لقيت المداخلات التي عرفها اليوم الدراسي حول اللاتركيز الذي نظمته جمعية الجهات المغربية يوم 24 دجنبر الجاري، إقبالا كبيرا بحضور رؤساء الجهات و المهتمين بالموضوع. و قد افتتح هذا اللقاء سعيد شبعتو، رئيس الجمعية، فأبرز أهمية الموضوع نظرا لكون الجهوية و اللاتركيز يكونان موضوع الساعة بالنسبة لبلادنا. فبعد أن ذكر بأن اللاتركيز الإداري يعتبر وسيلة لإعادة توزيع الصلاحيات داخل جهاز الدولة بين الإدارات المركزية و الإدارات اللاممركزة على الصعيدين الجهوي و الإقليمي، أكد على أن الغاية من اللاتركيز هي توخي النجاعة في العمل وتبسيط الوسائل والمساطر عن طريق إدارة القرب تكون أكثر ملاءمة لحاجيات المواطنين ولانتظارات الجماعات المحلية، كما أنه لا يمكن تصور نجاح سياسة اللامركزية دون وضع أسس متينة للاتركيز الإداري باعتبار التلازم والتكامل الناتج بينهما. وذكر شبعتو بالخطاب الملكي السامي الذي دعا إلى إعداد ميثاق لعدم التمركز يقوم على نقل الصلاحيات والموارد البشرية والمالية اللازمة للجهات. وخلص شبعتو إلى أن اللاتركيز الإداري يجب أن يحكمه إطار قانوني أو تنظيمي واضح حتى تكون الإدارات اللاممركزة قادرة على اتخاذ القرار داخل المجال الترابي الجهوي، مع توفر النخب بالنسبة للجهوية الموسعة تكون مؤهلة لحسن تدبير الشأن الجهوي. وتدخل المعطي بنقدور، رئيس جهة الشاوية ورديغة، فأكد على أن الجهوية حلقة رئيسية في استكمال الصرح المؤسساتي و الديمقراطي ببلادنا، ويتوقع أن تعرف الجهة في إطار مفهوم الجهوية الموسعة إصلاحات هامة تؤهلها للعب أدوار جديدة و طلائعية في مسلسل تدعيم الديمقراطية المحلية، خصوصا بعد خطاب جلالة الملك في 6 نونبر 2008. ومن أجل تحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة، لا بد و أن ترتكز الجهوية الموسعة على أربعة مرتكزات : التشبث بمقدسات الأمة و ثوبتها، والالتزام بالتضامن و اعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات والإمكانيات، وأخيرا انتهاج اللاتمركز الواسع. بعد ذلك، تدخل علي بوعبيد، رئيس مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، فأكد على أن اللاتركيز هو قضية تنظيم داخلي للدولة يروم النجاعة في السياسات العمومية في ما يخص البرمجة و التطبيق والتتبع.كما يهدف إلى التقرب من المواطنين من خلال خدمة مصالحهم و تبسيط المساطر الإدارية، و أخيرا، تواجد مخاطب بالنسبة للجماعات المحلية قادر على أخذ القرارات على المستوى المحلي. ومن أجل التوصل إلى هذه الأهداف، حلل علي بوعبيد الوسائل التي يجب أن تتوفر لإنجاح اللاتركيز الإداري. و انتقل إلى مشروع الجهوية الموسعة، فأشار إلى أنها ترتكز على : مرجعية استراتيجية و هي الرسالة الملكية المتعلقة بتنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية وعلى وضع خريطة طريق لمشروع الجهوية من طرف هذه اللجنة و على ضرورة تطبيق اللاتركيز أولا للتوصل إلى الجهوية الموسعة المنشودة. أما مداخلة الأستاذ ابراهيم الزياني فقد حللت أسباب إخفاق اللاتمركز نظرا لتمسك المسؤولين باختصاصاتهم و غياب الادوات و المناهج. كما أن اللاتمركز لا ينبغي أن ينحصر على الجهة أو على اختصاصات الوالي، بل يجب أن يشمل جميع مكونات اللاتمركز. فنظام اللاتمركز يجب أن يوضع في قلب إشكالية إصلاح الدولة، لأنه يعتبر رافدا من روافد التنمية المجالية. أما الجهوية المتقدمة، فتطرح إشكالية علاقات المصالح الخارجية مع السلطة الجهوية. وتطرق المصطفى فائق في مداخلته إلى جوانب الميزانية في اللاتركيز حاليا، في سياق تحديث الإنفاق العمومي من طرف وزارة المالية، فاللاتركيز يفرض تفويض اعتمادات و سلطات الآمر بالصرف المركزي نحو الآمر بالصرف المحلي، بحيث يجب ألا يقتصر على تفويض التوقيع، بل تفويض الاعتمادات و المسؤوليات. فمنذ 2001 يقول السيد الفائق، تم تناول لاتركيز الميزانية في المغرب في إطار الإصلاح الشمولي للنفقات العمومية الذي ارتكز على الشمولية في الاعتمادات و العقلنة و البرمجة لعدة سنوات و تدبير يعتمد على النتائج. وجاء مرسوم 2005 لتوضيح مساطر اللاتركيز الإداري بتحديد دور الإدارات المركزية و المصالح اللاممركزة. أما القانون المالي لسنة 2006 ، فقد جاء بتوزيع اعتمادات الاستثمار للوزارات حسب كل جهة. ففي مدة عشر سنوات، كانت النتيجة إيجابية لكون لاتمركز ميزانية التجهيز بالنسبة لبعض الوزارات انتقلت من 20% إلى 60%، كما هو الشأن بالنسبة لوزارة الصيد البحري. غير أن هذا اللاتركيز يبقى هشا و غير تام ما دامت الميكانيزمات غير مسطرة في القانون التنظيمي للمالية.