مراكش تستهوي النجوم بكرمها وحفاوة أهلها لا شك أن تاريخ السينما العالمية غني باللحظات المتميزة، ومن بين أجمل هذه اللحظات، تكريم هذا الفن وصانعي الحلم من كتاب ومخرجين ونجوم مبدعين، ولا شك أيضا أن مهرجان مراكش الدولي ومنذ دوراته الأولى، أولى أهمية كبرى لتكريم الفن السابع وأبرز مبدعيه.. وبالنسبة لهذه الدورة، وفي لحظة قوية ومؤثرة، جرى مساء الأحد الماضي تكريم الممثل الأمريكي جيمس كان الذي تسلم نجمة المهرجان من يدي المخرج الأمريكي الكبير فرانسيس فورد كوبولا. بعد تكريم السينما المغربية (2004)، والإسبانية (2005)، والإيطالية (2006)، والمصرية (2007)، والبريطانية (2008)، والكورية الجنوبية (2009)، يأتي الدور على سينما بلاد الأنوار، وجريا على هذه العادة، فقد كرمت الدورة العاشرة لمهرجان مراكش الدولي السينما الفرنسية مساء السبت الماضي، وكان قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء على موعد مع حشد كبير من الشخصيات السينمائية الفرنسية من بينها صوفي مارسو، كلود براسور، والممثلان الفرنسيان كريستوف لامبير وجان دجيردان، والممثلتان الفرنسيتان ساندرين كيبرلين وألكسندرا لامي، والمخرج الفرنسي كوسطا غافراس والنجمة العالمية كاترين دونوف اللذين تسلما نجمة المهرجان من يدي المخرج الأمريكي مارتين سكورسيزي، الذي ارتجل كلمة في حق السينما الفرنسية استهلها بالتعبير عن سعادته بالحضور إلى مراكش ضمن فعاليات المهرجان، قائلا: «أنا سعيد بوجودي، مرة أخرى في مراكش، هذه المدينة التي أعشقها». وتحدث عن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش فوصفه ب«الرائع»، قبل أن يستعرض جانبا من تاريخ السينما الفرنسية، بداية من الأخوين «لوميير»، وصولا إلى فناني الموجة الجديدة وما بعدها، مرورا بليوني بيري وجان رونوار. وقال سكورسيزي إن السينما الفرنسية «ظلت تتجدد بفضل إيمانها الراسخ بقوة السينما»، مشيرا إلى أنها «مررت هذا الإيمان وهذا الحب للسينما إلى أميركا، واهبين لنا بذلك فن السينما، وهذا يعني أننا ندين بالكثير للسينما وللسينمائيين الفرنسيين». هذا وقد أنجبت فرنسا عبر فترات تاريخها الطويل، مخرجين كبارا طبعوا مسار السينما في العالم من أمثال إيريك رومير، جون لوك كودار، مرورا بكلود شابرول وجاك ريفيت، كما أنتجت أفلاما خلدها تاريخ الفن السابع مثل «الصيف القاتل» لجون بيكر، و«ثلاثة رجال ومهد» لكولين سيرو، و»37 درجة في الصباح» لجون جاك بينيكس، و»ليالي البرية» لسيريل كولار، و»الحياة نهر طويل وهادئ» لإيتيان شاتيليي، و»الأزرق الكبير» للوك بيسون، و»المصير الرائع لإيميلي بولان» لجون بيير جوني. وتلا حفل التكريم عرض فيلم «شرفة على البحر»، لمخرجته نيكول كارسيا، وبطولة جان دي جاردان وماري جوزي كروز. وبعد بين كينغسلي، إمير كوستورتسا، سعيد التغماوي، وكريستوفر والكن الذين جرى تكريمهم خلال الدورة الماضية، تحتفي الدورة العاشرة بالعديد من الأسماء الكبيرة في مجال الإبداع السينمائي، من بينها الممثلان الأمريكيان جيمس كان، وهارفي كيتل، والسينمائي الياباني كيوشي كوروساوا، والسينمائي المغربي محمد عبد الرحمن التازي، والممثل المغربي الراحل العربي الدغمي. وقد كان الممثل جيمس كان، نجم ليلة الأحد الماضي حيث جرى تكريمه في حضور المخرج الأمريكي الكبير فرنسيس فورد كوبولا مرتجلا كلمة بحق الممثل المكرم الذي رافقه عبر مساره السينمائي، وتجدر الإشارة إلى أن لجيمس كان الذي يبلغ السبعين من عمره فيلموغرافيا غنية استهلها وعمره لا يزيد عن عشرين سنة مع المخرج بيلي وايلدر وهوارد هاوكس وخلال نهاية الستينات تألق كان مع فرنسيس فورد كوبولا في فيلم «أناس المطر»، وتوالت النجاحات وصولا إلى دور سوني الابن البكر لعائلة دون فيتو كورليوني في فيلم العراب إلى جانب العبقري الراحل مارلون براندو والباتشينو ونهاية بشريط «جريمة هنري»، للمخرج مالكولم فينفيل، ويجمع بين جيمس كان وكيانو ريفز... ويحكي الفيلم، الذي تمت برمجته خلال أمسية الافتتاح، قصة هنري، الرجل هادئ الأعصاب، الذي يعيش وكأنه يمشي نائما، إلى أن وجد نفسه، يوما، عن غير قصد، يقود سيارة لعصابة تسرق أحد البنوك، ليلقى عليه القبض، ويحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ولدى مغادرته السجن، يقرر سرقة البنك الذي من أجله ألقي عليه القبض، وحكم عليه بقضاء سنوات من عمره خلف القضبان، مع أنه بريء، وذلك باستعمال نفق يربط أحد المسارح المجاورة للبنك بالقاعة التي تخزن فيها الأموال. ومن المعلوم أن فرانسيس فورد كوبولا يحضر الدورة العاشرة من مهرجان مراكش الدولي للفيلم بغاية إلقاء دروس الماستر كلاس في السينما لفائدة طلبة المعاهد السينمائية في المغرب وكذلك بعض المهنيين والمهتمين بالفن السابع عموما. وتجدر الإشارة كذلك إلى أن يوم أمس الاثنين شهد انطلاق منافسات جائزة أفضل فيلم قصير مغربي، على أن تمنح لأحد طلاب معاهد السينما في المغرب، وتصل قيمتها إلى 300 ألف درهم استحدثها «مهرجان مراكش» في دورته العاشرة لتشجيع المواهب السينمائية الوطنية، تشجيعا لسينما الغد في المغرب الذي صار ينتج سنويا حوالى خمسة عشر فيلما طويلا وما بين ثمانين ومئة فيلم قصير، وفقا لآخر إحصاءات المركز السينمائي المغربي. وأكثر من 15% من الأفلام التي تعرض في المغرب هي مغربية، بعد الأفلام الأمريكية والهندية والمصرية.. وبشكل مواز، تتواصل المسابقة الرسمية للمهرجان والتي تعرف مشاركة 15 فيلما، هي «مملكة الحيوان» لديفيد ميشود (أستراليا)، و»غيوم» لأليخاندرو جيربر بيسيشي (المكسيك)، و»ما وراء السهوب» لفانخا دالكنتارا (بلجيكا)، و»جاك يقود القارب» لفيليب سيمور هوفمان (الولاياتالمتحدة الأميركية)، و»ماريكي ماريكي» لصوفي سشتكينز (بلجيكا)، و»السراب» لطلال السلهامي (المغرب)، و»طريق شيمن رقم 89» لهالون شو (الصين)، و»روزا مورينا» لكارلوس أوغوستو دو أوليفيرا (الدنمارك)، و»مذكرات ميوزين» لبارك جونغ بوم (كوريا الجنوبية)، و»عندما نرحل» لفيو ألاداك (ألمانيا)، و»حياة هادئة» لكلوديو كوبليني (إيطاليا) و»نهاية» للوي سامبييري (إسبانيا)، و»كارما» لبراسانا جايكودي (سريلانكا)، و»المانحة» لمارك ميلي (الفلبين)، و»الحافة» لأليكسي أوشيتيل (روسيا)، وهي أفلام يؤكد أغلبها توجه إدارة المهرجان نحو الاحتفاء ب»سينما الغد»، حيث يبرز ذلك من خلال اختيار 10 أفلام، هي الأولى لمخرجيها. أصداء المهرجان أصدر بريد المغرب بمناسبة الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش طابعا بريديا. وأوضح بريد المغرب أن أبعاد الطابع الجديد, الذي صدر يوم افتتاح المهرجان, هي 40 مم على ثلاثين مم, وأن قيمته هي 80،7 درهم, مشيرا إلى أنه طبع من هذا الإصدار الجديد 200 ألف طابعا. وأضاف أن الإصدار الجديد, وهو من تصميم ع. إدفوف, طبع بنوع هليوكرافور, وبه لوحات من 25 طابعا بألوان متعددة.
تستقبل ساحة جمع الفنا كعادتها في كل دورة من دورات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أبناء وزوار المدينة الحمراء, مقترحة عليهم تسعة أعمال سينمائية لمخرجين من جنسيات مختلفة. وقد افتتحت عروض ساحة جمع الفنا ب»مرحبا بكم عند الشتي» (2008) للمخرج الفرنسي داني بون, ويحكي الفيلم عن فيليب الذي سيلجأ إلى الخديعة من أجل جعل رؤسائه يوافقون على نقله للعمل في الكوت دازور جنوبفرنسا, لكن حيلته ستنكشف مما يعرضه للتنقيل إلى / بيرك/ البلدة الصغيرة في شمال فرنسا.
قال المخرج المغربي الشاب طلال السلهامي إن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أضحى مرجعا سينمائيا عالميا, وأنه سعيد بتمثيل الفن السابع المغربي والعربي في هذه التظاهرة الكبرى. وأوضح السلهامي في حوار أجرته معه جريدة المهرجان (الأوفيسيال) أن هذه التظاهرة تمكنت على مدى السنوات الماضية من بصم اسمها في سجل الملتقيات السينمائية العالمية وهذا راجع, يقول المخرج الشاب, الذي يشارك في المسابقة الرسمية بفيلمه «أيام الوهم» إلى السمعة الطيبة التي يتسم بها, فضلا عن المستوى الفني والتقني واحترافية التنظيم التي أبان عنها.
قال الممثل المصري هاني رمزي إن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش أضحى بكل تأكيد مهرجانا عالميا, وواحدا من أقوى التظاهرات االسينمائية العالمية تستقبل نجوما عالميين من العيار التقيل. وأضاف رمزي في حوار أجرته معه جريدة المهرجان (الأوفيسيال) أن من بين ما يحسب للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش مراعاته للتنوع الجغرافي والفني للنجوم الذين يستقبلهم في كل دورة من دوراته, مشيرا إلى أن المهرجان استطاع طيلة عقد من الزمن جذب اهتمام عدد من السينمائيين العالميين. وخلص الفنان المصري, الذي يزور المغرب لأول مرة, إلى أنه بفضل الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئاسة الفعلية لصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد تمكن مهرجان المدينة الحمراء من أن يصير مهرجانا ضخما ذا تنظيم من مستوى عال.