في إطار برامج مساءلة التاريخ التي أعدتها القناة الثانية الفرنسية (تم بثها يوم 12 نونبر 1981) طرح المؤرخ آلان دوكو على الخصوص السؤال التالي: «هل كانت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (CIA) متورطة في اختطاف واغتيال بن بركة؟» كان دانييل غيران أحد ضيوف البرنامج يميل إلى الجواب بنعم، بينما كان ضيف آخر وهو جاك دوروجي لا يعتقد ذلك، دوكو كان يعتقد من جانبه أنه لا يجب توضيح المشكل، ويوضح في استجواب صحفي أنه «وقت المأساة كان بن بركة يستعد للذهاب إلى هافانا،حيث كان سينعقد مؤتمر القارات الثلاث تحت رئاسة فيديل كاسترو، كان البعض يتخوف من تأثيراتها في آسيا وافريقيا أو في امريكا الجنوبية. بن بركة كان بالتأكيد أحد الشخصيات الاساسية لهذا المؤتمر، ومن تم القول بأن (السي أي أي) التي يهمها كل شيء متحرك في العالم كانت منشغلة...» منذ 10 نونبر 1965 كتب الصحفي كلود انجيلي «بالنسبة للولايات المتحدة، فإن ذلك فضيحة الفضائح» والملاحظ أنه في تلك الفترة كانت الاهمية السياسية للزعيم المغربي تكمن لا محالة في مسؤولياته القيادية داخل مؤتمر القارات الثلاث أكثر من مكانته كزعيم للمعارضة المغربية حتى بالنسبة للحسن الثاني، كان بمثابة ما يمكن أن نسميه «الهدف العملياتي» بالنسبة لمختلف المصالح المخابراتية الخاصة (السي أي أي، الموساد، شبكات فوكار، السديس....). يوم 12 نونبر كتبت صحيفة فرانس سوار من جانبها عندما يكون كاسترو في الصورة، فإن العملاء الامريكيين ليسوا بعيدين.» بعد لقاء مع ر.فري وشخصيات ديغولية، مما أدى إلى استقالته من لجنة فرنسا / المغرب العربي (أصبحت فيما بعد اللجنة من أجل الحقيقة في قضية بن بركة) قدم فرانسوا مورياك رأيه في مفكرته بالفيغارو الثقافي (يوم 27 يناير 1966) يقول: «قبيل أو بعيد اغتيال بن بركة حدثني صديق مغربي (...) عن العلاقة الوطيدة بين الجنرال أوفقير والمخابرات الامريكية، حقيقة هذه العلاقة أجهلها ولكن يبقى أنه ولو لمرة نجحت هذه المخابرات في عملية مزدوجة ضد العالم الثالث بتخلصها من بن بركة وضد دوغول، وإذا كانت هذه المخابرات بريئة، فإن الشيطان هو الذي لعب لصالحهم» غير أنه في اليوم السابق ولمرتين خلال 24 ساعة، رفضت الخارجية الامريكية كليا أية مزاعم بتورط وكالة المخابرات المركزية في قضية بن بركة. ورغم ذلك يتساءل سيرج برومبرغر (الفيغارو 5 فبراير 1966) كذلك «من كانت له مصلحة أكثر في اختفاء زعيم المعارضة المغربية؟» كان يفكر في «السي أي أي» لأن مؤتمر هافانا كان في الواقع اجتماعا لخبراء التمرد العازمين على اعداد برنامج دقيق ضد آخر معاقل الاستعمار في افريقيا، ولكن أيضا ضد قلاع الامبريالية الاقتصادية في امريكا اللاتينية... من أين جاءت الاموال؟ (...) العملية مولت في حدود مائة مليون فرنك فرنسي كحد أدنى وربما أكثر من ذلك، وهو مبلغ كبير بالنسبة لميزانية العمليات الخاصة لبلد صغير، وبالتالي يمكن أن نتساءل ما إذا كان دور المغاربة لا يقتصر فقط على ضمان عملية الاختطاف والاموال الآتية من جهات أخرى وجميع المصالح التقت». وحسب معلومات قادمة من القاهرة في نفس تلك الفترة ،يعتقد أن المخابرات الامريكية ودون أن تشارك في التنفيذ اعدت العملية، أعدت توقيتها مع دوائر مغربية عليا وموظفين فرنسيين وعملت كهمزة وصل وقدمت الاموال. الصحافة السوفياتية حللت من جانبها الوضعية، «إن اختطاف بن بركة فوق التراب الفرنسي من طرف عملاء الجنرال أوفقير هو أفضل رد بهدف تسميم العلاقات بين فرنسا ومستعمراتها السابقة حتى تتمكن الولاياتالمتحدة من أخذ مكانها فيها.» في الواقع، يوحي البعض بأن المخابرات الامريكية المرتبطة بشكل أو بآخر مع اليمين المتطرف الفرنسي، ممثلا في المحامي تيكسي فينانكور لم تكن غير سعيدة لتقديم مساعدتها من أجل التخلص من الجنرال دوغول اسابيع قبل الانتخابات ... رشيد سكيرج المساعد السابق للدليمي في الكاب 1 اللاجئ بباريس كشف لمجلة لونوفيل اوبسرفاتور (12 اكتوبر 1966) قائلا: «تعلمون عندنا في المغرب الأمريكيون هم الذين يسيرون اللعبة، وأنا على يقين بأنهم في قضية المهدي بن بركة ساهموا في الإعداد الدقيق للاختطاف وربما الاغتيال، الامر بسيط، عناصر المخابرات الامريكية لهم الفضل في كل شيء ورؤساؤنا، أي أساتذتنا، كانوا أفرادا معروفين من السفارة الامريكية في الرباط.. وعناصر المخابرات الامريكية كانوا يضطلعون بالاساس بتكوين عناصر المخابرات المغربية» ويذكر أحمد البوخاري في كتابه الاول «السر» أنه داخل المخابرات الخاصة المغربية كان هناك متعاونون امريكيون من ضمنهم كولونيل من وحدة مكافحة التمرد اسمه مارتان، كانوا موجودين وإذا ماثبت ذلك، فإن المخابرات المركزية الامريكية كانت على الاقل على علم وتابعت الاختطاف ثم اختفاء المهدي بن بركة مباشرة بطريقة ما. الامين العام لمنظمة تضامن القارات الثلاث أوسماني سيانغويغو قال أمام المحكمة سنة 1966 في شهادته «بن بركة كان يضع كفاح شعبه إلى جانب كفاح شعوب القارات الثلاث... والمهتمون بالمؤتمر كانوا يعرفون في تلك اللحظة أن عدوهم كان هو المهدي...» كان الشاهد يوحي بتورط المخابرات الامريكية، لكن رئيس المحكمة بيريز منعه من ذلك.