نظم المنتدى العربي (مرصد فاسالمدينة) من 30 شتنبر الى 3 أكتوبر 2010 تحت شعار «المدائن الأولى أرخبيل مفرد باستعارات شتى»، دورة محمد عابد الجابري ، تظاهرة تقارب البحث عن إشكالات المدينة الفلسفية والإبداعية من زاوية نظر مدائني ينطلق من المكان ليؤسس المعنى والانتماء للهوية. لتقريب القارئ العربي من معالم هذه التظاهرة العالمية حاورنا الدكتور سلام إدريسو رئيس حلقة الفكر المغربي ومدير المنتدى العربي: مرصد فاس لمدينة الذي قدم ورقة نظرية كلية حول المشروع، فكانت الورقة التالية: أين تجد مدينة فاس كعمق تاريخي ضمن حركية المنتدى العربي؟ نعتقد أن حلقة الفكر المغربي المكتب المركزي وجدت في فاس، العمقَ الاستراتيجي لحدث التفكير الجماعي في نسيج الثقافة العربية والإنسانية بالمدائن العريقة،هذا العمق يجسده المُنتَدى العَربي السنوي.وذلك في أفق البحث عن إشكالات فاس الفلسفية والإبداعية،من زاوية»نظر مدائني ينطلق من المكان الحسي ليؤسس مكان المعنى والانتماء والهوية. وبذلك نستطيع القول المادة الأولية متوفرة لدينا من أجل بلورة نظرية فلسفية تستفيذ من كافة ألوان الطيف الثقافي العربي. وتقدم صورة مفهومية وظيفية لمعنى المدينة نعتقد أن عددا كبيرا من العلماء وخاصة علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا الحضرية والجغرافيا وغيرهم سعوا لإيجاد ووضع تعريف حي له, إلا انه ورغم ادعاء البساطة البادية على مدلوله الإنساني المجتمعي،يكاد لا يوجد منهم من اقترح تعريفا وظيفيا تكوينيا خصبا له. لكن، كيف جسد المنتدى هذا التصور على ارض الواقع؟ انطلقنا أولا من الأهمية التاريخية والمعرفية التي تحوزها مدينة فاس مغربيا عربيا وإنسانيا،هذه الوضعية الاعتبارية شكلت من منظورنا الثقافي مرصدا مركزيا للنقاش والتحليل والتعليل من زوايا مغاربية وعربية/كونية. هكذا - ونحن نستند على رصيدنا الثقافي الممتد - ارتدنا آفاقا واعدة ووضعنا أجندة طموحة تأخذ على عاتقها ترجمة هذا المنظور المرجعي من خلال محطتين بارزتين: الأولى: تأسيس «صالون المثلث الثقافي» الذي انطلقت أشغاله الشهرية في أواخر السنة الفارطة 2009، وذلك من أجل تحقيق لقاءات استشارية مفتوحة مع المفكرين والمبدعين الذين جعلوا من فاس/المدينة موضوعا لتفكيرهم وإبداعاتهم،ورصد مؤشرات التشابه والاختلاف بينهم.للبدء في تشكيل صورتها الحقيقية في بنية التفكير الثقافي العالمي. الثانية:إنجاز «المنتدى العربي: مرصد فاس/المدينة» الذي ينطلق بناؤه تأسيسا على عشر سنوات سابقة من العمل الثقافي الوازن والجاد،لينجز أشغاله الثقافية - ما بين 30 شتنبر و03 أكتوبر 2010-لأجل التمكن من البناء التدريجي لمفهوم وظيفي تكويني خصب؛تختزنه المدائن الإنسانية الأولى:واضعا فاس/المدينة نموذجا،باعتبارها أرخبيل المغرب الثقافي بامتياز.وحيث إننا نعتقد ببعد مغربي جماعي مجتمعي شمولي في التاريخ والواقع،عموديٍّ وأفقي،سلكه المغاربة في تشكيل وجه فاس الأولى. اختار المنتدى إنجاز هذه المحطة الثقافية العربية، تحت شعار «المدائن الأولى: أرخبيل فرد باستعارات شتى» ماهي الاهداف المعلنة من وراء ذلك ؟ المنتدى يضع ضمن تطلعاته الثقافية تحقيق أهداف كلية،من أبرزها: تحليل منجزها الراهن والتاريخي:عربيا وكونيا. تفكيك الأسس الناظمة لبنياتها المعرفية والجمالية. إبراز تجلياتها الكمية والنوعية:مكانا وزمانا وإنسانا.وذلك وبقدر ما نتوخى من هذا المنتدى العربي:مرصد فاسالمدينة-أكتوبر 2010، بناء ذاكرة ثقافية مستديمية حول فاس الأولى، تمتح منها الأجيال الراهنة،بقدر ما نستشرف في رحابه نقاشا مغربيا وعربيا-كونيا،حول جملة من الأسئلة المدائنية العالقة في مشهدنا الثقافي. هل الهوية الثقافية لفاس/المدينة مشروع مفرد أم جمعي جوهر أم صورة؟ المنتدى العربي مرصد فاسالمدينة اقترح أسئلة أخرى أكثر حساسية وعمق وتساءل :هل هي تشكيل تاريخي خالص أم تشكيل راهن للتاريخ؟ كيف يمكن الحديث عن مفهوم هويَاتي للمدينة بالمغرب،دون الوقوف عند جوهر التعدد في الثقافات المغربية؟،ودون استجماع فسيفساء هذا التعدد الثقافي ضمن جنس أعلى متفرد نسميه عادة بالمغرب الثقافي،ثم دون استحضار تلك الحبال السرية بينها وبين المدائن العربية والعالمية العريقة؟. هل يمكن على هذه الطريق،الحديث عن دور ما للمدائن الإنسانية الأولى،في تشكيل ذهنية الإنسان المغربي داخل مجتمعه المحلي والكوني؟.كيف يحدث أن تسهم المدائن العتيقة في إعادة بناء الوعي الاجتماعي والثقافي للإنسان المغربي جهويا ووطنيا؟. هل تستطيع المدائن الأولى تمثيل الذهنية الجماعية للإنسان المغربي في محاولة لاستشراف بنياتها وطرائق نظرها للعالم من حولها،كيف تعرف مفاتيح مخاطبتها وإقناعها بأطروحاتها المجالية والفلسفية؟. أي مفهوم للواقع بشكل عام ، وللمدينة بشكل خاص،تحمله الإنتلجنسيات المغربية والعربية،حول مدارهما الدلالي؟. هل يمكن الاعتراف بمفهوم نمطي لهما تكرسه تجارب إنسانية معينة؟.هل هناك تجارب أخرى تدحض هذه الأطروحة؟ وكيف يمكن الحديث عن رؤية ثقافية نسقية تجسد فاسالمدينة ذاتا كاملة الشخصية،تحاور بأنساقها التاريخية والمستقبلية ذواتا أخرى في أمكنة أخرى من العالم،دون أن تسقط في تلك الصورة النمطية المخيفة التي تقدمها مجرد أزقة قديمة وتقاليد معزولة عن سياقاتها الثقافية؟. أسئلة عميقة وذات انتماء وهوية ، هل تتوقعون لها رجع صدى في علاقة بالتظاهرة؟ نعتبر هذه الأسئلة ، ومثلها كثير،عتبات منيرة تسهم في فتح آفاق الدورات القادمة لمنتدانا العربي السنوي:مرصد فاسالمدينة.الذي نريد له رجع صدى يؤسس لتقليد عربي/كوني يشكل ذاكرة ثقافية مستديمة لفضائنا المدائني:نترعرع وننمو بوجداننا الروحي فيه،بقدر ما يتشكل هو في وعينا ويقيم في سلوكاتنا المجتمعية والثقافية.وهذا قطعاً هو ما كانت أنشطتنا السابقة على امتداد عشر سنوات،تهجس به وتشكله، وما نتوخاه من انشطتنا المستقبلية ونميل الى الاعتقاد بنجاحه.