اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي        "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    الدار البيضاء.. اعتقال شخص مبحوث عنه وطنياً تسبب في دهس مجموعة من المواطنين بسيارته    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل تحيين الميثاق الوطني لحقوق الإنسان بعد عشرين سنة من بلورته

* لاشك أن اللجنة التحضيرية ، للمناظرة الوطنية الثانية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، ستنهل من التقييم العام والتحليل المصاحب للمعطيات السوسيوثقافية والسياسية المترتبة عن مداولات ونقاش التقريرين الأدبي والمالي والأرضية الخلفية،وهذا من باب تحصيل الحاصل وقد يكون حاملا لقيمة مضافة من أجل تجاوزالمعوقات في سياق تطوير العمل الحقوقي في العلاقة مع استراتيجية إقرار ضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ،ولا شك أن أشغال المناظرة الوطنية الثانية ستعرف دينامكية جديدة على مستوى التفاعل مع توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة خصوصا بعد رد الاعتبار للعمل الحقوقي المشترك الذي كاد يفتقد لأسباب سياسية محضة ، بعد التوهج الذي خلقته دينامكية التحالف عبر الميثاق الوطني لحقوق الإنسان المبرم في 10 دجنبر1990 والذي بلوره تنسيق الجهود والإمكانيات بين مكونات الصف الحقوقي ،حيث حصل توافق ايجابي حوله من قبل كل من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية الحقوقيين بالمغرب وجمعية هيأت المحامين بالمغرب والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان. واثر انسحاب بعض اطر المنتدى وعلى رأسهم الرئيس المؤسس وتعيينه أمينا عاما للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ثم رئيسا لهيأة الإنصاف والمصالحة و ماكان سيترتب عن ذلك من انشقاق لولا حكمة أعضاء المنتدى الذين اعتبروا تبني الدولة لجزء من مقاربة المنتدى مكسبا مهما يقتضي مواكبة أشغال الهيأة بالنقد والتثمين مما أفضى إلى نوع من التفاعل رغم الإقصاء والتهميش الممنهج من طرف بعض الإرادات غير المؤثرة في التعامل الايجابي مع نتائج التسوية السياسية التي كانت جارية.وإذا كان المنحى العام الذي ستأخذه المداولات سيروم البحث عن سبل إقناع أو إجبار المعنيين بالأمر كل من موقعه من اجل تنفيذ أجرأة التوصيات ؛فإن الحاجة الى ذلك تقتضي التذكير بالسياق العام قبل التفكير في إعداد مشاريع منهجيات وآليات التنفيذ .وفي إطار النجاعة لابد من التوسع شيئا ما في رصد هذا السياق بالإشارة إلى تمفصلات يتم تغييبها في التحليل بالحديث عن سياقات متباينة وان كانت متناسقة ومرتبطة .وان أول ما يثير الانتباه هو أن الجميع بانسياقه وراء المدة الزمنية المحددة لمعالجة الانتهاكات ما بين1956 و1999)
* قد أغفل العامل الاقتصادي والذي وان أشير إليه عرضا في تقرير الخمسينية حول التنمية ،فإن عدم تركيبه في شكل خلاصات مع تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة جعل الخلل يشوب التحليل الموضوعي بالنظر إلى ضرورة ربط النتائج بالأسباب . وحين يقال العامل الاقتصادي فالمقصود منه أساسا هو محاولة تحليل المعطيات الحقوقية على ضوء تسارع التحولات الاقتصادية الدولية والإقليمية في ظل معطيات اقتصاد الألفية الثالثة، اقتصاد قوامه تنامي الإنتاج الرمزي والتكنولوجيا والإعلام والمبادرات الفردية ضمن دينامكية المنظومة الرأسمالية الجديدة ،قوامها تنامي سياسة القوة الاقتصادية وسلطوية التكنولوجيا وهيمنة راس المال العالمي؛ بإدارة ومأسسة من قبل المنظمات الدولية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والمنظمة العالمية للتجارة ،في سياق بروز ما يسمى بالمجال الاقتصادي المعولم والذي طبعا يفضي الى تأكيد خلاصة مهمة في التحليل طالما تم تغييبها عفويا نظرا لضغط وجسامة وفظاعة الانتهاكات خلال الفترة ما قبل الثمانينيات ، والتي كانت نسبيا أفدح بسبب وحشية القمع ومنهجيته وتواتره ،وهي الفترة التي عرفت اكبر نسبة في الاختطافات والاغتيالات السياسية .هذا العنصر المغيب لاإراديا هو التوجه العام إلى التخلص من مقومات السيادة الاقتصادية الوطنية لصالح السيادة الاقتصادية العالمية عبر حلقات انتقالية من اقتصاد القطاع العام إلى الاقتصاد المعولم عبر الاقتصاد الدولي المنفتح تدريجيا على مستوى الإنتاج والخدمات والتكنولوجيا والمال والتجارة و الصناعة والاستثمار والنقد .إن أهمية التقييم من زاوية الاقتصاد السياسي ستبين لنا كيف أن مشروع المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف والذي هو في عمقه مشروع الحركة الحقوقية سواء من حيث مساهمة المكونات في بلورته أو سواء من حيث أن جل الفاعلين السياسيين كانوا ضحايا سنوات الرصاص مباشرين في العلاقة مع الاضطهاد والقمع الشخصي للأفراد أو في العلاقة مع المشروع المجتمعي التقدمي الذي تم إجهاضه بالقمع الممنهج تجاه الحركات السياسية والنقابية والمدنية الحاملة له ،هذا المشروع الذي تم تهريبه إلى «الدولة» فأعادت صياغته على هواها الإعلامي والسياسي الاستهلاكي،بسبب عدم كفاية التأطير وعدم التهييء الضروري للمنتدى بغض النظر عن قصور دعم بعض الفاعلين السياسيين لدينامكية «لتعارض وتنافي المصلحة»بين أدوار المعارضة وبين أدوار تدبير الشأن الحكومي خاصة لدى الأحزاب التي عانت تاريخيا من الانتهاكات في الماضي.لذلك ومن منطلق اعتماد الاقتصاد السياسي في التحليل وفي رصد الآفاق ،نطرح التساؤلات الآتية :ماهي الوظيفة الإستراتيجية والتدبيرية والبيداغوجية للمنتدى ومعه الحركة الحقوقية من أجل طي صفحة الماضي وإقرار ضمانات عدم تكرار الانتهاكات ؟كيف يمكن ربط هذه الإستراتيجية ضمن السياسة العمومية من أجل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة في خضم التحولات العميقة التي تعرفها المنظومة الإنتاجية للألفية الثالثة؟ كيف يمكن لنا صياغة مناهج وآليات تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة وفق البعد الاستراتيجي الوطني والدولي لتدبير الشأن العام؟ ماهي المداخل القانونية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية لهذا التنفيذ والأجرة ؟ أي دور للدولة ومؤسساتها في دعم تفعيل هذه الاستراتيجية؟ ما هي حدود دور وتدخل المنتظم الدولي في هذا التدبير ؟
تعتبر هذه التساؤلات مجرد رؤوس أقلام مناسبة لتأطير النقاش ،لكن من أجل توجيه جودته وفعاليته ، لابأس من إثارة بعض الأسئلة الفرعية التي قد تفيد في التحليل.من ذلك مثلا علاقة تأثير قضية الصحراء وتقلبات مواقف الدولة وتباين وتناقض مقارباتها تجاه مطلب التنمية؟ ،كيف تعاملت الدولة مع دينامية الإدارة العالمية للاقتصاد وحقوق الإنسان ؟كيف تفاعل مبدأ السيادة الوطنية مع توجيهات المؤسسات المالية الدولية؟ هل تعارض الأمن الإنساني مع السيادة الدولية في شقيها الاقتصادي المالي والحقوقي ؟
ان هذا التحليل ضروري بواسطة هذه التساؤلات المؤطرة والمفككة لبعض الألغاز المضمرة التي لا تتناول بالشكل المطلوب مخافة انحسار النقاش وتصدع التوافق التقليدي الذي دأبت عليه مكونات هيأة متابعة توصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان،خاصة وأن هناك اعتقادا سائدا بأن نقطة الخلاف التي عطلت مسار هذه الهيأة هو التخوف من انبعاث الاختلاف حول مطلب المساءلة ،والحال أنه تبين بأن المساءلة لم تكن أبدا عائقا حقيقيا وإنما مجرد خيط «يضمن حق الرجوع عن الموقف» أي تكتيك للتراجع ،في حين أن المساءلة هي شرط لسلوك ممر العدالة الانتقالية مادام الهدف هو ضمان عدم التكرار عبر مناهضة كل مقومات الإفلات من العقاب كشرط إنساني لأي مصالحة منشودة .إن الخلاف الذي ينبغي افتراضه تفاديا لأي مفاجأة هو كون توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في حاجة إلى بلورة مداخل لتنفيذها ،إن كان هناك حرص على إعمال المقاربة التشاركية العمومية والمؤسساتية كشرط للفعالية والنجاعة والجودة ،هذه المداخل قد تكون اجتماعية أو سياسية أو حقوقية ، الشيء الذي يطرح سؤال الأساس القانوني للتوصيات أولا، ثم تصنيف منهجي وحسب الأولويات للتوصيات وتحديد المخاطبين بها وكذا المعنيين ثم تحديد أهمية المداخل
.* وإذا كان الاتجاه العام للتفعيل من حيث المبدأ يفترض في التوصيات أنها ذات بعد سياسي وأن الفاعل السياسي خاصة صانع القرار السياسي والتشريعي والأمني هو المعني بالتنفيذ ،فبأي منهجية ستجنى الجدوى والجودة إذا لم يتم تحديد الآليات والتي لا تعني سوى تفعيل الشق السياسي للتوصيات ولكن بأجرة واضحة ،لأنه لا يكفي مطالبة المعنيين بإقرار إصلاحات سياسية ودستورية ومؤسساتية وتشريعية دون الاتفاق مبدئيا على إفراز أنواع من المسالك المنهجية ضمن نفس المدخل السياسي مثلا .فالإصلاحات تتطلب مصادقة الدولة على الاتفاقيات الدولية وهذه الأخيرة تطرح إشكالية مفهوم السيادة ومخافة المساس بها ثم هناك الجانب الأخلاقي والمعنوي لإلزامية التنفيذ،فكيف سيتم التعامل مع هذه الإشكاليات ؟ انه من الناحية العملية قد تعفينا الإجابة عن إشكالية المس بالسيادة إذا استحضرنا هذا المفهوم الذي تتذرع به الدولة وربطناه بمنحى تخلص الدولة من السيادة الوطنية الاقتصادية منذ تجاوبها مع سياسة التقويم الهيكلي المرتبط بشروط المؤسسات المالية الدولية ،والتي كانت سببا في تخلي الدولة عن الخدمات الاجتماعية وانفلات الاقتصاد الوطني وهيمنة الرأسمال الدولي وتقلص نفوذ القطاع العام وتفاقم الأزمة المالية وزحف جرائم غسيل الأموال وتحكم المضاربين الدوليين في الاقتصاد والسياسة العمومية عبر شبكات مجرمي المال العام والمخدرات والانتخابات ...وما ترتب عنها من إلغاء الرقابة على الصرف وحرية دخول وخروج الأموال على الحدود الوطنية ضمن شروط تفاعلت فيها هذه التداعيات مع انتعاش الجريمة الدولية المنظمة والإرهاب.وهي أمور يتم الاستهانة بخطورتها رغم أنها تلعب دور أساسي في تشكيل النخب وعرقلة تجديدها...بغض النظر عن كون هذا التنازل عن السيادة الوطنية اقتصاديا صاحبته إصلاحات إجبارية للمسلسل حالت دون تحقيق التنمية الاجتماعية، بل مست بالسياسة العمومية ووجهت اختيارات الدولة وهو أمر كاف للقول بأن ما تبقى من السيادة هو نفس ما كانت تضمنه عقدة الحماية بالنسبة للدولة ما عدا ان الملك يسود ويحكم باسم الوراثة والشرعية التاريخية وضمن المجاز الدستوري الذي يوفره الفصل التاسع عشر و»الأعراف المرعية» ،الشيء الذي عطل استكمال شروط التحرر الاقتصادي والثقافي.، لأن الواقع اثبت أن العولمة النيوليبرالية، ساهمت في إضعاف الدولة من خلال التخلي عن السياسات الاجتماعية التي من المفترض أن تتضمن برامج ومزايا وخدمات توفر الضمانات للمجتمع وتحقيق الاحتياجات الاجتماعية والتعليمية والصحية ، فما جدوى السيادة بهذا المفهوم إذا لم تكن توفر الاستقرار والعدالة الاجتماعية في التوزيع وتكافؤ الفرص وتحقيق الأمن الإنساني،هذه السياسة التي تكاد تنتفي عمليا في نهج الدولة في علاقتها بالحق في التنمية والحياة الكريمة، والذي تؤطره مقتضيات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ،وان كان الدستور المغربي ينص مبدئيا على إعمال الأعراف الدولية المتعارف عليها عالميا ،هذا المبدأ لا يمكن بتاتا ان يعوض مبدأ سمو القاعد القانونية الدولية على القانون الدولي .وإذا كان لابد من مراعاة صلاحيات كل من الفاعلين السياسيين والحقوقيين كل في مجال تدخله ؛فإن الإشكال الذي سيطرح هو أن الفاعل السياسي قد يعتبر بأن المقصود من الإصلاح السياسي هو الذي يروم إقرار فصل السلطات ،وهو الذي سيفتح إمكانيات تنازع الانخراط في هذه الدنامية عبر هذه البوابة أي فصل السلطات ،خاصة وان بعض الأحزاب المشاركة في تدبير الشأن العام لا تنظر إلى هذا الإصلاح سوى من زاوية تقوية صلاحية الوزير الأول ،وعلى علته فالدولة تعتبر أن مدخل الملكية البرلمانية يشكل خطورة على السيادة المقترن بالحكم ،في حين لدى فاعلين سياسيين آخرين إن المقصود من الإصلاح عبر بوابة فصل السلط هو تعديل الفصل 19 من الدستور بجعله خاضعا للدستور نفسه حتى يعود هذا الفصل بمثابة دستور مجازي يشتغل خارج الدستور الحقيقي ومستقل عن المؤسسات إلي وضعته.ولان هذا الإشكال كان سبب اصطدام مقاربتي الدولة والمعارضة خلال بداية سنوات ما بعد الاستقلال إلى درجة التناحر وما ترتب عنه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ؛فانه بالنسبة للفاعلين الحقوقيين وخاصة بالنسبة للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف ، ينبغي استحضار إمكانية إقناع الفاعلين السياسيين وصناع القرار عبر الحوار أو الضغط إلى التفاعل مع إمكانيات الإصلاح المؤسساتي والتشريعي والدستوري عبر بوابة صكوك حقوق الإنسان ،أولا ليكون منسجما مع التوصيات نفسها كوثيقة سياسية لكن ذات بعد حقوقي ،وثانيا حتى يتم التحكم في التفعيل خارج أجندة متطلبات التكتيكات السياسية القصيرة المدى والحال أننا بصدد إستراتيجية بعبيدة المدى ،مما يقتضي الملائمة الضرورية للمطالب الوطنية مع مبادئ القانون الدولي الذي قد يستمد منه القوة اللازمة للتفعيل والإلزام القانوني في سياق بناء الديمقراطية عبر الإلية القانونية التي لامناص ستكرس شعورا حقيقيا بالانتماء الفعلي للمواطنين إلى وطنهم ضمن مقاربة تشاركيه وتفاعلية وتعايشية وتعددية ومتنوعة ومؤسساتية تعاقدية.لانه إذا كان لابد من اختيار اضطراري بين الانتماء إلى المنتظم الحقوقي الدولي وبين التنازل عن السيادة الاقتصادية الوطنية ،فإن هذا الأخير يفرض أمرا واقعا على مستقبل الدولة المغربية والمجتمع على السواء ،وبالتالي فان الانخراط في الدينامكية الحقوقية الإنسانية الشاملة الدولية يوفر كل إمكانيات الإصلاح ويضمن السيادة السياسية التي توفق بين السيادة الدولية والأمن البشري . ولعل هذا المنحى نفسه سيحل إشكالية طالما كانت سببا رئيسا في توتر العلاقات الإنسانية بين مواطني المغرب سواء الذين يؤمنون بالانفصال ضمن صيغ معينة في الأقاليم الوطنية التي ينتمون إليها أو سواء الوحدويون ،والمقصود هنا حل إشكالية المسألة الصحراوية في إطار المقاربة الحقوقية باعتبار إن الأمر يتعلق في آخر المطاف بتداعيات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اقترفتها الدولة المغربية اعتبارا من التواطؤ في مكنسة ايكوفيون بتواطؤ مع الاستعمارين الفرنسي والإسباني إلى حل جيش التحرير إلى قمع انتفاضة طانطان إلى التدبير السيء للملف على حساب تأجيل البناء الديمقراطي بعلة تقوية الجبهة الداخلية إلى إنهاك القوى الوطنية والديمقراطية باسم الخروج عن الإجماع الوطني ...فهل ستنجح المناظرة الوطنية الثانية في التوفيق بين تجاذبات الصراع الحقوقي والسياسي من حيث انتقاء مداخل الإصلاح ،من خلال تمثل موازين القوى الوطنية وعلاقتها بالنزوع العالمي نحو العولمة الحقوقية والتنازل الايجابي عن السيادة الوطنية الاقتصادية التي فرضتها العولمة النيوليبرالية ،وبالنظر أيضا إلى ضرورة استقلال المقاربة الحقوقية عن قواعد اللعبة السياسية الآنية والتكتيكية ،وضمن إصلاحات تستدعي إدماج السياسة العمومية ضمن الحق الإنساني في التنمية المستدامة والشاملة للأمن البشري بكافة أبعاده الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؟ وكيف يمكن الاستعانة بالحلفاء الحقوقيين الدوليين في تحقيق هذه الإستراتيجية ضمن تدبير عالمي يراعي حدود وعقلانية التدخل الإنساني بآليات سلمية مع احترام فعلي للسيادة الوطنية مع اعتبار توصيات هيأة الإنصاف وثيقة مرجعية وتأسيسية وتحيينية لكافة الأدبيات والوثائق الحقوقية المتراكمة وطنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.