يبدو من خلال تقارير السفارة الامريكية بباريس، أن واشنطن وجدت صديقا حقيقيا في فرنسا في شخص الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم يصل الى قصر الاليزي بفرنسا رئيس مقرب ومغرم بالنموذج الأمريكي إلى حد الاستيلاب، وهو ما عكسته مختلف التقارير التي بعثت بها الهيئة الديبلوماسية الامريكية من باريس نحو المصالح الخارجية بواشنطن، خاصة ان إعجاب ساركوزي لا يقتصر عن ما هو عاطفي، بل يؤمن بأهم القيم التي تدافع عنها امريكا. فهو «ليبرالي، أطلنتي وطائفي». فمختلف هذه التقارير عكست تصور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمقربين منه للعلاقة بين البلدين، بل ان التقارير التي نشرها «ويكيليكس» عكست ايضا ان واشنطن تعرف جيدا ساركوزي والمقربين منه قبل ان يصبح رئيسا للجمهورية، كما أن الرئيس الحالي وأصدقاءه كانوا يلتقون «ممثلي الديبلوماسية الامريكية» بباريس بانتظام وكذلك اهم الشخصيات الامريكية التي تمر بها. أهمية هذه التقارير أنها تعرفنا بمختلف جوانب شخصية رئيس الجمهورية الفرنسية، احد البلدان القريبة والصديقة للمغرب بشكل كبير ، وهذه التقارير تعكس التحول الذي عرفته السياسة الفرنسية تجاه العالم العربي وتجاه واشنطن وتل ابيب. لكن السؤال المطروح اليوم: هل تغيرت السياسة الخارجية الفرنسية بعد «رحيل» كوشنير صديق امريكا واسرائيل وتعويضه بوزيرة جديدة للخارجية اليو ماري المعروفة بانتمائها الدوغولي ؟ هل يعني ذلك تحول في السياسة الخارجية الفرنسية بعيدا عن خط كوشنير واصدقائه، اي الخط الاطلنتي؟ بعض الملاحظين يرون ان بوادر هذا التحول بدأت قبل «رحيل» وزير الخارجية بيرنار كوشنير حيث كان قصر الجمهورية يتابع العلاقة مع سوريا ولبنان ،وهي إحدى ركائز الخارجية الفرنسية ، مباشرة وبعيدا عن وزارة الخارجية .بعد التغييرات الحكومية الاخيرة ووضع شخصيات دوغولية بوزارة الخارجية اليو ماري ووزير دفاع جديد آلان جيبي ، الكل ينتظر اليوم بروز هذا التحول في السياسة الخارجية لفرنسا وعودتها إلى سياسة التميز داخل «العائلة الغربية» تجاه قضايا الشرق الاوسط وأفغانستان وروسيا. هذه التقارير رصدت أيضا «الصعوبات» التي عرفتها العلاقات الفرنسية المغربية في الشهور الاولى لوصول ساركوزي واختياره تخصيص الجزائر بأول زيارة بدل المغرب كما جرت العادة الفرنسية وفقدان فرنسا لصفقة الرافال، لكن بعد ذلك عادت العلاقات الى سابق عهدها الى علاقة تفاهم وصداقة وتبادل للمصالح. لرصد هذه السياسة الفرنسية وارتباطها برئيس الجمهورية، نقدم للقراء عددا من البرقيات التي نشرها موقع ويكيليكس، وترجمتها العديد من الصحف الفرنسية، وهي برقيات ترصد شخصية رئيس الجمهورية وتحكمه في دواليب الخارجية الفرنسية التي غلب عليها الطابع الشخصي. ارتياح أمريكي من المرشح نيكولا ساركوزي الرغبة في التقارب مع واشنطن جعلت المرشح نيكولا ساركوزي يعلن عن طموحاته الرئاسية الى الامريكيين في غشت 2005 ، اي 16 شهرا قبل ان يكشف هذا الطموح الى الفرنسيين في نونبر 2006 ،عندما اخبر السفير الامريكي كريغ سطابيلطون وكذلك المستشار الاقتصادي لرئيس بوش الان اوبارد. . بالنسبة للفرنسيين الجميع كان يعرف نية ساركوزي في الترشح الى الانتخابات، لكن اعلان ذلك القرار الى الامريكيين بشكل رسمي قبل غيرهم جعلهم يعتبرون ذلك سلوكا يعكس الثقة التي يخصهم بها المرشح الجديد للرئاسة. ساركوزي لم يخف للديبلوماسية الامريكية، حسب نفس التقرير، الاعجاب الكبير بشخص الرئيس الامريكي جورج بوش الابن، بل انه لم يتردد امام الديبلوماسيين الاجانب، في انتقاد سياسة بلاده حول معارضتها احتلال العراق « ساركوزي اشتكى من الوضعية المضطربة للعلاقات الفرنسية الامريكية في السنوات الاخيرة»، واضاف الديبلوماسي في تقريره « إن ساركوزي أكد ان ذلك أمر لن يقوم به هو أبدا عندما يصبح رئيسا ، في حديثه عن الرئيس شيراك ووزير خارجيته دومنيك دوفيلبان اللذين استعملا حق الفيتو بمجلس الامن ضد القرار الامريكي بغزو العراق سنة 2002، واعتبر رد فعلهما غير مبرر ومبالغ فيه.»واضاف انه كان سينصح الولاياتالمتحدةالامريكية بعدم غزو العراق، ويضيف ان ذلك لن يمنع « ان إحساسه يكون شخصيا عند موت جندي امريكي في المعركة» . يضيف التقرير ان نيكولا ساركوزي بمناسبة مرور المستشار الاقتصادي للولايات المتحدةالامريكية بباريس قال في حديثه «ان الفرنسيين ينعتونه بساركوزي الامريكي، وهي سبة بفرنسا، لكنني اخذها كمديح» بل ان ساركوزي أضاف « يجد نفسه بشكل كبير في القيم الامريكية» ويضيف في نفس السياق « انه عندما كان طفلا كان يقول لأبيه انه يريد ان يصبح رئيسا للجمهورية ، ووالده الذي كان من أصل مجري، اجابه : في الحالة هذه عليك الهجرة الى الولاياتالمتحدةالامريكية، لأنك باسم مثل ساركوزي لن تنجح بتاتا في هذا البلد». كان علي اثبات العكس » يقول ساركوزي « الحجر الاساس لهذا النجاح هو ان اصبح رئيسا وان أغير فرنسا ». ويختم السفير الامريكي تقريره بالقول ان «ساركوزي جد أمريكي بشكل لافت» ويرى وصوله الى الرئاسة بمثابة انعكاس لأسطورة امريكية. ساركوزي حسب نفس التقرير، تميز بمعارضته للغزو الامريكي للعراق ومعارضته للفيتو الفرنسي ضد الولاياتالمتحدة في نفس القضية.لكنه في سنة 2006 سوف يذهب بعيدا اثناء مرور وزير العدل في ادارة بوش البيرتو كونزاليس بقوله إنه في حالة انتخابه رئيسا للجمهورية يمكنه ان يرسل الجيش الفرنسي الى العراق ، «ساركوزي صرح أن فرنسا والمجتمع الدولي سيساعدان الولاياتالمتحدةالامريكية على حل المشكل العراقي من خلال فرضية تعويض الجيش الامريكي بقوات دولية» كتب السفير الامريكي بباريس. في هذه الفترة كان مستشارو وزير الداخلية الفرنسية نيكولا ساركوزي ورئيس حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية ، يزورون بانتظام السفارة الامريكية ولا يترددون بانتقاد ،الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيره الاول دومنيك دوفيلبان ، وهو ما كان يرضي بشكل كبير مخاطبيهم الامريكيين. واذا كان فرانسوا فييون يقول بشكل معتدل «ان حكومة برئاسة ساركوزي هي المؤهلة بشكل ملائم للعمل مع الادراة الامريكية » فآخرون كانوا يعدون بتحولات اكثر جذرية. باتريك دوفيدجون تحدث « عن إرادة فرنسية جديدة تحت ادارة ساركوزي ، لمساندة الاهداف الامريكية بالعراق بشكل دينامي » . واشتكى ان الفرنسيين « لا يهتمون اكثر بمنظمة الحلف الاطلسي » كتب السفير الامريكي في تقريره من باريس. اثناء تظاهرات الشارع ضد حكومة دومنيك دوفيلبان عاد باتريك دوفيدجون الى السفارة الامريكية معلنا بشكل يعكس حالة من انتصر في معركة « موت الطموحات الرئاسية لدومنيك دوفيلبان». بريس اوروتوفوه وزير الداخلية الحالي من الأشخاص الذين تعكس التقارير الامريكية ترددهم المستمر على السفارة الامريكية. فيما يخص هيرفي دو شاريت وزير الخارجية السابق ومسؤول العلاقات الخارجية بحزب الاتحاد من اجل حركة شعبية،فإنه بعد سنتين يأخذ« مبادرة جيدة» يقول التقرير من خلال اتصاله الهاتفي بالسفير الامريكي هوارد ليتش للحديث عن «الصداقة » و«التعاون » مدينا في نفس الوقت «الحرج الذي خلقه جاك شيراك للعلاقات الفرنسية الامريكية » ، ووعد أن الاتحاد من اجل حركة شعبية يريد ان تكون « العلاقة بالولاياتالمتحدةالأمريكية أساس الديبلوماسية الفرنسية». هذا السلوك غير المسبوق لهرفي دوشاريت حسب التقرير الامريكي «تم باسم رئيس حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية نيكولا ساركوزي. والآراء التي عبر عنها تعكس بشكل واضح انه الرجل المناسب القادر على وضع حد لرئاسة جاك شيراك ». الرجل الذي يمكنه أن يغير فرنسا تحت هذا العنوان، كتب السفير الامريكي هوارد ليتش تقريرا مطولا يرسم فيه «بورتريها» لمرشح اليمين الفرنسي نيكولا ساركزي، وذلك قبل أن يعلن ترشيحه الرسمي.« هو شخص جد معجب بأمريكا ويؤمن بقيم السوق الحرة...يتخذ اجراءات قوية لمحاربة الجريمة والارهاب...وهو جد دقيق في حاجة فرنسا الى تجاوز الافكار المناهضة لامريكا... نيكولا ساركوزي هو الرجل السياسي الفرنسي الذي يدعم الدور الامريكي في العالم ...يتم نعته «بساركوزي الامريكي» ، وقربه من أمريكا هو أمر حقيقي ويأتي من عمق قلبه... والسفير الامريكي في هذا التقرير المطول يساير فرحه وإعجابه ليقرر مع نفسه إن « ساركوزي سيكون رئيسا لفرنسا مدة حقبتين، اي عشر سنوات». في هذه الفترة سوف يلتقي جورج بوش لأول مرة بشكل مقتضب نيكولا ساركوزي.وكل شيء رتبه السفير الامريكي بشكل مدقق بالبيت الابيض ،في لقاء مع المكلف بالامن القومي الامريكي بالبيت الابيض ستيفان هادلي مع وزير الداخلية الفرنسي، وكان مقررا أن الرئيس جورج بوش يزور بشكل خاطف الاجتماع من اجل تحية نيكولا ساركوزي وزير الداخلية الفرنسي آنذاك. ساركوزي عبر عن عرفانه بهذا السلوك، اي أن الرئيس الامريكي وجد لحظة في اجندته لتحيته. نيكولا ساركوزي عبر عن فخره واعتزازه بلقائه بالرئيس الامريكي جورج بوش.كما عبر أن الرئيس جاك شيراك مارس عليه ضغوطا حتى لا يسافر الى الولاياتالمتحدةالامريكية، لكنه يعتقد أن لقاء مع الرئيس هو مهم وفي محله.وساركوزي شرح ان هذه الزيارة كانت فرصة ليعبر عن صداقته تجاه الولاياتالمتحدةالامريكية . تجريب وعود ساركوزي كان الرئيس الأمريكي جورج بوش هو اول من هنأ الرئيس الفرنسي الجديد، صفحة جديدة من العلاقات الامريكية الفرنسية يمكنها ان تبدأ، وهو ما كانت تطمح له واشنطن. أول تقرير تلغرافي من سفير واشنطن بباريس بعد انتخاب نيكولا ساركوزي، كان يقترح تجريب خمسة رهانات للسياسة الخارجية الفرنسية بشكل سريع حال تسلم الحكومة الجديدة للمسؤولية : « فيما يخص إيران ساركوزي يرى ان إيران تشكل تهديدا دوليا حقيقيا » ، وأفغانستان.. من اجل محاربة الاعتقاد السائد ،والذي يتقاسمه شيراك، بأن افغانستان قضية خاسرة». العراق.. لا بد من التحقق من تصريحات ساركوزي الذي كان يقول « يريد مساعدة الولاياتالمتحدة للخروج من العراق» كتب السفير « لكن دون تغذية اتهام تحويله الى «كلب» للرئيس الامريكي جورج بوش والذي يمكن ان يدفع الحكومة الفرنسية الى عدم تغيير سياستها. الاتحاد الاوربي وتركيا «اذا كان التغيير غير ممكن في هذا المجال، وذلك للارتباط السياسي لساركوزي بمعارضة انضمام تركيا ،علينا إقناعه بالتخفيف من لهجته وعدم إقفال الباب بشكل نهائي.» كوسوفو وروسيا.. « أهمية جبهة موحدة بمجلس الأمن بالامم المتحدة حول استقلال كوسوفو». «الأمريكيون ليس لهم سوى مشكلين مع برنامج الرئيس المنتخب .هو أن ساركوزي حول الخلاف الفرنسي الامريكي بصدد العراق،اسرائيل وفلسطين، الى مشكل المناخ وانضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي » كتب السفير في تقريره. مشكل ثالث كان يثير قلق الامريكيين، هو تصريحات المرشح نيكولا ساركوزي حول التواجد الفرنسي بأفغانستان، حيث قال إن دور فرنسا بأفغانستان ليس ضروريا وان القوات الفرنسية لن تبقى هناك للابد، وهو التصريح الذي أقلق السفير الامريكي. من المؤكد أن ساركوزي «حسيا » قريب من أمريكا ومقرب من اسرائيل ويريد « ربط علاقات ثقة بالولاياتالمتحدةالأمريكية»، لكن التقرير الامريكي كان يعتبره جديدا في السياسة الخارجية وانجليزيته جد محدودة. وكان الأمريكيون يتابعون الخطوات الاولى لساركوزي في السياسة الخارجية خطوة خطوة .واول لقاء كان في 6 يونيو بهيليجمان، وهو اول لقاء قمة بين بوش ونيكولا ساركوزي « كان من الضروري ان يطرح الرئيس الامريكي سؤالين اساسيين في هذا اللقاء هها العراق وافغانستان.» كتب السفير الامريكي، «المدير السياسي لوزارة الخارجية الفرنسية ، نصحنا بإبعاد ساركوزي عن وجهة نظر شيراك السلبية حول افغانستان ». نهاية السياسة العربية لفرنسا مع ساركوزي القضية الاخرى المهمة بالنسبة للامريكيين هي الشرق الاوسط ،وهي السياسة المقربة للعرب والتي تنهجها الخارجية الفرنسية... أحد المعربين وقدماء وزارة الخارجية الفرنسية قال للسفير الامريكي، ان فرنسا لها سياسة عربية هي اقوى من ساركوزي وحكومته . ويثير السفير لبنان،سوريا وفلسطين ، السفير يقوم ببعث هذه التوصيات الى فريق بوش بواشنطن.« هدفنا أن هذا النوع من البراهين لا ينغرس بفريق ساركوزي ،وهو امر لا يمكن ان نتجنبه » . ويضيف ان « الارث اليهودي لساركوزي وقربه من اسرائيل معروف »بالإضافة الى انه عين على رأس وزارة الخارجية بيرنار كوشنير « اول وزير خارجية يهودي بالجمهورية الخامسة». وفي ما يخص الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فإن السفير يتمنى حدوث « انزلاق خفيف في الأسس الفكرية وهو ما ستكون له انعكاسات تضاهي زلزالا». السفير الامريكي جد مرتاح من الحكومة الاولى لساركوزي .ووضع بورتريها ايجابيا لبرنار كوشنير « الانسان ذي الصيت العالمي» وأحد السياسيين النادرين ( من اليسار واليمين) الذي دعم الغزو الامريكي للعراق.» وفصل التقرير في حياته وسفرياته عبر بلدان العالم في الجانب الانساني و«عمله في حكومة فرنسوا ميتران ، يشير الى قدراته وعمله عندما كان ممثلا للامم المتحدة بكوسوفو». الديبلوماسيون الامريكيون كانوا أيضا مرتاحين من تعيين سفير بالولاياتالمتحدةالامريكية،وجون دافيد ليفيت كمستشار بقصر الاليزي وايرفي موران كوزير للدفاع ( مقرب من السفير الامريكي، ايجابي تجاه امريكا وأكثرالأطلتنيين بين النواب) ودخول الحكومة احد اقدم اصدقاء ساركوزي وحلفائه السياسيين بريس اورتوفوه ( له علاقا ت قوية بالسفير الامريكي منذ سنوات لكنه في المجال الخاص ينتقد بقوة سياسة بوش بالعراق). لكن السفير الذي اعتبر ساركوزي جديدا في مجال السياسة الخارجية، كتب بسرعة تقريرا يذكر فيه أنه خلال اسابيع وضع السياسة الخارجية الفرنسية تحت إمرته الشخصية بقصر الاليزي، وكان الرئيس ومستشاريه يقررون في كل شيء، بعيدا عن وزير الخارجية. التقارير الامريكية عكست « دينامية وعزم » الرئيس الفرنسي في قيادة ديبلوماسية بلده، وباستثناء التحفظ حول قضية المناخ وتركيا ، فإن الامريكيين لاحظوا متغيريين سريعيين حول ما ينتظرونه من ساركوزي. النقطة الاولى اطمأنوا فيها حول التزام ساركوزي حول افغانستان ، لكن النقطة الثانية أن ساركوزي ليس مع التبادل الحر ، كما كانوا يعتقدون في السابق، لكنهم أبدوا أيضا قلقهم حول تعامله مع سوريا. رغبة ساركوزي في الاثارة بالاضافة الى العلاقات الفرنسية الأمريكية، والملفات ذات الاولوية بين البلدين، فإن تقارير السفارة الامريكة تتابع بدايات مغامرات ساركوزي في سياسته الخارجية.وخطاب ساركوزي بداكار حول افريقيا تم تأويله «كنوع من البحث عن الاثارة ». تحرير الممرضات البلغاريات من ليبيا ثم بعث برقية كان يغلب عليها الطابع التهكمي « قصر الجمهورية يعتبر ذلك انتصارا ديبلوماسيا، ساركوزي جد مسرور بانتصاره الكبير لمبادرته الليبية ». بعد ذلك تتبع الامريكيون «الخطوات الخاطئة » لساركوزي عند حليفهم السعودي . الرئيس نيكولا ساركوزي « اعتبره السعوديون بالشخص غير اللبق سواء من خلال ابرازه لضجره خلال احتفال الوصول الذي نظم على شرفه او من خلال رفضه تذوق وجبة عربية تقليدية قدمت له بالمناسبة». أول زيارة قام بها ساركوزي للولايات المتحدةالأمريكية كانت مناسبة لعدة برقيات مطولة لاعداد الزيارة.وقد وصفت هذه البرقيات الرئيس الفرنسي « بالحساس والسلطوي» كما تضيف ان « توازن الرئيس تأثر بالطلاق الذي تم بينه وبين سيسيليا وساركوزي تحدث بنفسه عن ارتباطه حد التبعية بسيسليا وأنها اساس كل شيء في حياته». واضافت البرقية ان ساركوزي جد متأثر بهذه الوضعية ، لكن السفير راهن على قدرة الرئيس على تجاوز هذه الكبوة . بعد ذلك، عند لقائه بعارضة الازياء كارلا بروني تحدثت نفس البرقيات عن اسلوبه « غير الرئاسي» وتبعيته لكل ما هو « براق ومثير». العلاقات الفرنسية الأمريكية تشكل تحالفا وليست تبعية بالنسبة للامريكيين، ان الأساس هو ان شهر العسل الديبلوماسي مستمر بين باريس وواشنطن.لكن يؤكدون «ان باريس ترى علاقتها بواشنطن هي تحالف وليست تبعية» لكن بالنسبة لهم كل المؤشرات تدعو للارتياح: « مقاربة ذات لهجة قوية ضد ايرانوروسيا » «عودة الى منظمة الحلف الاطلسي». وفيما يخص الحربين الامريكيتين « تحول في الدعم في افغانستان الذي كان يسير نحو التراجع في السابق » و«تحول مثير في السياسة الفرنسية حول العراق». البرقيات الامريكية تحدثت ايضا عن وضع وزير الخارجية برنار كوشنير ونهاية حلمه بلعب دور أساسي في السياسة الخارجية الفرنسية. «ساركوزي قام بتركيز كل السلط بقصر الاليزي بشكل لا مثيل له» يؤكد احد الديبلوماسيين « الكاتب العام كلود غيون والمستشار الديبلوماسي جون دافيد ليفيت لهما تأثير اكثر من كوشنير في مجال السياسة الخارجية» و»احد الدلائل على ذلك هي سياسة اليد الممدودة تجاه دمشق»: بالنسبة «لواشنطن فإن كوشنير فقد سياسة التجاذب مع قصر الجمهورية حول لبنان.» وتلاحظ مختلف البرقيات المبعوثة من باريس الى واشنطن « تركيز كل قرارات السياسة الخارجية بقصر الاليزي ،كما ان الامريكيين تفاجؤوا بهذا التركيز الضخم للسلط بقصر الجمهورية». مثير وغير شعبي قامت الديبلوماسية الامريكية بتحليل طويل ومعمق لخطاب ساركوزي الأول امام ندوة الديبلوماسية الفرنسية سنة 2007 وعبرت عن ارتياحها من قول ساركوزي « البديل الكارثي: القنبلة الايرانية او قصف ايران». السفير الامريكي قام بتحليل دقيق ايضا لخطاب 2008 امام السفراء بمناسبة تهنئة السنة الجديدة. وعبر عن غبطته لتعبير « عودة فرنسا الى قلب العائلة الغربية» والعلاقات الفرنسية الأمريكية في اوجها « نيكولا ساركوزي وضع فرنسا الى جانب امريكا وليس كبديل لزعامة الامرييكين للعالم ». الديبلوماسيون الامريكيون اندهشوا انه في وقت قصير بفرنسا « مرشح جد مثير نجح في الانتخابات» تحول في «وقت قصير ومثير الى رئيس غير شعبي» وبغض النظر عن « الارتباط الشخصي للرئيس الفرنسي بالقيم الامريكية» ما زال حازما ويخاطر بشعبيته فيما يخص الملفات الفرنسية الامريكية « الخط المتصلب تجاه ايران» « الرغبة المتجددة في تغيير علاقة فرنسا بالحلف الاطلسي»و « الالتزام المتنامي لفرنسا بأفغانستان». لكن نفس البرقيات لاحظت ان فرنسا اخذت قرار الالتحاق بقيادة الحلف الاطلسي المندمجة لكنها لن ترسل قوات مسلحة الى العراق. العلاقات الفرنسية الامريكية عادت الى حالة التوافق وعندما ترأست فرنسا الاتحاد الاوربي فإن برقيات السفير الامريكي بباريس لا حظت « ان اولويات ساركوزي كانت هي اوربا» العلاقات الاوربية،العلاقة مع روسيا،والتدخل الديبلوماسي في الحرب الجورجية» وكانت السفارة تعلق على ذلك يوميا.كانت واشنطن تتابع عن قرب علاقة فرنسا بالملف السوري اللبناني. كما ان رئاسة فرنسا للاتحاد الاوربي كانت ناجحة. وكانوا مطمئنين « فرغم معارضة ساركوزي للانضمام التركي ولو شفويا، فإن ساركوزي عبر عن روح البراغماتية» حول تركيا، إذ أن البرقيات الامريكية من باريس نقلت حدثا مثيرا وعنونت البرقية بأن «لا أحد يمكنه ان يقول لا للرئيس، فقد حول مشتشارو الرئيس مسار الطائرة و الذين يتجنبون معاكسة رأيه، ، فقد حولوا اتجاه الطائرة الرئاسية لكي لا يرى إضاءة برج افيل بالالوان التركية بمناسبة زيارة الوزير الاول التركي اردوغان الى باريس ( وهو قرار اتخذه عمدة باريس بيرتران دولانوي) وتم التطرق في هذه البرقية للمزاج السيئ للرئيس وبرقيات اخرى تتحدث عن انه «عصبي ، مسعور وجنوني». وهي برقيات اقل ما يمكننا التعليق عنها انها غير ديبلوماسية تجاه رئيس تعتبره التقارير الديبلوماسية صديقا لأمريكا. الشريك الفرنسي للولايات المتحدةالامريكية بعد وصول باراك أوباما الى سدة السلطة بواشنطن ، بمناسبة قمة دول الحلف الأطلسي، كان على أوباما لقاء ساركوزي « زيارتك تأتي في مرحلة تاريخية » كتب السفير الامريكي بباريس الى الرئيس الامريكي . «نيكولا ساركوزي هو الرئيس الفرنسي المقرب من امريكا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو حاليا الزعيم الاوربي الاكثر تأثيرا، وفخامتك تعطينا فرصة غير مسبوقة من اجل تعزيز هذه العلاقات وهذه التحولات الايجابية التي حدثت.» ويضيف ان نيكولا ساركوزي هو « براغماتي متألق،ليس صبورا وغير ديبلوماسي،بسلوكات غير متوقعة،لطيف، مجدد» وان العلاقات الشخصية لها تأثير في العلاقات السياسية. وان ساركوزي» يطمح الى علاقات منتظمة وقوية «مع باراك اوباما . العكس هو الذي سيحصل بعد علاقات قوية مع جرج بوش ،فإن « مسؤولين فرنسيين « تحدثوا امام مسؤولين امريكين عن العلاقات غير المتينة ما بين ساركوزي واوباما. ورغم ذلك ، هناك استمرارية» هي إحدى أحسن فترات العلاقات الفرنسية الامريكية « ونيكولا ساركوزي يبقى « شريك الولاياتالمتحدةالامريكية بأوربا».