مهرجان مراكش يضخ بشكل مباشر حوالي ستين مليون درهم في دورة الانتاج بمدينة مراكش، يخلق حيوية استثنائية في كل قطاعات الحياة بها ابتداء من الفنادق بكل تصنيفاتها و المطاعم بكل مراتبها، من تلك الأكثر رفاها إلى المطاعم الشعبية المنتشرة بمختلف أحياء المدينة وكذا قطاع النقل والصناعة التقليدية والمقاهي و غيرها مكتب مراكش : عبد الصمد الكباص قليلون هم أولئك الذين يعرفون الوجه الخفي لمهرجان مراكش الدولي للفيلم الذي يحتفل هذه السنة بذكراه العاشرة في رحلة واصل فيها إشعاعه بانتظام . فخلف المتعة التي يمنحها لعشاق الفن السابع ومحبي الحياة ، وخلف الاضواء المسلطة على كبار نجوم السينما العالميين الذين يحلون ضيوفا عليه، والانتصار الذي يمثله لسمو قيمة الفن ، وخلف لحظات التكريم الخالدة التي يخص بها أسماء وتجارب فنية لا يمكن التنكر لها ، وكذا كل التفاصيل التي تصنع منه الحدث الفني الأهم في بلادنا ، هناك اشتغال لرهانات قوية و عمل كبير يعرف قيمته المتدخلون في الشأن الاقتصادي بمراكش والمهمومون بتنميته . يكفي أن نذكر أن المهرجان يضخ بشكل مباشر حوالي ستين مليون درهم في دورة الانتاج بمدينة مراكش، يخلق حيوية استثنائية في كل قطاعات الحياة بها ابتداء من الفنادق بكل تصنيفاتها و المطاعم بكل مراتبها، من تلك الأكثر رفاها إلى المطاعم الشعبية المنتشرة بمختلف أحياء المدينة وكذا قطاع النقل والصناعة التقليدية والمقاهي و غيرها .. ترويج هذا الحجم المالي بالمدينة يحمل معه خلق فرص عمل مهمة، ساكنة مراكش في حاجة ماسة إليها ، ويضمن استمرارية أنشطة مدرة للدخل . يمكن أن نقدم مثالا بسيطا على ذلك: فديكور الخشبة الرسمية الذي يظهر خلف الممثلين و المخرجين في حفلات التكريم أو في حفل الافتتاح و الاختتام يخلق أيام عمل طويلة لما يزيد عن 57 عاملا مراكشيا من الصناع التقليديين الذي يعدون تفاصيل ذلك الكساء الجميل بمراكش وبالضبط بالمنطقة الصناعية سيدي غانم . وبالنسبة للدورة السابقة التي وصلت ميزانيتها إلى 65 مليون درهم ، فقد بلغ عدد مناصب الشغل التي خلقها المهرجان بمراكش بشكل مباشر 538 منصب شغل ، كما وفر 72 ألف ساعة عمل، ومنح المدينة الحمراء 5500 ليلة مبيت سياحية. . و لاقتناء مستلزمات التنظيم بمختلف مستوياتها، تعامل المهرجان مع 300 ممون، أغلبهم من مراكش .لذلك فالمنظمون يؤكدون أن ما يناهز 65 بالمائة من ميزانية المهرجان تشغّل في اقتصاد مدينة مراكش وتندمج في دورته . و حسب جليل العكيلي الكاتب العام لمؤسسة مهرجان مراكش الدولي للفيلم ، فالمهرجان يشكل لحظة قوية للترويج لصورة المغرب عالميا وفي كبريات القنوات التلفزية الدولية والصحف والمجلات الأكثر شهرة ويتساءل « كم يلزمنا من المال مثلا للحصول على عملية إشهارية تبث 21 مرة في اليوم ، وبثماني لغات على شبكة الأورونيوز ، وكذا ساعات على كنال بلوس وتلفزيونات دولية أخرى عربية و أمريكية ؟ هل ستكفي ستون مليون درهم لذلك ؟ المهرجان وفر هذه الإمكانية المهمة ..» ويؤكد جليل العكيلي أن المهرجان يشكل أرضية للتواصل بين كبار منتجي و مخرجي السينما العالمية ومهنيي القطاع بالمغرب . فمن خلال استدعائه لكبار صناع السينما بالعالم كضيوف لمتابعة فعالياته، فهو يعرفهم بإمكانيات البلاد لتصوير أعمال سينمائية والطاقات التي تتوفر عليها و الكفاءات المهنية التي توجد بها وذلك لخلق فرص شغل جديدة لأصحاب المهن السينمائية ، وكذا جلب استثمارات دولية في هذا المجال تقدر ميزانيتها بملايين الدولارات. و كمثل على ذلك فيلم « برانسيس أند برانسيسا « الذي بلغت ميزانيته 200 مليون دولار 80 مليون منها صرفت أثناء تصويره بمراكش . بل إن إدراج جائزة المدارس السينمائية ضمن فعاليات الدورة العاشرة يدخل في إطار تعريف المنتجين العالميين بأن هناك معاهد للسينما بالمغرب تخرّج مختصين في كل الجوانب المتعلقة بهذه الصناعة يمكن الاعتماد عليها في تصوير أعمال كبرى . وفائدة كل هذا لا تخفى على أحد، سواء بالنسبة لتشجيع الاستثمارات الدولية أو بالنسبة لخلق فرص العمل لهؤلاء الخريجين وكل مهنيي السينما ببلادنا . وبخصوص الدورة العاشرة من مهرجان مراكش التي تمثل حدثا بطعم خاص، والتي ترتفع ميزانيتها بنسبة 15 بالمائة حسب المنظمين بالمقارنة مع ميزانية الدورة السابقة لظروف لوجستيكية تتعلق بالإقبال الكبير للضيوف ، وهو ما يجسد ثقة كبيرة في المغرب ، فستتميز بحضور أغلب رؤساء لجان التحكيم في الدورات السابقة مع الاستمرار في تجربة الوصف السمعي لضعاف وفاقدي البصر لتمكينهم من متعة هذا الفن ، وكذا الدروس السينمائية من خلال درس العملاق فورد كوبولا ، ومسابقة الفيلم القصير لطلبة المدارس السنمائية . وسيكون من أقوى لحظاته تكريم السينما الفرنسية بحضور أزيد من خمسين فنانا، كما سيكون فيلم الافتتاح لحظة فنية متميزة بحضور الممثلين الثلاثة الأساسيين في الفيلم . يمنح مهرجان مراكش الدولي 280 ساعة من المشاهدة السينمائية تمثل 155 فيلما . ويحضره 1500 مدعو و446 صحفيا . وتمكنت دورته السابقة من استقطاب اهتمام إعلامي مهم جسدته 2900 تغطية صحفية صدرت بالمنابر الوطنية لوحدها . وعلى مدى عشر سنوات من الاستمرارية منح دفعة جديدة للحياة السينمائية بالمغرب . ففي تقدير المنظمين أن عددا من الشبان الذين أصبحوا اليوم مخرجين سينمائيين ، كانوا في دورته الأولى أطفالا ومراهقين وتحت تأثير أجوائه توجهوا لدراسة السينما وخطوا لأنفسهم مسارا في هذا المجال . بل إن المهرجان الذي استقطب في دورته السابقة 50 ألف متفرج بساحة جامع الفنا و 20 ألف في حفلات التكريم و 80 ألف بالقاعات ، يرسل خطابا قويا مفاده أن هناك ثقافة سينمائية تشكل أرضية لجمهور متعطش ينبغي بذل مجهود لإرجاعه إلى القاعات من أجل مزيد من الفرجة الجميلة والحلم ومحبة الحياة .