف والتهديد بالرصاص. استماتة " الوطنية" جعلت المستعمر يسجنها لسنتين أنجبت فيها خلالها ابنها البكر حيث ذاقت في السجن كل انواعالمذلة والمهانة والمعاملة اللاانسانية كالتعذيب بالكهرباء والضرب والتعليق وإطفاء أعقاب السجائر في وجهها و الجوع و الترويع.. انضمت زهرة مهتاد إلى «جمعية اليد السوداء» لقد كونها الفدائيون حيث تحول الكفاح الوطني إلى كفاح مسلح، و أسندت إليها مهمة تركيب السلاح و تفكيكه و إخفائه (غالبا ما تضعه في ملابس رضيع تحمله على ظهرها لإيهام المستعمر) وتسهيل نقله إلى المقاومين، وكانت تصنع القنابل اليدوية و تساعد الرجال على تنفيذ مخططاتهم الفدائية و تخبأ المسدسات والذخائر بعيدا عن منزلها في حفر مخصصة لها لحين احتياج الفدائيين لها. فكانت بحق هذه المرأة الوطنية و نساء أخريات مثالا للشجاعة والإقدام، لا تهاب القمع و سياط المحتل و لا السجن أو المعتقل. و من أهم العمليات التي شاركت فيها عملية مرس السلطان التي تم فيها تفجير قنبلة بالسوق المركزي "المارشي سنطرال" وهو مكان حيوي مكتظ بالأوروبيين فبعد أربعة أشهر على نفي السلطان ، قرر الفدائيون ومن ضمنهم المقاومة زهرة مهتاد تنفيذ سلسلة عمليات فدائية في نفس اليوم، بالحي الأوروبي كرد فعل ضد الاستعمار الغاشم. إن السيدة زهرة مهتاد كغيرها من المقاومات يعتبرن أن الكفاح ضد المستعمر أكبر من التدوين أو اقتناص الفرص لاستهلاكه إعلاميا، فالبنسبة لهن جميعا لا مزايدة في النضال و لا مزايدة على حب الوطن و الإخلاص له، وحسبهن أنهن كتبن أسماءهن في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد بحروف من ذهب.