وسط حضور إعلامي كبير للصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية ، وبحضور العديد من الوجوه الفنية والرياضية المرموقة عقد السيد كريم غلاب وزير التجهيز والنقل حفل إفطار بمناسبة دخول إجراءات مدونة السير حيز التنفيذ يوم الجمعة فاتح أكتوبر. وقد عرف هذا اللقاء الذي امتد إلى غاية منتصف النهار تقديم الإجراءات الخاصة بتطبيق مدونة السير من طرف السيد وزير التجهيز والنقل والرد على مختلف أسئلة الصحافيين. كما تم في هذا اللقاء توزيع كتاب أبيض يهم إجراءات الإعداد والتحضير والمواكبة لدخول مدونة السير حيز التنفيذ، وفي مداخلة السيد وزير التجهيز والنقل تطرق بالشرح إلى ثلاثة عناصر أساسية همت الأهداف والاستراتيجية العامة للجنة الوطنية للسلامة الطرقية والإجراءات التي تهم تطبيق قانون السير إضافة إلى الالتزامات النقابية والبرلمانية. وأشار السيد كريم غلاب في مداخلته إلى أن المغرب ولأول مرة أصبح يتوفر على استراتيجية تشاركية وموحدة للسلامة الطرقية، هذا المسلسل الذي انطلق منذ سنة 2004 وحقق تراكمات تمت الاستفادة من سلبياتها وتحويلها إلى إيجابيات . فاللجنة الوطنية للسلامة الطرقية التي يترأسها الوزير الأول والتي تجتمع مرة في السنة، ساهمت بشكل فعال في توحيد الوزارات والإدارات المعنية بموضوع السلامة الطرقية، هذه اللجنة التي لها امتدادات جهوية والتي يترأسها الولاة.. وكشف السيد كريم غلاب في عرضه عن نجاح عملية تكوين المكونين التابعين للدرك والشرطة وعن نجاح المنهجية التشاركية التي تساهم فيها الوزارات من حيث إعداد المراسيم والأنظمة المعلوماتية والتشوير الطرقي والتحسيس والتواصل وغير ذلك. وقد تم طبع وتوزيع دليل موحد للمراقبة الطرقية من 65 ألف نسخة كما تم طبع ما يزيد عن 100 ألف نسخة من الدليل الموجه للمهنيين. وأعلن السيد وزير النقل من جهة أخرى عن بدء تشغيل الردارات ابتداء من بعد منتصف ليل فاتح أكتوبر حيث ضبطت الردادات في ظرف 3 ساعات 1200 مخالفة . وفي تصريحه لجريدة العلم، أكد السيد كريم غلاب أن هذا اليوم هو بمثابة نقطة انطلاق لمشروع جماعي هام سيحقق نقلة نوعية تبصم حياة المغاربة في إطار السلامة الطرقية والتقليص من عدد ضحايا حوادث السير، إذا ما طبق بالشكل المرغوب فيه، وأضاف »نحن اليوم على موعد مع كل المغاربة لنطلعهم على أن مدونة السير هي نظام جماعي ويجب علينا جميعا المساهمة في نجاحه باحترام تطبيقه«. ولنا عودة في الموضوع. وبعد نهاية العرض الذي قدمه كريم غلاب خلال هذا اللقاء انصبت مداخلات الحضور حول الضمانات والالتزامات التي جاءت بها مدونة السير الجديدة، والتي من شأنها أن تحل الإشكالات التي شغلت الرأي العام طيلة مدة الاشتغال على هذا الورش الإصلاحي، كذلك المتعلقة بالرشوة ومشاكل التشوير والبنية التحتية للطرقات واحتمال تزوير الشواهد الطبية والعقوبات الحبسية. وأوضح غلاب، بخصوص ما يتعلق بالرشوة وحماية حق المواطنين وجعل المدونة قانونا ساريا على الجميع، أن المدونة لم تتهاون في إيجاد حلول ناجعة لتقليص حالات الارتشاء والتساهل في تطبيق القانون إلى أبعد حد ممكن، وجاءت بضمانات تقنية وقانونية وتنظيمية جديدة وفعالة، بحيث ركزت على تأهيل المراقبة الطرقية، وتعزيزه بتقنيات حديثة ومتطورة لإنجاز عمليات المراقبة الطرقية بشكل شفاف يقلص من العنصر البشري ويضمن حفظ أثر المراقبة عبر تخزين ومعالجة المعطيات الخاصة بعمليات المراقبة. وقال »لقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير المواكبة لتدقيق المراقبة للنقط الحساسة للسير والجولان، إذ سيتم تشغيل 155 جهاز رادار ثابت تم وضعها سالفا، اقتناء 1000 رادار ثابت في الوسط الحضري وخارجه، وأيضا تعميم المحطات الثابتة لمراقبة حمولة عربات نقل البضائع..«. وأضاف، بخصوص الضمانات التنظيمية والقانونية، أن المدونة اتخذت أيضا العديد من التدابير في هذا الشأن للحد من ظاهرة الرشوة، ذاكرا منها إجبار ضباط وأعوان المراقبة الطرقية على حمل شارات خاصة تتضمن أسماءهم الكاملة وصفتهم وصورهم، ضرورة وضع تشوير عن بعد يعلن عن نقط المراقبة للحد من بعض سلوكات بعض فرق المراقبة التي تحاول مفاجئة السائقين المخالفين، منع فرق المراقبة من إيقاف العربات على الطريق السيار في محطات الأداء ونقط الخروج، وكذا إقرار الحق في منازعة المخالفات، بحيث أن من حق أي مواطن شعر بتظلم أن يرفع الطعن في القرار المخالفة التي وجهت إليه، ليفوض الأمر للقضاء كي يفصل في القرار النهائي، إقرار بحوث إدارية وتقنية وإجبارية وجهت إليه، ليفوض الأمر للقضاء كي يفصل في القرار النهائي، إقرار بحوث إدارية وتقنية وإجبارية التحقيق القضائي من أجل تحديد أدق للمسؤوليات، قبل إصدار الأحكام القضائية، إجبارية الخبرة الطبية المضادة في حالة حوادث السير التي تنتج عنها جروح، والحق في الحصول على تقارير البحث في حالة حوادث السير المميتة. وفيما يخص احتمال تزوير الشواهد الطبية في بعض الحالات لبلوغ مدة تفوق 21 يوما، أوضح غلاب أن إجبارية الخبرة الطبية المضادة التي نصت عليها المدونة من شأنها الفصل في الموضوع، وبخصوص غياب فصول في المدونة تبث في الشهادات الأقل من 21 يوما، ذكر في هذا الباب أن الأمر يعرض على المختصين في سلك القضاة للاجتهاد فيه. أما بشأن العقوبات الحبسية التي تشغل بال الحرفيين ومستعملي الطرق، فقد أفصح غلاب أن مدونة السير الجديدة لم تأت بالجديد في هذا الباب فالعقوبة الحبسية كانت دائما واردة حسب القانون الجنائي، ولم تغير من المدة الحبسية التي ينص عليها القانون الجنائي ضمن الفصول التالية: 432، 433، 434، حيث كان فيه القاضي ملزما باعتبار السائق طرفا مسؤولا في الحادثة، إنما جاءت المدونة لتضم هذه الفصول ضمن قانون السير الجديد مع إضفاء مجموعة من الضمانات تحد من العبثية في الأحكام السالبة للحرية، وقال »في السابق كان يعتمد على محضر واحد خاص بالدرك الملكي أو الشرطة في حالة حوادث السير المميتة، أما اليوم فقد أصبح الأمر يتطلب بالإضافة إلى هذا المحضر تقريرا تقنيا مفصلا بملابسات الحادثة وظروفها ينجزه مهندسون مختصون عن مصالح الوزارة الوصية، ويرفع هذا التقرير إلى المحكمة التي أصبحت هي الأخرى بمقتضى قانون السير الجديد تلزم إنجاز التحقيق الإعدادي بعدما كان في السابق اختياري، حيث يستطيع بذلك القاضي على ضوء هذه الوثائق الثلاث من تحديد نسبة مسؤولية السائق من الحادث«. وعلق غلاب عن بعض المداخلات التي لمحت إلى كون المدونة لا تتماشى والبنية التحتية للطرقات وأن يكون تطبيقها انتقالي عبر مراحل، أنه إذا ما تم تبني هذا الطرح فذاك يعني أن نعيش في فوضى حتمية إلى غاية جعل كل مناطق المغرب الحضري منها والقروي معبدا بطرق سيارة، كما الصيانة الطرقية والإصلاحات الهيكلية للطرقات هي مشاريع قائمة التأهيل في كل وقت وحين سواء على البعيد أو القصير. وذكر غلاب في نهاية اللقاء أن مدونة السير الجديدة هي بمثابة قانون حداثي جماعي ذا بصمة مغربية محضة، ويتطلب وعيا جماعيا لإنجاحه كورش إصلاحي، يضمن حياة الأفراد والجماعة ويضمن حقوق وواجبات مستعملي الطريق. وبخصوص الكتاب الأبيض الذي تم توزيعه على الصحافيين والذي يهم مختلف الجوانب المرتبطة بالإعداد والتحضير والمواكبة لتطبيق مدونة السير، فهو لم يترك ولو نقطة واحدة طي الغموض بحيث تطرق الكتاب إلى مختلف المراحل التي تم قطعها لدخول مدونة السير حيز التطبيق بدءا من منهجية العمل التشاركية التي تم اعتمادها مرورا بالمساطر الإدارية والتقنية والنصوص التطبيقية والأنظمة المعلوماتية والدليل الموحد للمراقبة وتكوين المعاونين والمسؤولين المعنيين بتطبيق القانون بمختلف الإدارات إضافة إلى التواصل والتحسيس. وتضمن الكتاب الأبيض، الذي يعتبر بحق خارطة طريق لمواكبة إجراءات تطبيق المدونة، منهجية الحوار بين مختلف الأطراف المعنية وسبل الوقاية من الرشوة وتأهيل المراقبة الطرقية وإرساء حقوق جديدة للمواطنين علاوة على تحديد المسؤوليات بين مختلف الأطراف. وفيما يتعلق بالالتزامات فقد احتوى الكتاب على أهم القضايا المفصلية مثل تطوير دور هيئات المراقبة الطرقية وتأهيل النقل الطرقي للأشخاص بالعالم القروي وإعداد مشروع وإصلاح النقل العمومي للمسافرين عبر الطرق بين المدن، بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية كالشباك الوحيد والضمان الاجتماعي والتغطية الصحية واعتماد مفهوم السائق المهني وتفعيل التواصل مع العموم، هذا مع مواصلة مجهودات تطوير البنيات التحتية الطرقية من طرق سيارة وسريعة وتنمية الصيانة الطرقية وتهييئات السلامة والتشوير الطرقي وتجهيزات السلامة وتأهيل البنية التحتية بالوسط الحضري. كما تطرق الكتاب الأبيض كذلك إلى قطاعي النقل الطرقي للأشخاص والنقل الطرقي للبضائع وتمويل الإجراءات المواكبة لدخول المدونة حيز التنفيذ والاستراتيجية الوطنية للتكوين وتأهيل الفحص التقني وتأهيل قطاع تعليم السياقة والاستمرار في عمليات التواصل المباشرة المواكبة. جاء في الكلمة الختامية التي تضمنها الكتاب الأبيض »أن مدونة السير التي دخلت حيز التطبيق ابتداء من فاتح أكتوبر 2010 هي نتاج للعمل المسؤول الذي قامت به كل الهيئات من حكومة وبرلمان ونقابات وإعلام والذي كرست من خلاله مبادئ الديمقراطي الحقة وحرية التعبير والدفاع عن الرأي بمسؤولية وانفتاح إيجابي على الرأي الآخر، مما أتاح بلورة نص متقدم يراعي خصوصيات المجتمع والاقتصاد المغربي، وكفيل بحث السائقين على تغيير سلوكاتهم الخاطئة وترسيخ النظام الذي نطمح إليه بتحسين السير على الطرق والسلامة الطرقية ببلادنا. إن دخول مدونة السير الجديدة حيز التنفيذ ومواصلة إصلاح قطاع النقل الطرقي وتفعيل الاستراتيجية اللوجستيكية وتحقيق أهدافها، كلها أوراش هامة ومصيرية للنهوض بالقطاع والرقي بالخدمات إلى مستوى يمكن المغرب من تحقيق الإقلاع الاقتصادي وخوض غمار العولمة. لكن أكبر تحدي وهدف يراهن عليه المغرب من خلال مدونة السير هو تقليص عدد القتلى والجرحى من جراء حوادث السير والحد من الخسائر المادية والبشرية غير المعقولة التي تتكبدها بلادنا سنويا من جراء حرب الطرق (أزيد من أربعة آلاف قتيل و11 مليار درهم) وهذا الهدف لن يتحقق إلا بوعي جماعي بأهمية المحطة التي يشكلها دخول المدونة حيز التنفيذ والتي تعتبر فرصة حقيقية لتغيير السلوكات الخاطئة على الطريق«.