يبدو المستقبل غامضا بالنسبة لبلجيكا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي, بعدما رفض الفرنكفونيون عرض تسوية لاصلاح البلاد قدمه الانفصاليون الفلامانيون على انه عرض الفرصة الاخيرة. وقام زعيم الفلامانيين بارت دي فيفر المكلف من الملك ألبير الثاني البحث عن مخرج للوضع يسمح بتشكيل حكومة اتحادية ما زالت متعثرة منذ الانتخابات التشريعية في 13 يونيو, بتقديم عرضه للاحزاب الفرنكفونية والناطقة بالهولندية. غير ان الاحزاب الفرنكوفونية سارعت الى رفض العرض على الفور معتبرة انه شديد الانحياز للمطالب الفلامانية ، مما اثار مخاوف بالنسبة لمستقبل البلاد. واعرب الحزب الاشتراكي, اكبر الاحزاب الفرنكفونية عن « خيبة امله العميقة » معتبرا ان نص دي فيفر « لا يقرب بين وجهات النظر» . وندد بالطابع الاحادي والاستفزازي في بعض الاحيان لبعض الطروحات التي من شأنها بنظره «زيادة حدة التوتر» بين الفرنكفونيين والناطقين بالهولندية. وصدر رد فعل مماثل عن الحزب الديموقراطي الانساني (وسط) الذي اعتبر الوثيقة بمثابة « موقف احادي ليس من شأنه تقريب وجهات النظر حول العديد من النقاط» . وكان رئيس التحالف الفلاماني الجديد, الفائز الاكبر في انتخابات 13 يونيو في منطقة الفلاندر المنطقة الناطقة بالهولندية التي تمثل 60 % من سكان بلجيكا, طرح عرضه على انه عرض اخير اما ان يتم قبوله او رفضه. وينص العرض اولا على استقلالية مالية اكبر للمناطق تسير في اتجاه مطالب التاريخية للفلامانيين. وبموجب العرض, تتولى المناطق الثلاث فلندريا ووالونيا وبروكسل ادارة « حوالى 45 % من اجمالي عائدات الضرائب» على الدخل في البلاد, ما يعني مجموع 16 مليار يورو توزع عليها مع منح فلندريا القسم الاكبر من هذه العائدات (10 مليارات يورو). ووافق دي فيفر على دفع المساعدات المالية الاضافية المطلوبة لمدينة - منطقة بروكسل التي تعاني من ديون باهظة, ولكن بمستوى اقل مما يطالب به الفرنكفونيون. وبالنسبة لهاتين النقطتين, تحدث الحزب الاشتراكي عن اقتراحات « تشكل خطرا على رفاه سكان والونيا وبروكسيل وتهدد بوضع حد لاي آلية تضامن بين شمال البلاد وجنوبها في اطار الدولة الفدرالية». ويبقى آخر ملف شائك وهو الحقوق اللغوية الخاصة التي يحظى بها عشرات الاف الفرنكوفونيين المقيمين في فلاندريا بضاحية بروكسل. والعرض المطروح يلغي هذه الحقوق باستثناء في البلدات الست حيث غالبية فرنكوفونية والتي سيبقى في وسع سكانها التصويت لمرشحين فرنكفونيين في الانتخابات التشريعية. لكن الحزب الاشتراكي يرى ذلك غير كاف معتبرا ان العرض سيسيء الى حقوق الفرنكوفونيين في هذه المنطقة. واعتبر رئيس حزب الاتحاديين الديموقراطيين الفرنكوفونيين اوليفييه مانغان الذي يتصدر حملة الدفاع عن حقوق الفرنكوفونيين, ان هذا العرض « لا يسعنا سوى رفضه لانه يمهد للانفصال بالشروط التي تريدها فلندريا القومية» . وفي حال لم يتم التوصل الى اتفاق للخروج من هذا الطريق المسدود ، على حد تعبير صحيفة لو سوار، فقد يضطر الملك الى الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة بعد انتخابات مبكرة جرت في 13 يونيو وفاز فيها انفصاليو التحالف الفلاماني الجديد في فلندريا. وتشهد بلجيكا ازمة سياسية حادة مستمرة منذ يونيو2007 بسبب خلافات بين الناطقين بالهولندية والفرنكفونيين على مستقبل المملكة التي باتت مهددة بالتفكك, في وقت تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي.