صعب على عشاق السينما المصرية ومؤرخيها تخيل تاريخها مستقلا عن أعمال أدبية في مرحلة اعتبرها الكثيرون العصر الذهبي للشاشة الفضية في مصر كانت مصدر إلهام للمخرجين في أفلام تعد الآن من «الكلاسيكيات». ففي استفتاء حول أفضل 100 فيلم مصري بمناسبة مئوية السينما عام1996 جاء 12 عملا من بين أول20 فيلما في القائمة من مصادر أدبية وهي «الارض» و«الحرام» و«شباب امرأة» و«بداية ونهاية» و«البوسطجي» و«رد قلبي» و«دعاء الكروان» و«اللص والكلاب» و«أم العروسة» و«القاهرة 30» و«شيء من الخوف» و«الطوق والاسورة». ومن مؤلفي هذه القصص والروايات التي تحولت الى السينما عميد الادب العربي طه حسين ويحيى حقي وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف ادريس وعبد الحميد جودة السحار ويحيى الطاهر عبد الله ونجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الاداب لعام1988. ويسجل الناقد المصري محمود قاسم في كتابه «أفلام وأقلام» جانبا من العلاقة بين السينما والأدب، إذ يورد غلاف المجموعة القصصية أو الرواية إلى جوار ملصق الفيلم الذي اقتبس منها ونبذة عن العمل الأدبي ومؤلفه والفيلم ومخرجه وكيف اتفق الطرفان وفيما اختلفا. ومن أبرز أوجه الاختلاف أن فيلم «الأرض» الذي أخرجه يوسف شاهين عام1970 عن رواية الشرقاوي - وهو الثاني في قائمة أهم فيلم مصري- ينتهي بمصرع بطله محمد أبو سويلم دفاعا عن أرضه، لكن الرواية تنتهي بالقبض على أبو سويلم وأصحابه وتوحي بالامل في الافراج عنهم. والكتاب الذي يقع في225 صفحة كبيرة القطع أصدره قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة المصرية وقال المخرج محمد كامل القليوبي في مقدمته إن الأدب والسينما مثل «جناحي مقص لا يمكن أن ينفصل أحدهما عن الاخر» وإن كانت أغلب الراويات التي تنشر حاليا لا تصلح للسينما التقليدية. واعتبر القليوبي أن الإبداع الأدبي في العالم العربي «أكثر نشاطا من السينما وأن الفن السابع لم يلعب دوره الواجب في إبراز هذه الابداعات الجادة»، كما كان الحال منذ منتصف الخمسينيات حين كانت السينما تعتمد على الأدب. واشار إلى أن المخرج السينمائي أحمد ضياء الدين أخرج فيلم «أين عمري» -وهو أول فيلم عن رواية لاحسان عبد القدوس- في عام1956 .. وفي العام التالي ظهر له عملان هما «الوسادة الخالية» و«لا أنام».. وفي عام1958 ظهر له «الطريق المسدود» وفي العام التالي ظهر «أنا حرة» وكلها من إخراج صلاح أبو سيف. ولم ينس القليوبي، وهو أستاذ للسيناريو في أكاديمية الفنون، أن يذكر بأن جودة العمل الأدبي لا تضمن له أن يكون فيلما بارزا إلا إذا توفر له كاتب ومخرج على المستوى نفسه مستشهدا بنجيب محفوظ الذي تحولت ثلاثيته الشهيرة «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية» على يد حسن الامام «إلى مجموعة من الرقصات والهتافات الوطنية الجوفاء» على عكس تعامل مخرجين جادين منهم كمال الشيخ في «اللص والكلاب» و«ميرامار» وعلي بدرخان في «الكرنك» و«الجوع» وعاطف الطيب في «الحب فوق هضبة الهرم». ويورد قاسم مؤلف الكتاب في الخاتمة قائمة الأعمال الأدبية التي تحولت الى أفلام. وجاءت «ملحمة الحرافيش» لمحفوظ مثل منبع إلهام إذ اقتبس منها بين عامي 1985 و1988 ستةأفلام هي «المطارد» لسمير سيف و«التوت والنبوت» لنيازي مصطفى و«أصدقاء الشيطان» لأحمد ياسين و«شهد الملكة» و«الحرافيش» لحسام الدين مصطفى و«الجوع» لبدرخان.