في ظل النقاش الدائر حول آفاق الصندوق المغربي للتقاعد ، وفي غمرة التجاذبات القائمة حول أساليب الإصلاح المقترحة لسيره .. ومن أجل إلقاء مزيد من الأضواء على مختلف المساطر التسييرية ، والمستجدات الخدماتية الخاصة بكل من المنخرطين في مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين و الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ، تم تنظيم ندوة تواصلية يوم السبت 28 نونبر بمركز تكوين المعلمين بمكناس ، بتنسيق بين ( الجمعية الإسماعيلية وجمعية أمل ) لمتقاعدي أسرة التعليم بمكناس ، ساهم في تأطيرها مجموعة من ممثلي المؤسسات المذكورة بعد كلمتي التقديم والترحيب اللتين افتتح بهما رئيسا الجمعيتين الندوة ، استهل أحمد لمباركي رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المتقاعدين والمسنين بالمغرب ، وعضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد مداخلته ، مشيرا إلى أن المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد تم إنشاؤه سنة 1996 ومن مهامه المحافظة على ديمومة الصندوق واستمراره ، ومراقبة التدبير المالي والإداري لمختلف مجالاته بهدف ترسيخ مبدأ الشفافية وجودة الحكامة وتطوير الخدمات ، موضحا أن هناك أربعة صناديق مخصصة لأداء معاشات التقاعد بالمغرب ، وأن عدد المتقاعدين لا يبلغ المليون متقاعد في سائر الصناديق ، أما عدد المنخرطين فلا يتجاوز ثلاثة ملايين ، مما يؤكد ضعف التغطية الاجتماعية بالمغرب ، والتي لاتتجاوز نسبة 21 في المئة من مجموع الناشطين ، حيث يبقى خارج هذه التغطية 79 في المئة من الناشطين ، وهو الأمر الذي يجعل المغرب مرتبا في آخر ترتيب دول المغرب والمشرق العربيين . وذكر لمباركي بعدد المنخرطين في الصندوق المغربي للتقاعد ، وعدد المتقاعدين الذين يتقاضون معاشاتهم منه ، منتقلا إلى الحديث عن مداخيل الصندوق ومصاريفه السنوية ، مؤكدا أن العجز يتهدد مجموع صناديق التقاعد المغربية ، حيث سيعرف الصندوق المغربي للتقاعد ابتداء من سنة 2012 خصاصا يقدر بثلاثة ملايير ونصف ، وسيتضاعف الخصاص سنويا بسبب تزايد عدد المتقاعدين ...وعن أسباب هذا العجز يوضح لمباركي أن هناك أولا عدم أداء الدولة لحصتها المالية المخصصة للصندوق وذلك منذ إنشائه سنة 1959 إلى سنة 1996حيث تم ضخ مبلغ 11 مليارا في الصندوق كتقدير لمجمل حصة الدولة عن السنوات الماضية ، وقد تم خصم خمسة ملايير من هذا المبلغ كعجز كان مترتبا على القطاع العسكري ، زيادة على أن الدولة لا تؤدي سوى ثلث حصة المنخرط بدل الثلثين كما هو معمول به في بقية الصناديق . ومن أسباب العجز الأساسية أيضا تقلص عدد الموظفين ،لأن نظام الصناديق يقوم على أساس التوازن الديمغرافي وتضامن الأجيال ، حيث يؤدي المنخرط في سلك الشغل عن المغادر له . أما عن قضية إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب فيؤكد أحمد لمباركي باعتباره رئيس جامعة المتقاعدين بالمغرب ، على أن الإصلاح يجب أن يقوم على أساس إرادة سياسية تنخرط فيها جميع الأطراف المعنية ، وذلك بتشجيع مبدأ التضامن الاجتماعي ، بدل ما تنحو باتجاهه الشركات العالمية الكبرى ، من تشجيع قيام هذه الصناديق على أسس رأسمالية ، يتم النظر من خلالها إلى مساهمة كل مستخدم بشكل فردي ، دون أن يكون هناك أي تضامن بين الأجيال ، ومن ناحية أخرى وهذا أمر أساسي ، يجب أن تتحمل الدولة مسؤولية استمرارية صناديق التقاعد ، بدعمها ماديا عن طريق إنشاء صندوق خاص بذلك ، مع إنشاء هيئة وطنية خاصة تعنى بشؤون المتقاعدين والمسنين ، إضافة إلى مجموعة من الاقتراحات الأخرى التي ذكرها لمباركي ، مثل الزيادة في الأجور التي يترتب عنها ارتفاع قيمة الاقتطاعات ، وتوسيع قاعدة المنخرطين بفتح باب التوظيف والتشغيل ، وهيكلة القطاعات غير المهيكلة كالحرفيين والفلاحين وغيرهم . أما الحلول المؤقتة التي اقترحها المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد في دورة ماي الأخير، فتركز على الرفع من سن التقاعد إلى 62 سنة وبشكل اختياري إلى 65 سنة بالنسبة للذين لا يتوفرون على العتبة التي تؤهلهم للاستفادة من المعاش ، كما تنص هذه الحلول على الزيادة في نسبة الاقتطاعات بمقدار 4 نقط ، واحتساب معدل 8 سنوات الأخيرة . وللإشارة فإن الحكومة كانت قد تبنت هذه الاقتراحات ، وكان مقررا أن تقدم بصددها مشروعا خلال القانون المالي لسنة 2011 ، غير أن بعض الأحزاب والنقابات اعترضت على هذه الاقتراحات ، معتبرة أنها تقدم حلولا جزئية ، في حين يجب أن يكون الحل شاملا لجميع الصناديق ، وبذلك تم تأجيل البت في شأن هذه الإصلاحات إلى وقت لاحق. وفي نفس السياق ، أكد عمر فهمي رئيس مصلحة الاقتطاعات بالصندوق المغربي للتقاعد أن إدارة الصندوق وفي إطار سعيها لتحقيق مجموعة من الأهداف المسطرة في برامجها الاستراتيجية قد اهتمت بإنجاز مجموعة من المشاريع المتنوعة ، واستحداث مجموعة من الخدمات الجديدة ، استجابة لانتظارات المتقاعدين وتلبية لحاجياتهم على عدة مستويات ، مثل الأداء الإلكتروني ، وإبرام اتفاقية لتمكين المتقاعدين من القروض ..وعلى مستوى تقريب الخدمات تم فتح مجموعة من المندوبيات الجهوية في عدد من المدن ، ويتم الآن تقييم التجربة في أفق تعميمها بإحداث مندوبيات لاحقة بمختلف المدن ، إضافة إلى مجموعة من الخدمات الأخرى .. أما على مستوى المستجدات المتعلقة بأنظمة الصندوق ، فقد أشار ممثل هذه المؤسسة إلى أن الكل قد تابع الحديث الذي راج مؤخرا حول الوضعية المالية لصناديق التقاعد وسيناريوهات اصلاح أنظمتها وتدبير ماليتها ، والجدير بالذكر في هذا الموضوع أن الإشكالية عالمية وتمس التغطية الاجتماعية في مجموعة من الدول ، مع اختلافات موضوعية بين حالة وأخرى ، وفي ما يخص وضعيتنا ، فإن أنظمة التقاعد بالمغرب ليست في وضعية كارثية كما تتداول ذلك بعض وسائل الإعلام ، بل إن السلطات العمومية ، وفي رؤية استباقية ، بادرت إلى القيام بدراسة تشخيصية وتقييمية لوضعية هذه الأنظمة ، حيث تم تأسيس لجنة وطنية تحت رئاسة الوزارة الأولى ، تتكون من ممثلي النقابات الأكثر تمثيلية وممثلي الصناديق وممثلي الوزارات الوصية ، وقد انبثقت عن هذه اللجنة لجنة تقنية تضم مجموعة من التقنيين الذين اشتغلوا منذ سنة 2004 حيث قاموا بتشخيص وضعية هذه الأنظمة ، وقدموا مجموعة من السناريوهات التي تتعلق بإصلاح أوضاعها ، مع الاستعانة بالخبرة الأجنبية في هذ المجال ، وموازاة مع ذلك قدم المجلس الإداري للصندوق الوطني للتقاعد خلال دورة ماي مجموعة من الاقتراحات التي أشار إليها الأستاذ لمباركي في كلمته . أما عبد الله القادري ممثل مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين ، فقد اعتبر أن إحداث المؤسسة جاء في سياق تكريم وتحفيز الموارد البشرية العاملة في قطاع التربية والتكوين ، وقد أقصي المتقاعدون من خدماتها في بداية الأمر ، وبعد تغيير القانون المنظم لسيرها سنة 2006 وقع تدارك الأمر ، وفتح الباب أمام المتقاعدين للاستفادة من هذه الخدمات . وقد اعتمدت المؤسسة ، يقول القادري ، منهجية العمل وفق ترتيب الأولويات وإعطاء كل وضعية نصيبها من الاهتمام حسب ملحاحيتها في حياة المنخرطين ، وأولى هذه الأولويات تحددت في قضايا السكن ، حيث بادرت المؤسسة إلى إحداث صندوق الفوكاليف لمساعدة المنخرطين على اقتناء السكن ، كما قامت بإبرام اتفاقيات مع سائر الأبناك ومع صندوق الإيداع والتدبير ، وبمقتضى ذلك أصبح المنخرطون يستفيدون من القروض المدعمة بفائدة 2،57 في المئة إلى حدود 20 مليونا ، ومن القروض التكميلية بفائدة 4،57 في المئة إلى حدود 30 مليونا ، دون نسيان القروض الصغرى التي تصل إلى 8 ملايين تؤدى خلال عشر سنوات . أما الأولوية الثانية فترتبط بقضايا الصحة ، حيث تم استحداث نظام التغطية الصحية التكميلية ، وأبرمت المؤسسة اتفاقية مع تأمينات سينيا السعادة ، وأصبح بإمكان المنخرط على أساسها أن يستفيد من تغطية صحية تكميلية عن الأمراض المزمنة والخطيرة ، يصل مدى التعويض بموجبها إلى مليون درهم سنويا عن كل شخص وعن كل مرض . وذكر ممثل المؤسسة بمجموعة من التعويضات الأخرى التي تقدمها هذه التغطية ، لينتقل إلى التذكير ببعض الخدمات الأخرى التي تقدمها المؤسسة كالتنقل عبر القطارات والنقل الصحي وخدمة الحج وبرنامج نافذة ..مؤكدا في الأخير على أن المؤسسة تسعى جاهدة إلى تطوير مجموعة من الخدمات التي توفرها للمنخرطين ، وإلى الرفع من قيمة التعويضات المقدمة عبرها . ومن جانبه تطرق ممثل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي الصالحي الصديق إلى الحديث عن المستجدات التي عرفتها التغطية الصحية الأساسية التي تتولى تدبير قضاياها التعاضدية العامة للتربية الوطنية ، فقبل صدور قانون 006 الذي يعتبر مدونة متطورة لهذه التغطية، كانت كل تعاضدية من التعاضديات الثمانية الموجودة بالمغرب ، تدبر القضايا الصحية لمنخرطيها، وكانت كلها تابعة من الناحية المالية لوصاية وزارة المالية، التي يمثلها الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، ومن الناحية الإدارية والقانونية لوزارة التشغيل، وعندما أحدثت التغطية الصحية الإجبارية، وقع تغيير وتعديل في نمط التسيير التعاضدي حسب القانون الجديد، حيث تم تجميع التعاضديات الثمانية ، عبر إنشاء مجلس إداري يمثلها على مستوى الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ، وفي إطار هذا النظام وطبقا للمادة 83 منه ، تم إبرام اتفاقية يفوض الصندوق الوطني بموجبها لمختلف التعاضديات أمر التدبير الإداري لمنخرطيها، إضافة إلى تسوية الملفات العادية، على أن يقوم هو بتدبير العلاجات الكبرى من عمليات جراحية وتحمل وقضايا أخرى من هذا الحجم، وتبعا لهذا، يوضح الصالحي، فقد لاحظ المنخرطون حدوث تغييرات وتعديلات في الخدمات الصحية التعاضدية ، سواء على مستوى الوثائق أو على مستوى مساطر التدبير، وفي إطار هذا القانون الذي يضبط هذه العلاقة التدبيرية ، عمل كل من الصندوق الوطني والتعاضديات على استحداث مجموعة من الخدمات لصالح المنخرطين ، حيث تم فتح مواقع الكترونية لمزيد من التواصل والاطلاع على مختلف القضايا التي تهم كل منخرط، كما حدث تحسن على مستوى التسويات المالية، سواء تعلق الأمر بالملفات العادية أو الكبرى، وهذا أمر ملاحظ من طرف جميع المنخرطين . أما على مستوى التأمين التعاضدي ، فيؤكد ممثل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، ورفعا لكل التباس ، أن هنالك تعاضدية وحيدة، ومنذ أكثر من أربعين سنة ، موكول إليها أمر التأمين التعاضدي ، ونبه إلى أن هنالك مجموعة من المغالطات تستهدف رجال ونساء التعليم، عاملين ومتقاعدين ، من طرف بعض الشركات التأمينية التجارية ، التي تدعي انتسابها إلى التأمين التعاضدي ، في حين أنها لاعلاقة لها به لا من قريب ولا من بعيد ، وذكر الصالحي بالامتيازات والتخفيضات التي يقدمها التأمين التعاضدي ، والتي تنص عليها عقدة التأمين ، بحيث تصل هذه التخفيضات إلى 40 في المئة من قيمة التأمين التجاري ، مع سبعة امتيازات أساسية بتسعيرة خاصة ، إضافة إلى «البونوس والرديد» الذي يستفيد منه المنخرط بعد ثلاث سنوات من المشاركة في التأمين ، وهذه الامتيازات والتخفيضات ، يؤكد الصالحي ، لايمكن لأية شركة تأمين تجارية أن تقدمها لزبنائها بنفس التسعيرة ، مع النص على ذلك في عقدة التأمين ، لأن التأمين التعاضدي له تسعيرات خاصة ومختلفة عن تسعيرات التأمين التجاري .