كشفت برقيات دبلوماسية أمريكية مسربة نشرها “ويكيليس” أن الحكومة الفرنسية تعمل على إقصاء المواطنين المسلمين, مؤكدة في الوقت ذاته على أن الإسلام آخذ في الانتشار في مختلف الفئات الاجتماعية بفرنسا، بما فيها سلك ضباط الجيش. واعتبرت الوثائق, التي نقلتها صحيفة “لوموند” الفرنسية عن موقع ويكيليس, أن هذه التصرفات قد تضعف فرنسا وتحولها إلى “حليف أقل نجاعة” للولايات المتحدة, بحسب “الجزيرة”. وحذر سفير الولاياتالمتحدة السابق لدى باريس كريغ ستابليتون في برقية أرسلها إلى الخارجية الأمريكية في يناير 2005 من آثار إقصاء مسلمي فرنسا البالغ عددهم نحو ستة ملايين نسمة، مشيرا إلى أن السلطات الفرنسية لم تفلح في إدماج هذه الشريحة من مواطني البلاد الذين يقيم أكثرهم في “الضواحي الفقيرة الموجودة خارج المدن الفرنسية الكبرى”. وأورد ستابليتون في البرقية نفسها معلومات استمدها من تقارير للمخابرات العامة الفرنسية تفيد بأن الإسلام آخذ في الانتشار بين مختلف فئات المجتمع الفرنسي بما فيها الجيش، لافتا إلى أن “3.5% من عسكريين فرنسيين بمن فيهم ضباط، اعتنقوا الإسلام” مؤخرا. وفي برقية أخرى أرسلها إلى واشنطن في أغسطس من السنة ذاتها، أعاد السفير الأمريكي السابق التشديد على أن “المشكلة” لا يمكن اختزالها في إدماج المهاجرين، وإنما “يتعين أيضا على فرنسا أن تعمل من أجل إعطاء مكان للمسلمين في الهوية الفرنسية”. وحينما انفجرت أحداث الضواحي الفرنسية نهاية أكتوبر 2005 انبرى الدبلوماسي الأمريكي لدحض رواية بعض وسائل الإعلام في بلاده، والتي صورت إشعال شبان مسلمين لمئات السيارات في أطراف المدن الفرنسية الكبرى على أنه تم بتحريض من “جماعات إسلامية متطرفة”. وأكد كريغ أن الشبان الغاضبين لم تكن تحركهم أي أفكار أيدولوجية، وإنما كانوا محبطين من واقع الإقصاء والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعانون منه. وفي السياق, اعتبر السفير الأمريكي الحالي بباريس تشارلز ريفكين في برقية أرسلها إلى خارجية بلاده في يناير الماضي، أن “المؤسسات الفرنسية لم تظهر المرونة الكافية من أجل التأقلم مع الواقع السكاني الذي يزداد تنوعا”. وحذر من أنه إذا لم تنجح فرنسا -على الأمد الطويل- في تحسين آفاق أقلياتها ومنحها تمثيلا سياسيا حقيقيا، فإن البلاد قد “تصبح أكثر ضعفا وأشد انقساما وتعرضا للأزمات وأكثر ميلا للانطواء على الذات، وبالتالي تغدو حليفا أقل نجاعة” للولايات المتحدة. بيد أن البرقيات أشادت في الوقت نفسه ب”القرب غير المسبوق” للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من واشنطن و”ارتباطه العاطفي” بإسرائيل.