نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بحبات البرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الإثنين    رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي يدعم مغربية الصحراء ويشيد بعلاقات البلدين    حفل ديني بالمسجد العتيق بتاوريرت إحياء للذكرى 26 لوفاة المغفور له الحسن الثاني    عجز الميزانية بالمغرب يتراجع إلى 26,6 مليار درهم عند متم شتنبر (الخزينة العامة للمملكة)    تقرير.. المغرب يحقق نتائج إيجابية في مواجهة "الجوع"    غالانت يعد بالرد على عملية "العشاء الأخير"    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: مشهد داعشي بالضاحية.. والتشادور في شوارع المسيح    بسبب احتجاز اللاعبين في المطار.. نيجيريا تقرر عدم خوض مباراة ليبيا    تواجد في ملهى ليلي أثناء مباراة فرنسا.. تشواميني وديشان يدافعان عن مبابي    تحذير من أمطار عاصفية هذا اليوم    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات تطلق عملية واسعة النطاق لتنقية شبكة التطهير السائل بالجهة    تعليق الدراسة اليوم في مدارس العالم للقروي بورزازات بسبب الأمطار الطوفانية    مجلس المالكي يُؤكد سطوة الخيار الفرنسي على التعليم باتفاقيات جديدة للشراكة    ناشط بارز ب"حراك الماء" في فكيك يغادر سجنه    دولة إفريقية تعلن تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس جدري القردة    بورصة البيضاء تنتعش بعد انخفاض طفيف    تراجع أسعار النفط بفعل مخاوف بشأن الطلب في الصين    تسجيل 18,7 مليون ليلة مبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة خلال 8 أشهر    مرصد: "غول الفساد" واستفحال البطالة والاحتقان الاجتماعي من بين التحديات المقلقة التي تواجه الحكومة في عامها الرابع    هزالة الأجر ومدة التعاقد وقضايا أخرى تدفع الأطباء المقيمين والداخليين للإضراب    مناورات بحرية مشتركة بين المغرب وبريطانيا قبالة سواحل طنجة    حادثة غريبة في "مارينا" السعيدية.. سيارة تنزلق إلى قاع الميناء وسط دهشة الحاضرين    "لوموند": المغرب لديه "أكبر مسرح" في إفريقيا كلف بناءه 200 مليون أورو لكنه مغلق    فيلم "تيريفاير 3" يتصدر شباك التذاكر    دارون أسيموغلو وسيمون جونسون وجيمس روبنسون يفوزون بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2024    ماريا نديم تظهر لأول مرة مع مولودها وتكشف عن إحساسها بالأمومة (فيديو)    هذا موعد الدورة المقبلة من مهرجان موازين إيقاعات العالم    "العدالة والتنمية" ينتقد الارتباك والتدبير الكارثي للمجالس الجماعية بإقليم سيدي إفني    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع    المنتخب المغربي لكرة القدم لمواليد 2000 يفوز وديا على نظيره الغيني (5-0)        الكاف يحدد موعد انتخاباته الرئاسية    رسميا..طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    عامل إقليم الفقيه بن صالح محمد قرناشي يترأس الذكرى السادسة والعشرين لوفاة المغفور له الحسن الثاني بمسجد السلام حي نزهة 1.    "غلوري" توقف المقاتل جمال بن صديق بسبب المنشطات    ترتيبات جديدة تنظم "إسعاف السفر"    "البام" يعرض هجوم مستشاري "الأحرار" على عمدة طنجة في اجتماع الأغلبية    حزب الله يستهدف ثكنة في وسط اسرائيل    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مركز توزيع أغذية في جباليا    المعهد المغربي للتقييس يخلد اليوم العالمي للتقييس        جامعة كرة القدم تكرم لاعبين دوليين بالمنطقة الشرقية    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما    مصرع سيدتين في فيضانات بإقليم تازة    السلاح النووي والصراع بين إسرائيل وإيران يدقان ناقوس الخطر في المنطقة    توقيف شخص مسلح قرب تجمع انتخابي لدونالد ترامب    دلالة ‬النداء ‬العاجل ‬من ‬جلالة ‬الملك ‬للشعب ‬من ‬أجل ‬التعبئة ‬و ‬اليقظة    منسوب واد إميضر يربك حركة المرور    من التصيد إلى الاحتيال .. هكذا تحمي نفسك في العالم الرقمي    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    أول عملية مغربية لتجميد مبيض تحفظ خصوبة شابة تواجه سرطان الدماغ    مغربيتان تتوجان بجائزة أفضل قارئ عربي في مسابقة "إقرأ" بالسعودية    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل تحيين الميثاق الوطني لحقوق الإنسان بعد عشرين سنة من بلورته

* لاشك أن اللجنة التحضيرية ، للمناظرة الوطنية الثانية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، ستنهل من التقييم العام والتحليل المصاحب للمعطيات السوسيوثقافية والسياسية المترتبة عن مداولات ونقاش التقريرين الأدبي والمالي والأرضية الخلفية،وهذا من باب تحصيل الحاصل وقد يكون حاملا لقيمة مضافة من أجل تجاوزالمعوقات في سياق تطوير العمل الحقوقي في العلاقة مع استراتيجية إقرار ضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ،ولا شك أن أشغال المناظرة الوطنية الثانية ستعرف دينامكية جديدة على مستوى التفاعل مع توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة خصوصا بعد رد الاعتبار للعمل الحقوقي المشترك الذي كاد يفتقد لأسباب سياسية محضة ، بعد التوهج الذي خلقته دينامكية التحالف عبر الميثاق الوطني لحقوق الإنسان المبرم في 10 دجنبر1990 والذي بلوره تنسيق الجهود والإمكانيات بين مكونات الصف الحقوقي ،حيث حصل توافق ايجابي حوله من قبل كل من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية الحقوقيين بالمغرب وجمعية هيأت المحامين بالمغرب والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان. واثر انسحاب بعض اطر المنتدى وعلى رأسهم الرئيس المؤسس وتعيينه أمينا عاما للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ثم رئيسا لهيأة الإنصاف والمصالحة و ماكان سيترتب عن ذلك من انشقاق لولا حكمة أعضاء المنتدى الذين اعتبروا تبني الدولة لجزء من مقاربة المنتدى مكسبا مهما يقتضي مواكبة أشغال الهيأة بالنقد والتثمين مما أفضى إلى نوع من التفاعل رغم الإقصاء والتهميش الممنهج من طرف بعض الإرادات غير المؤثرة في التعامل الايجابي مع نتائج التسوية السياسية التي كانت جارية.وإذا كان المنحى العام الذي ستأخذه المداولات سيروم البحث عن سبل إقناع أو إجبار المعنيين بالأمر كل من موقعه من اجل تنفيذ أجرأة التوصيات ؛فإن الحاجة الى ذلك تقتضي التذكير بالسياق العام قبل التفكير في إعداد مشاريع منهجيات وآليات التنفيذ .وفي إطار النجاعة لابد من التوسع شيئا ما في رصد هذا السياق بالإشارة إلى تمفصلات يتم تغييبها في التحليل بالحديث عن سياقات متباينة وان كانت متناسقة ومرتبطة .وان أول ما يثير الانتباه هو أن الجميع بانسياقه وراء المدة الزمنية المحددة لمعالجة الانتهاكات ما بين1956 و1999)
* قد أغفل العامل الاقتصادي والذي وان أشير إليه عرضا في تقرير الخمسينية حول التنمية ،فإن عدم تركيبه في شكل خلاصات مع تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة جعل الخلل يشوب التحليل الموضوعي بالنظر إلى ضرورة ربط النتائج بالأسباب . وحين يقال العامل الاقتصادي فالمقصود منه أساسا هو محاولة تحليل المعطيات الحقوقية على ضوء تسارع التحولات الاقتصادية الدولية والإقليمية في ظل معطيات اقتصاد الألفية الثالثة، اقتصاد قوامه تنامي الإنتاج الرمزي والتكنولوجيا والإعلام والمبادرات الفردية ضمن دينامكية المنظومة الرأسمالية الجديدة ،قوامها تنامي سياسة القوة الاقتصادية وسلطوية التكنولوجيا وهيمنة راس المال العالمي؛ بإدارة ومأسسة من قبل المنظمات الدولية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والمنظمة العالمية للتجارة ،في سياق بروز ما يسمى بالمجال الاقتصادي المعولم والذي طبعا يفضي الى تأكيد خلاصة مهمة في التحليل طالما تم تغييبها عفويا نظرا لضغط وجسامة وفظاعة الانتهاكات خلال الفترة ما قبل الثمانينيات ، والتي كانت نسبيا أفدح بسبب وحشية القمع ومنهجيته وتواتره ،وهي الفترة التي عرفت اكبر نسبة في الاختطافات والاغتيالات السياسية .هذا العنصر المغيب لاإراديا هو التوجه العام إلى التخلص من مقومات السيادة الاقتصادية الوطنية لصالح السيادة الاقتصادية العالمية عبر حلقات انتقالية من اقتصاد القطاع العام إلى الاقتصاد المعولم عبر الاقتصاد الدولي المنفتح تدريجيا على مستوى الإنتاج والخدمات والتكنولوجيا والمال والتجارة و الصناعة والاستثمار والنقد .إن أهمية التقييم من زاوية الاقتصاد السياسي ستبين لنا كيف أن مشروع المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف والذي هو في عمقه مشروع الحركة الحقوقية سواء من حيث مساهمة المكونات في بلورته أو سواء من حيث أن جل الفاعلين السياسيين كانوا ضحايا سنوات الرصاص مباشرين في العلاقة مع الاضطهاد والقمع الشخصي للأفراد أو في العلاقة مع المشروع المجتمعي التقدمي الذي تم إجهاضه بالقمع الممنهج تجاه الحركات السياسية والنقابية والمدنية الحاملة له ،هذا المشروع الذي تم تهريبه إلى «الدولة» فأعادت صياغته على هواها الإعلامي والسياسي الاستهلاكي،بسبب عدم كفاية التأطير وعدم التهييء الضروري للمنتدى بغض النظر عن قصور دعم بعض الفاعلين السياسيين لدينامكية «لتعارض وتنافي المصلحة»بين أدوار المعارضة وبين أدوار تدبير الشأن الحكومي خاصة لدى الأحزاب التي عانت تاريخيا من الانتهاكات في الماضي.لذلك ومن منطلق اعتماد الاقتصاد السياسي في التحليل وفي رصد الآفاق ،نطرح التساؤلات الآتية :ماهي الوظيفة الإستراتيجية والتدبيرية والبيداغوجية للمنتدى ومعه الحركة الحقوقية من أجل طي صفحة الماضي وإقرار ضمانات عدم تكرار الانتهاكات ؟كيف يمكن ربط هذه الإستراتيجية ضمن السياسة العمومية من أجل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة في خضم التحولات العميقة التي تعرفها المنظومة الإنتاجية للألفية الثالثة؟ كيف يمكن لنا صياغة مناهج وآليات تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة وفق البعد الاستراتيجي الوطني والدولي لتدبير الشأن العام؟ ماهي المداخل القانونية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية لهذا التنفيذ والأجرة ؟ أي دور للدولة ومؤسساتها في دعم تفعيل هذه الاستراتيجية؟ ما هي حدود دور وتدخل المنتظم الدولي في هذا التدبير ؟
تعتبر هذه التساؤلات مجرد رؤوس أقلام مناسبة لتأطير النقاش ،لكن من أجل توجيه جودته وفعاليته ، لابأس من إثارة بعض الأسئلة الفرعية التي قد تفيد في التحليل.من ذلك مثلا علاقة تأثير قضية الصحراء وتقلبات مواقف الدولة وتباين وتناقض مقارباتها تجاه مطلب التنمية؟ ،كيف تعاملت الدولة مع دينامية الإدارة العالمية للاقتصاد وحقوق الإنسان ؟كيف تفاعل مبدأ السيادة الوطنية مع توجيهات المؤسسات المالية الدولية؟ هل تعارض الأمن الإنساني مع السيادة الدولية في شقيها الاقتصادي المالي والحقوقي ؟
ان هذا التحليل ضروري بواسطة هذه التساؤلات المؤطرة والمفككة لبعض الألغاز المضمرة التي لا تتناول بالشكل المطلوب مخافة انحسار النقاش وتصدع التوافق التقليدي الذي دأبت عليه مكونات هيأة متابعة توصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،خاصة وأن هناك اعتقادا سائدا بأن نقطة الخلاف التي عطلت مسار هذه الهيأة هو التخوف من انبعاث الاختلاف حول مطلب المساءلة ،والحال أنه تبين بأن المساءلة لم تكن أبدا عائقا حقيقيا وإنما مجرد خيط «يضمن حق الرجوع عن الموقف» أي تكتيك للتراجع ،في حين أن المساءلة هي شرط لسلوك ممر العدالة الانتقالية مادام الهدف هو ضمان عدم التكرار عبر مناهضة كل مقومات الإفلات من العقاب كشرط إنساني لأي مصالحة منشودة .إن الخلاف الذي ينبغي افتراضه تفاديا لأي مفاجأة هو كون توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في حاجة إلى بلورة مداخل لتنفيذها ،إن كان هناك حرص على إعمال المقاربة التشاركية العمومية والمؤسساتية كشرط للفعالية والنجاعة والجودة ،هذه المداخل قد تكون اجتماعية أو سياسية أو حقوقية ، الشيء الذي يطرح سؤال الأساس القانوني للتوصيات أولا، ثم تصنيف منهجي وحسب الأولويات للتوصيات وتحديد المخاطبين بها وكذا المعنيين ثم تحديد أهمية المداخل
.* وإذا كان الاتجاه العام للتفعيل من حيث المبدأ يفترض في التوصيات أنها ذات بعد سياسي وأن الفاعل السياسي خاصة صانع القرار السياسي والتشريعي والأمني هو المعني بالتنفيذ ،فبأي منهجية ستجنى الجدوى والجودة إذا لم يتم تحديد الآليات والتي لا تعني سوى تفعيل الشق السياسي للتوصيات ولكن بأجرة واضحة ،لأنه لا يكفي مطالبة المعنيين بإقرار إصلاحات سياسية ودستورية ومؤسساتية وتشريعية دون الاتفاق مبدئيا على إفراز أنواع من المسالك المنهجية ضمن نفس المدخل السياسي مثلا .فالإصلاحات تتطلب مصادقة الدولة على الاتفاقيات الدولية وهذه الأخيرة تطرح إشكالية مفهوم السيادة ومخافة المساس بها ثم هناك الجانب الأخلاقي والمعنوي لإلزامية التنفيذ،فكيف سيتم التعامل مع هذه الإشكاليات ؟ انه من الناحية العملية قد تعفينا الإجابة عن إشكالية المس بالسيادة إذا استحضرنا هذا المفهوم الذي تتذرع به الدولة وربطناه بمنحى تخلص الدولة من السيادة الوطنية الاقتصادية منذ تجاوبها مع سياسة التقويم الهيكلي المرتبط بشروط المؤسسات المالية الدولية ،والتي كانت سببا في تخلي الدولة عن الخدمات الاجتماعية وانفلات الاقتصاد الوطني وهيمنة الرأسمال الدولي وتقلص نفوذ القطاع العام وتفاقم الأزمة المالية وزحف جرائم غسيل الأموال وتحكم المضاربين الدوليين في الاقتصاد والسياسة العمومية عبر شبكات مجرمي المال العام والمخدرات والانتخابات ...وما ترتب عنها من إلغاء الرقابة على الصرف وحرية دخول وخروج الأموال على الحدود الوطنية ضمن شروط تفاعلت فيها هذه التداعيات مع انتعاش الجريمة الدولية المنظمة والإرهاب.وهي أمور يتم الاستهانة بخطورتها رغم أنها تلعب دور أساسي في تشكيل النخب وعرقلة تجديدها...بغض النظر عن كون هذا التنازل عن السيادة الوطنية اقتصاديا صاحبته إصلاحات إجبارية للمسلسل حالت دون تحقيق التنمية الاجتماعية، بل مست بالسياسة العمومية ووجهت اختيارات الدولة وهو أمر كاف للقول بأن ما تبقى من السيادة هو نفس ما كانت تضمنه عقدة الحماية بالنسبة للدولة ما عدا ان الملك يسود ويحكم باسم الوراثة والشرعية التاريخية وضمن المجاز الدستوري الذي يوفره الفصل التاسع عشر و»الأعراف المرعية» ،الشيء الذي عطل استكمال شروط التحرر الاقتصادي والثقافي.، لأن الواقع اثبت أن العولمة النيوليبرالية، ساهمت في إضعاف الدولة من خلال التخلي عن السياسات الاجتماعية التي من المفترض أن تتضمن برامج ومزايا وخدمات توفر الضمانات للمجتمع وتحقيق الاحتياجات الاجتماعية والتعليمية والصحية ، فما جدوى السيادة بهذا المفهوم إذا لم تكن توفر الاستقرار والعدالة الاجتماعية في التوزيع وتكافؤ الفرص وتحقيق الأمن الإنساني،هذه السياسة التي تكاد تنتفي عمليا في نهج الدولة في علاقتها بالحق في التنمية والحياة الكريمة، والذي تؤطره مقتضيات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ،وان كان الدستور المغربي ينص مبدئيا على إعمال الأعراف الدولية المتعارف عليها عالميا ،هذا المبدأ لا يمكن بتاتا ان يعوض مبدأ سمو القاعد القانونية الدولية على القانون الدولي .وإذا كان لابد من مراعاة صلاحيات كل من الفاعلين السياسيين والحقوقيين كل في مجال تدخله ؛فإن الإشكال الذي سيطرح هو أن الفاعل السياسي قد يعتبر بأن المقصود من الإصلاح السياسي هو الذي يروم إقرار فصل السلطات ،وهو الذي سيفتح إمكانيات تنازع الانخراط في هذه الدنامية عبر هذه البوابة أي فصل السلطات ،خاصة وان بعض الأحزاب المشاركة في تدبير الشأن العام لا تنظر إلى هذا الإصلاح سوى من زاوية تقوية صلاحية الوزير الأول ،وعلى علته فالدولة تعتبر أن مدخل الملكية البرلمانية يشكل خطورة على السيادة المقترن بالحكم ،في حين لدى فاعلين سياسيين آخرين إن المقصود من الإصلاح عبر بوابة فصل السلط هو تعديل الفصل 19 من الدستور بجعله خاضعا للدستور نفسه حتى يعود هذا الفصل بمثابة دستور مجازي يشتغل خارج الدستور الحقيقي ومستقل عن المؤسسات إلي وضعته.ولان هذا الإشكال كان سبب اصطدام مقاربتي الدولة والمعارضة خلال بداية سنوات ما بعد الاستقلال إلى درجة التناحر وما ترتب عنه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ؛فانه بالنسبة للفاعلين الحقوقيين وخاصة بالنسبة للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف ، ينبغي استحضار إمكانية إقناع الفاعلين السياسيين وصناع القرار عبر الحوار أو الضغط إلى التفاعل مع إمكانيات الإصلاح المؤسساتي والتشريعي والدستوري عبر بوابة صكوك حقوق الإنسان ،أولا ليكون منسجما مع التوصيات نفسها كوثيقة سياسية لكن ذات بعد حقوقي ،وثانيا حتى يتم التحكم في التفعيل خارج أجندة متطلبات التكتيكات السياسية القصيرة المدى والحال أننا بصدد إستراتيجية بعبيدة المدى ،مما يقتضي الملائمة الضرورية للمطالب الوطنية مع مبادئ القانون الدولي الذي قد يستمد منه القوة اللازمة للتفعيل والإلزام القانوني في سياق بناء الديمقراطية عبر الإلية القانونية التي لامناص ستكرس شعورا حقيقيا بالانتماء الفعلي للمواطنين إلى وطنهم ضمن مقاربة تشاركيه وتفاعلية وتعايشية وتعددية ومتنوعة ومؤسساتية تعاقدية.لانه إذا كان لابد من اختيار اضطراري بين الانتماء إلى المنتظم الحقوقي الدولي وبين التنازل عن السيادة الاقتصادية الوطنية ،فإن هذا الأخير يفرض أمرا واقعا على مستقبل الدولة المغربية والمجتمع على السواء ،وبالتالي فان الانخراط في الدينامكية الحقوقية الإنسانية الشاملة الدولية يوفر كل إمكانيات الإصلاح ويضمن السيادة السياسية التي توفق بين السيادة الدولية والأمن البشري . ولعل هذا المنحى نفسه سيحل إشكالية طالما كانت سببا رئيسا في توتر العلاقات الإنسانية بين مواطني المغرب سواء الذين يؤمنون بالانفصال ضمن صيغ معينة في الأقاليم الوطنية التي ينتمون إليها أو سواء الوحدويون ،والمقصود هنا حل إشكالية المسألة الصحراوية في إطار المقاربة الحقوقية باعتبار إن الأمر يتعلق في آخر المطاف بتداعيات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اقترفتها الدولة المغربية اعتبارا من التواطؤ في مكنسة ايكوفيون بتواطؤ مع الاستعمارين الفرنسي والإسباني إلى حل جيش التحرير إلى قمع انتفاضة طانطان إلى التدبير السيء للملف على حساب تأجيل البناء الديمقراطي بعلة تقوية الجبهة الداخلية إلى إنهاك القوى الوطنية والديمقراطية باسم الخروج عن الإجماع الوطني ...فهل ستنجح المناظرة الوطنية الثانية في التوفيق بين تجاذبات الصراع الحقوقي والسياسي من حيث انتقاء مداخل الإصلاح ،من خلال تمثل موازين القوى الوطنية وعلاقتها بالنزوع العالمي نحو العولمة الحقوقية والتنازل الايجابي عن السيادة الوطنية الاقتصادية التي فرضتها العولمة النيوليبرالية ،وبالنظر أيضا إلى ضرورة استقلال المقاربة الحقوقية عن قواعد اللعبة السياسية الآنية والتكتيكية ،وضمن إصلاحات تستدعي إدماج السياسة العمومية ضمن الحق الإنساني في التنمية المستدامة والشاملة للأمن البشري بكافة أبعاده الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؟ وكيف يمكن الاستعانة بالحلفاء الحقوقيين الدوليين في تحقيق هذه الإستراتيجية ضمن تدبير عالمي يراعي حدود وعقلانية التدخل الإنساني بآليات سلمية مع احترام فعلي للسيادة الوطنية مع اعتبار توصيات هيأة الإنصاف وثيقة مرجعية وتأسيسية وتحيينية لكافة الأدبيات والوثائق الحقوقية المتراكمة وطنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.