ركضت كاميرا المخرج المغربي الشاب طلال السلهامي في عمله الموسوم «أيام الوهم»، الذي عرض يوم الثلاثاء ضمن المسابقة الرسمية للدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وراء الوهم القاتل وتضخم أنا شخصيات قصته وهي تلاحق فرصة عمل. وفي مقاربة تقنية محسوبة لصالح الحكاية، وانطلاقا من قصة خمسة شباب يجمعهم حلم الظفر بمنصب شغل لدى إحدى الشركات العالمية الكبرى التي أحدثت فرعا لها بالمغرب وبحاجة إلى موارد بشرية بمؤهلات غير عادية، يحاول الفيلم مناقشة موضوع الطموح القاتل والأنا وغريزة البقاء والهواجس والمخاوف التي لا تطفو إلا في المواقف الصعبة، كما يصور النفس البشرية المعقدة. وتباينت آراء الجمهور بعد عرض الفيلم اليوم بقصر المؤتمرات، وفي هذا الصدد قال الناقد السينمائي المغربي عمر بلخمار، إن الطريقة التي تناول بها المخرج موضوع الصراع بين اليأس والأمل في الفيلم لها مرجعية في السينما العالمية، و«أيام الوهم»، حسب الناقد، «ليس فرجويا»، فهو يتضمن كثيرا من مشاهد العنف وتنضح منه «بشاعة دموية تجعلالمشاهد يشمئز أحيانا من بعض اللقطات». إلا أن الفيلم، يؤكد الناقد بلخمار، قوي من ناحية التصوير والمؤثرات، كما أن القصة تتطور ببطء مقصود لتحسيس المشاهد بمعاناة الشخصيات الخمسة الذين سيخضعون لسلسلة من الاختبارات من قبل مسؤولي الشركة العالمية لتحديد مرشح وحيد لمنصب هام، وستجد الشخصيات نفسها أمام امتحان غريب يتمثل في السفر على متن حافلة بنوافذ بدون زجاج تتوقف بهم الحافلة بعد ساعات من السفر ويجدون أنفسهم وسط صحراء قاحلة. ولجوء المخرج للاستعارة كان الهدف منه، برأي الناقد، التوسع في إبراز معاناة الباحث عن الشغل، لكن بالرغم من ذلك فالعمل أخرج بطريقة جيدة. أما الناقد ورئيس جمعية نقاد السينما بالمغرب خليل الدامون فيذكره «أيام الوهم» بأفلام «الويستيرن»، ولكن على الشكل المغربي، وذلك من خلال عزل الشخصيات في فضاء مفتوح، لكن متوحش يمثل الضياع المطلق لهذه لشخصيات بالرغم من اتسام هذا الفضاء بالجمالية. ويرى الناقد أن علامات «الويستيرن» تلاحظ في الفيلم من خلال تضخم الأنا وفي الصراع من أجل البقاء، حيث يجب أن يقتل الآخر، وهذا مرتبط أيضا بالبحث عن الشغل، وقد عالج طلال السلهامي هذه الفكرة بشكل قوي. وأبرز خليل الدامون أن الكاميرا كانت تشخيصية تقرب ملامح الشخصيات خاصة جزئيات الوجه ووسائل القتل، مشيرا إلى أن الفضاء الذي اختاره المخرج استغله مخرجون مغاربة آخرون كداوود اولاد السيد في فيلمه «الجامع»، إذن ف«العزلة» داخل فضاء الصحراء كانت أساسية لفهم كل شخصية. يشارك في «أيام الوهم» الفنانون المغاربة الشباب مريم الراوي وعمر لطفي وعصام بوعلي وكريم السعيدي ومصطفى الهواري. ويعد المخرج المغربي طلال السلهامي الذي ازداد بالعاصمة الفرنسية باريس سنة 1982، من بين المخرجين الشباب الذين يشقون طريقهم بثبات، بعد تقديمه لمجموعة من الأفلام القصيرة، قبل أن يتوجها بفيلمه الطويل «أيام الوهم». وقد بدأ حياته المهنية بالكتابة والإخراج وسنه لا يتجاوز18 سنة، وسبق له أن أخرج الفيلم القصير «سنيسطار» سنة2006 وهو فيلمه القصير الرابع الذي حصد مجموعة من الجوائز بعدد من المهرجانات العالمية. وينكب المخرج المغربي الشاب، طلال السلهامي حاليا على التحضير لفيلم سينمائي طويل سيحمل عنوان «الوازيس»، ومن المنتظر أن يشرع رفقة طاقم الإنتاج في اختيار الوجوه التي ستشارك فيه قبل الشروع في تصويره قريبا. (و.م.ع)