أي دور للإسرائيليين (وأساسا للموساد) في عملية الإختطاف؟!.. إنه السؤال الذي ظل يطرح منذ 1966، تاريخ صدور أول مقالة صحفية إسرائيلية، نشرت بمجلة «بيل» للصحفيين الإسرائيليين ماكسيم غيلان وسيشمول موهر، التي أفادت أن تمة دورا للموساد الإسرائيلي في تخطيط وتنفيذ عملية اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بنبركة بباريس. وأن الأمر تم على أعلى مستوى في هرم الموساد (رئيسها الجنرال مير أميت) وفي الحكومة الإسرائيلية (رئيس الوزراء، حينها، أشكول). ما حجم ذلك الدور؟!. هل هو دور تقني أم لوجيستي؟!، أم إنه دور تنفيذي مشارك؟!.. الأجوبة التي تلاحقت كما قدمها محامي عائلة الشهيد بنبركة، الأستاذ بيتان، تفيد أن تمة دورا أكيدا للإسرائيليين، لكنه لابد من انتظار انقضاء السنوات القانونية لرفع السر عن أرشيف المخابرات الإسرائيلية لمعرفة الحقيقة. لأنه كما قال المحامي الفرنسي، «ليس هناك نار بدون دخان»، والدخان التي ظل يظهر ويختفي، في هذه الجريدة أو تلك (أمريكية، إسرائيلية، فرنسية ومغربية)، يقدم معلومات متقاطعة ومتكاملة وأحيانا متناقضة حول حجم الدور الإسرائيلي. المؤكد هو أنه كانت هناك صفقة بين الملك الحسن الثاني والجنرال أوفقير (الذي زار إسرائيل سرا أكثر من مرة) وبين الحكومة الإسرائيلية، لتسهيل هجرة المغاربة اليهود إلى فلسطين، والذين بلغ عددهم في أول الستينات، ما يفوق 200 ألف نسمة، وهو رقم كبير ووازن. في المقابل، كان هناك دعم إسرائيلي مخابراتي لحماية النظام السياسي المغربي، ومساعدته تقنيا وعمليا في عدد من الملفات الخاصة، وكان ضمنها ملف الشهيد المهدي بنبركة. تمة حديث على أن استدراج الشهيد إلى باريس للنقاش حول مشروع فيلم سينمائي، هو مخطط إسرائيلي، من خلال السينمائي الفرنسي اليهودي أرثور كوهين. وأن أول من أخبر أوفقير بقرب حلول بنبركة بباريس هم الإسرائيليون، الذين قدموا له وللجنرال الدليمي الذي كان مكلفا بالتنفيذ، مع فريقه من جهاز المخابرات المغربية بوحدة «الكاب 1»، الأدوات الضرورية تقنيا لمحو أي أثر مادي للجريمة، وأنهم قدموا لهما نوعين من السم لتصفية الشهيد بنبركة، لكنه لم يتم استعمالهما، بل تمت إعادتهما إلى جهاز الموساد. مثلما أن رجل الربط الإسرائيلي «كوهين» الذي رافق الدليمي والمجرمين الفرنسيين المشهورين في نفس رحلة الطائرة المتوجهة إلى المغرب، لم تعرف قط هويته الحقيقية إلى اليوم. مثلما أن إسرائيل وفرت سكنى احتياطية للفريق المغربي، وأن الشهيد إلى حدود يوم 1 نونبر 1965 كان لا يزال على قيد الحياة، حسب معلومات دقيقة للموساد، وأنه تمت تصفيته عبر خنقه بالمياه في حمام الفيلا التي حمل إليها. بدليل أن الدليمي طلب من الإسرائيليين يوم 2 نونبر 1965 المواد المنظفة لأي أثر من الجريمة. بل وذهبت تلك المعلومات المتناثرة، إلى التأكيد على أنه من المحتمل أن تكون الجثة قد تم نقلها إلى الرباط، بعد تقطيعها إلى أجزاء، لأنه من الصعب نقلها من قبل عنصر الموساد «كوهين»، بالطريقة التي تم بها اختطاف ونقل أحد قادة النازية من الأرجنتين، في صندوق خاص. الخلاصة، المستخلصة من الفصل الخاص بدور الموساد والإسرائيليين في العملية، أن ذلك الدور مؤكد، لأن المصلحة مشتركة والخدمات متبادلة بين المغرب وإسرائيل. أما حجم ذلك الدور، فهو متفاوت حسب المعلومات المسربة حتى الآن، بين الدعم التقني والدعم اللوجيستي، ثم المشاركة الفعلية في التخلص من الجثة وكيفية نقلها إلى المغرب.