«تقدم القاتل وسيفه بيده، جثا على عنصر من عناصر قوات الأمن العمومي الساقط أرضا. ثبت رأس الرجل بتقنية ومراس القاتل المحترف، وضع سيفه من الرقبة فأجهز على ضحيته، ثم انتصب واقفا، ومضى بهدوء وسيفه يقطر دما. وهناك على قارعة الطريق المؤدي إلى مدينة السمارة، وقف قاتل آخر يتملى بسادية في جثتين من عناصر الأمن العمومي، وبدون أدنى احترام لكرامة الإنسان، وحرمة الموت، بدأ يتبول على الجثتين.» لم تكن هذه المشاهد لقطات من فيلم رعب، بل هي بعض من حقيقة ما جرى خلال أحداث العيون الأخيرة، التي افتعلتها ميلشيات المهربين وأصحاب السوابق والفارين من وجه العدالة مسجلة على شريط، تم عرضه في الندوة الصحفية التي عقدها كل من الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية، والطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، لتسليط الضوء على الأحداث الأخيرة التي عرفها مخيم «كديم إزيك» ومدينة العيون. وبعد أن استعرض وزيرا الداخلية والخارجية كرنولوجيا الأحداث منذ إحداث المخيم في العاشر من أكتوبر الماضي إلى غاية الثامن من نونبر الجاري، حينما تدخلت السلطات العمومية لفرض احترام القانون وتحرير النساء والعجزة والأطفال من قبضة الميلشيات، وذلك بعد سلسلة من الحوارات والتدابير مع ما سمي (بتنسيقية المخيم)، استجابة للمطالب الاجتماعية لسكان المخيم، الذي سمحت السلطات بنصبه إيمانا بحق السكان في التعبير عن مطالبهم. بعد ذلك كشف وزير الداخلية عن مجموعة من الحقائق والملابسات .. التي اكتنفت الأحداث، حيث شدد على أن السلطات العمومية لم تطلق ولا رصاصة واحدة، على الرغم من الشراسة والعنف الذي ووجهت به. ولكن ماهي هوية هذه الميليشيات ومن الذي يقف وراءهم؟ أوضح وزير الداخلية أن المخيم ضم ثلاث فئات، الفئة الأولى تضم النساء والعجزة والأطفال من ذوي المطالب الاجتماعية، وفئة ذوي السوابق والمهربين التي صدرت في حقهم مذكرات بحث، وأخيرا فئة الانتهازيين. وأضاف أن أصحاب السوابق والهاربين من العدالة حاولوا ابتزاز الدولة بغية إسقاط المتابعات في حقهم، وإبطال مذاكرات البحث الصادرة ضد بعضهم، والمطالبة بإطلاق سراح أصحابهم الذين يقضون عقوبات حبسية، وهو الأمر الذي لم يتأت لهم، لأن المغرب دولة حق وقانون. وكشف الطيب الشرقاوي عن ممارسات خطيرة قام بها هؤلاء المجرمون، كاستعمالهم للقنينات الحارقة وقنينات الغاز والأسلحة البيضاء، والقيام بتخريب عدد من المنشئات العامة والخاصة، إذ تم تخريب 18 إدارة عمومية و15 من الدوائر والملحقات الإدارية و 4 مؤسسات تعليمية، وتسعة وكالات أبناك وأربع شركات، ووكالتي أسفار وثلاث وكالات لتحويل الأموال و31 محلا تجاريا، كما همت هذه الأضرار ممتلكات خاصة ل144 شخصا. وأشار وزير الداخلية إلى أنه تم في مرحلة أولى تقديم 77 عنصرا للعدالة، ستة منهم أحيلوا على المحكمة العسكرية، و64 على ذمة التحقيق، وأكد وزير الداخلية أن 33 عنصرا من هذه العناصر هم أصحاب السوابق. وفي معرض الإجابة عن أسئلة الصحافيين أكد الطيب الشرقاوي أن هوية القاتل الذي ظهر في الشريط معروفة، وأن السلطات القضائية جادة في البحث عنه. وحول ما إذا كانت هناك شكوك للسلطات حول ضلوع القاعدة في هكذا أحداث، قال وزير الداخلية «لقد شاهدنا جميعا الشريط وعايننا أسلوب الذبح والوسائل الجديدة المستعملة، وهي أساليب أناس مدربين تدريبا جيدا». وللرد على سؤال لأحد الصحافيين الأسبان بخصوص منع الصحافيين من الدخول إلى العيون للتأكد من ما جاء في الشريط، قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، إن مدينة العيون والمخيم مفتوحان في وجه الصحافيين إلى حدود يوم أمس الأول. وأضاف أن السلطات العمومية تلقت شكايات من طرف صحافيين أجانب تعرضوا لاستنطاق من قبل عناصر الميليشيات. وبخصوص موقف الصحافة الإسبانية من الأحداث والقضية الوطنية، أكد أن هناك موقفا مسبقا يجانب الحقيقة المجردة لنقل الأخبار ، وضرب مثلا بتغاضي هذه المنابر لوضعية مصطفى ولد سلمى، في الوقت الذي يتم فيه فبركة الصور والأخبار ضد المغرب في سياق الأحداث الأخيرة. ومن جهة أخرى كشف الطيب الفاسي الفهري عن تظاهرة احتضنتها الجزائر منذ أسابيع، وتدارس المشاركون في هذه التظاهرة أساليب تحقيق الانفصال بأساليب غير سلمية، ولعل ما شهدته العيون من أحداث يدخل في هذا الإطار.