بلدية بني ملال تعاكس الصيغة التعاقدية التي جاءت بها المدونة والتي يفهم من خلال القراءة المبدئية والأخلاقية، وليس القراءة القانونية، أن الجميع معني بالسلامة الطرقية والتي كانت الأساس وراء المصادقة على مدونة السير بدل تحيين أو تطوير القوانين السابقة. إلا أن هاجس تقلص عدد الوفيات لم ولن تفي به عمليات زجر السائقين الذين خالفوا سهوا المدونة ولم يضعوا حزام السلامة، أو نسوا ورقة من أوراق السيارة إلى آخره من المخالفات التي لا علاقة لها بالسياقة المتهورة والمتنطعة. وإذا كان من البديهي أن يلتقط الجميع مفهوم التعاقد وصيغ تحمل الكل لمسؤوليته بعد قبول أحكام المدونة، فإن مدينة بني ملال، وخاصة لجنة السير والجولان أو ما يعرف باختصاصات المجلس البلدي في شأن مسايرة المدونة وشروط استعمال الطرق والأزقة حتى لا يتحول السائق إلى مشروع مجرم من جهة واحدة، وحتى لا يتحول السير كذلك داخل المدار الحضري بمثابة لعبة القط والفأر أو «حصلني نحصلك» وما نعنيه هو أن المدينة تفتقد كليا إلى الإشارات الضوئية اللازمة وبالمواصفات الحديثة فغالبا ما تجد هذه الأضواء معطلة جزئيا أو كليا. إضافة إلى إعادة النظر في ممرات مرور الراجلين وتحديد معالمها حيث كل الطرقات طولا وعرضا ممر للراجلين وللدراجات العادية والنارية وكذا العربات المجرورة يدويا والدواب... أما ما لا يستسيغه عقل فهو مخارج الأزقة إلى بعض المحاور الطرقية، وفي رأيي فهذه قضية تقتضي لوحدها «مدونة أخرى جديدة» حتى لا تصبح مسألة السير والجولان بمدينة بني ملال بمثابة ألعاب بلا حدود أو نوعا من المغامرات والتي لا يسلم منها الإنسان. فعلى طول محور طرقي مهم وهو شارع الجيش الملكي على سبيل المثال لا الحصر، لا وجود لعلامات طرقية بكل الأزقة التي تصب في هذا الشارع كما هو الشأن على طول الطريق التي تخترق شارع الحسن الثاني وشارع محمد الخامس بحي الشرف وحي الليمون جنان الطاهر، وغالبا ما تعرف حوادث مميتة وكان آخرها مقتل شاب في مقتبل العمر خلال آخر أسبوع من شهر أكتوبر. أما على مشارف مدخل رياض السلام فالحوادث مستمرة والمجلس غائب عن هذه النقطة وخطورتها من مخرج المدينة المحاذي لحي مبروكة ورياض السلام إلى مدخلها في اتجاه مدينة مراكش وبالقرب من نادي الفروسية، خاصة بعد توسيع هذا المقطع والذي ظل بدون أية إشارات للمرور وبدون أضواء اللهم إذا استثنينا خطوط التشوير الأرضي. فالسلامة الحقيقية ببني ملال هو أن يسلم السائق من فوضى الطرق وتهور بعض مستعمليها من أصحاب الوقت وأبنائهم وبناتهم.