«لا نغير المجتمع بمرسوم» .. قالها ميشيل كروزييه ذات كتاب .. لا نغير المشهد الحزبي بقانون .. قالها الواقع السياسي المغربي .. لماذا هذا التصدير..؟ .. و لماذا هذا الكلام / الحكم.. الذي قد يراه البعض مخلوطا ببهارات التشاؤم. الواقع السياسي أصلب و أعمق و أعنف لدى التوقف عند تفاصيله المخجلة.. نقاشات سياسية .. خلاصات حزبية .. توجه واضح لدى السلطة السياسية لتخليق الحياة الحزبية .. نتاج كل هذا.. الخروج بنص قانوني يؤطر و يعقلن السلوك الانتخابي للفاعلين السياسيين وصولا إلى إفراز خريطة سياسية حقيقية تراعى فيها قواعد اللعبة الديمقراطية و نستعيد معها المعنى الأخلاقي للسياسة و الاعتبار اللازم للعمل السياسي الرصين . بعد خروج القانون المذكور إلى حيز التطبيق و انصراف الطبقة السياسية إلى تفعيل و أجرأة مقتضياته و نصوصه .. لاحت بوادر الأعطاب و الثغرات و الفجوات التي أعطتنا إعاقات ممارساتية إن صح التعبير، ظهر و كأن المشهد لم يتغير فيه شيء.. جل الأحزاب «انتصرت» لمسلكياتها العتيقة و «الباذخة» في ترسيخ الفساد السياسي.. مربع السلطة ولد حزبا أغلبيا لا تنتطح حول حقيقته و أسباب نزوله عنزتان ..!.. أول امتحان لهذا القانون هو المادة 5 .. التي لم تستطع أن تحاصر و تمنع الترحال السياسي ، و قام من قام بالتأويل الإيجابي و الانتهازي لهذه المادة استجابة لذات حزبية وافدة متضخمة بجبروت السلطة الذي يظهر و يختفي . هذه الأحزاب أيضا لم تنضبط لبقية المقتضيات، من بينها عقد المؤتمرات في وقتها القانوني و ضبط مصادر و مصاريف التمويل و أوجه الصرف. السؤال هل استطاع هذا القانون أن يجيب على أعطاب الحياة الحزبية و السياسية أيضا..؟ .. هل تطور المشهد الحزبي .. ؟.. هل تطور و استقل الفاعلون السياسيون..؟ هل هذا القانون استطاع تخليق وتمنيع السياسة الانتخابية في البلاد..؟.. هل توقف المال القذر عن صنع الخرائط الانتخابية ..؟.. تلك الأسئلة التي تحرج الجميع اليوم .. من تلك الرائحة الآتية من هناك .. والتي مفادها أن الأحزاب لا تصلح لشيء.. و أن المبادرة يجب أن يأخذها «حزب الدولة» لتغيير و تطوير وتمنيع الحقل الحزبي المغربي ..!!!.. نحن اليوم إزاء تطورات متقاطعة تهم بلدنا و وطننا، هذه التطورات تحتاج إلى أحزاب سياسية قوية و فاعلة و مستقلة أيضا ، تطورات مرتبطة بهندسة الدولة و الإصلاحات الدستورية المتوقعة حول الجهوية و مشروع الحكم الذاتي ، ألا يبدو هذا القانون خصوصا في حديثه عن منع قيام الأحزاب الجهوية متعارضا مع هذه المستجدات السياسية..؟ .. هذا الملف السياسي الذي تطرحه جريدة «الاتحاد الاشتراكي ».. يراد منه فتح نقاش وطني حول هذا القانون و الإسهام في إغناء الأجندة السياسية و تمكين مختلف الفرقاء من تعميق الحوار الهادئ حول هذا القانون ، و قد استكتبنا و حاورنا أكاديميين و سياسيين و قاربنا التجربة الفرنسية في شق التمويل و التأسيس ، عسى أن نشرك الجميع و نفكر بصوت مسموع فيما تمور به الحياة السياسية المغربية ...