عند زيارتك للمحطات الطرقية قبيل عيد الأضحى، تفاجأ بعدد كبير من الوسطاء وهم يعرضون التذاكر للبيع بأسعار خيالية ولا مجال لمراجعة السعر، فالطلب مرتفع، وهناك من هو مستعد للدفع، فالمهم عنده هو الوصول لدرجة أن فرحة الحصول على مقعد في الحافلة لا تضاهيها فرحة، وترى ذلك باديا على محياهم. من يتحمل مسؤولية هذه الفوضى واستغلال فترة العيد لمضاعفة أسعار التذاكر؟ من المسؤول عن حماية المواطنين من قناصي الفرص ممن لديهم حقوق امتياز استغلال حافلات النقل بين المدن؟ لمن يلجأ المواطن الذي يجد نفسه مجبرا على أداء سعر الرحلة إلى بلدته مضاعفا ولا خيار له إلا الاذعان و إلا لن يتمكن من المغادرة؟ فأن يصرح المسؤولون أن الوسطاء (الكورتية) يساهمون في كثير من الحالات في خلق المشاكل للمسافرين، وأن الظاهرة لاتزال موجودة في غياب حل جذري لها، و أن ممثلي شركات النقل بالمحطات الطرقية يلجأون خلال فترات الذروة إلى غلق شبابيك محلاتهم وتسليم التذاكر للوسطاء لبيعها بالخارج بعيدا عن عين المراقبين، فذلك يدعو للاستغراب فعلا، فالتذاكر تباع أمام الملأ في ممرات المحطات والطرقات وأمام أعين رجال الأمن والمراقبين وتحت أنظار الإدارة والسلطات المحلية ولا أحد يتدخل . لن نتحدث عن التجاوزات المسجلة خلال الرحلات ولا عن الحالة الميكانيكية والهيكلية التي توجد عليها مجموعة من الحافلات خاصة تلك المتوجهة إلى مدن الهوامش والتي تحول الرحلة ليس إلى قطعة من عذاب، بل إلى العذاب نفسه، حيث يقضي المسافر أحيانا 12 ساعة في حافلة تفتقد إلى شروط السلامة وإلى التهوية، ولكم أن تتصوروا حجم المعاناة خاصة إذا ما تم استغلال الظروف وتمت الزيادة في عدد الركاب من خلال ملء الممر الوحيد وسط الحافلة، لكم أن تتصوروا ذلك. كل هذا يتم أمام أعين المراقبين ولا من يحرك ساكنا ،اللهم بعض الخرجات الفولكلورية لذر الرماد في العيون. إنهم يمارسون لعبة التذاكر الطائرة، إنهم الكوارتية والسماسرة الذين يتجولون ب «طواقي الإخفاء» بين ممرات المحطات الطرقية بحيث لا يراهم المراقبون ولا رجال الأمن ، بل يتكشفون فقط للمواطنين البسطاء المتلهفين لقضاء أيام العيد مع ذويهم. إنهم قناصو الفرص والذين يحاولون استغلال حركة المواطنين بين المدن للظفر بهامش اضافي من الربح؛ لايهم ان كان حلالا أم حراما؛ المهم أن يكون فائضا ماليا اضافيا على حساب جيوب المواطنين وعلى حساب سلامتهم وصحتهم!