تولت الكونفدرالية الاوربية للنقابات سنتي 2008 و 2009 بالشراكة مع الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي انجاز مشروع حول اصلاح الحركة النقابية بمشاركة شركاء من البلدان العربية الخمسة: الاتحاد المغربي للشغل- المغرب. الاتحاد العام للعمال الجزائريين - الجزائر، الاتحاد العام التونسي للشغل - تونس، الاتحاد العام لنقابات عمال الاردن - الاردن، الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين - فلسطين، وهو مشروع ممول من قبل الاتحاد الاوروبي والكنفدرالية الاوروبية للنقابات. ويندرج المشروع في اطار المنتدى النقابي الاوروبي متوسطي وهو البرنامج الاساسي للتعاون بين المنظمات النقابية المنتسبة الى الكنفدرالية الاوروبية للنقابات ونقابات بلدان الضفة الجنوبية للبحر الابيض المتوسط المنتمية الى مجموعة مسار برشلونة الذي اصبح اليوم الاتحاد من اجل المتوسط. وهذا المنتدى الموجود منذ سنة 1999 له توجه نحو تركيز التعاون على ميدان المواضيع الاستراتيجية للحركة النقابية وتحقيق معارف افضل وتفاهم متبادل باعتبارهما شرطين لا محيد عنهما ليتسنى خلق مناخ من الثقة المتبادلة. وقد أمكن انجاز مشروع اول في الفترة الممتدة من سنة 2001 الى سنة 2003، بمساعدة الاتحاد الاوروبي كان هدفه الحصول على قاعدة معلومات ومعطيات تتعلق بالاطار القانوني والعملياتي (انظمة الضمان الاجتماعي، قانون العمل والحق النقابي، والحوار الاجتماعي والعلاقات الصناعية). وتم نشر نتائج الورشات والدراسات المقارنة باللغتين العربية والفرنسية وهي تصلح لاستعمالها كأدوات للممارسة النقابية. وانجزت الدراسات بمشاركة خبراء من البلدان العربية (المغرب، الجزائر، تونس، الاردن، مصر وفلسطين) وبدعم من بعض خبراء المعهد النقابي الاوروبي. وكان مشروع الفترة 2008 و 2009 يهدف الى القاء نظرة على الحياة الداخلية للمنظمات النقابية ليتسني لنا أن نضبط بصورة ملموسة اطارا واقعيا للاصلاح النقابي ولجعل الحركة النقابية موائمة لتحديات العولمة المتنامية للاقتصاد وانعكاساتها على الواقع الوطني. وينبغي ان نلاحظ في هذا السياق أن هناك في العالم النقابي عموما تناقضا بين الخطاب والممارسات ازاء العولمة. وهذا مرده في جزء كبير الى التاريخ الاجتماعي للبلدان والى أن العامل الثقافي يحد شيئا ما من العمل النقابي ويجعله منحصرا في الاطار الوطني للبلد. وفي هذا السياق يتضح ان قراءة بعض القوانين الاساسية مفيدة جدا، وهذا الكتاب يلخص المشكلة هكذا في سياق العولمة التي تزيد في حركية الانتقال والهجرات، يجب على المنظمات النقابية ان تتحمل مسؤولياتها وان تأخذ في الاعتبار مصلحة العمال المهاجرين، وهذا يتطلب في بعض الحالات مراجعة للقوانين الاساسية تسمح بانخراط وبانتخاب هؤلاء العمال في الهيئات النقابية. إن تدويل اسواق العمل هو اليوم حقيقة ملموسة بشكل متفاوت في جميع البلدان تقريبا. وهذا الواقع يتطلب من دون اي شك اعادة ترتيب الممارسات النقابية وجعل الممارسة متناغمة مع الخطاب المتعلق بالتضامن الدولي. وهناك مشكل آخر مشترك بين منظمات الحركة النقابية الا و هو مكانة المرأة في المنظمات النقابية. فمن المفيد التذكير بأن البعد الذي تمثله المرأة كان مهملا في كل مكان من العالم النقابي وحتي في اوروبا. واذ اخذ المشروع في الاعتبار الخصوصيات الثقافية فقد اتاح للنساء النقابيات اجراء نقاش عميق مع رجال نقابيين أثناء ندوة عقدت في البلاد التونسية (بمشاركة «كوتا» من الرجال) وقع إعدادها بكامل الاستقلالية من قبل فريق عمل متألف من نساء ينتمين الى البلدان الخمسة المعنية بالمشروع. إن هذا الكتيب يلخص نتائج أعمال تلك الندوة ويضيف بعض المقترحات التي صيغت بالصورة التالية: النساء: إنه لأمر حيوي بالنسبة الى مستقبل الحركة النقابية توفير الظروف الضرورية التي تسمح بترقية وانتخاب مناضلين ينتمون الى أصناف جديدة مثل الشبان والنساء الذين ليس لهم الا تمثيل منقوص في جميع الهيئات القيادية. النساء (لجنة): وضع جميع الوسائل اللوجستية والمالية تحت تصرف لجان النساء لتمكينها من إعداد برامجها والتعريف بها لدى جميع وسائل الاعلام النقابية. النساء (تعاون اقليمي): إقامة علاقات وتعزيزها مع المنظمات الاقليمية للنساء وهو ما يساهم في إقامة تعاون بينهن. النساء (شبكة عربية): العمل على إنشاء شبكة نقابية عربية تضم صحافيين وقانونيين ونقابيين من الجنسين يكلفون بمتابعة التوصيات وتقديم تقارير عن أوجه التمييز وانتهاكات الحقوق النقابية التي يتعرض لها النساء. ان المحيط الاجتماعي والسياسي والقانوني يختلف من بلد الى آخر ويؤثر تأثيرا قويا على الواقع النقابي. وهذا الواقع يجب أخذه في الاعتبار قبل كل حكم سابق لأوانه يأتي من الخارج. ولهذا السبب فضل المشروع الاستعانة بخبراء من الضفة الجنوبية للبحر المتوسط في إنجاز الاعمال، بغية تجنب أي انطباع بأن الامر يتعلق بعملية «موجهة عن بعد» من قبل الاوروبيين. حقا إن الخبرة الاوربية «جاهزة» ولكن «التبادل بين النقابيين والخبراء المنتمين الى بلدان الجنوب كان ذا أولوية. ومما لاشك فيه ان «التأملات حول القوانين الاساسية للمنظمات النقابية كانت المحور المركزي للمشروع. فالقوانين الاساسية تعكس بأوضح صورة الحالة الحقيقية للحياة الداخلية ودرجات الشفافية والديمقراطية الداخلية والمشاركة. ومن البديهي ان المساهمة النقابية في التنمية الاجتماعية تتطلب قبل كل شيء مظهرا ديمقراطيا للحياة الداخلية يتجلى في القانون الاساسي والنظام الداخلي وفي طبيعة العلاقة بين هؤلاء واولئك. وتتمفصل هذه المظاهر في مجموعة من التوصيات والمقترحات الصادرة عن الورشة حول القوانين الاساسية ، وهي توصيات واقتراحات تمثل نتائج لسلسلة من الاجتماعات. ان هذا الكتيب الذي يحوصل اعمال الورشة المتعلقة بالقوانين الاساسية يشدد بصورة حازمة على أهمية المقاييس الرئيسية للتنظيم الديمقراطي للحياة الداخلية. وتتميز الديمقراطية الداخلية بما يلي: - قبول تنوع وجهات النظر - التصويت في جميع الهيئات - تعدد الترشحات الخاضعة للتصويت - احترام القانون الاساسي والنظام الداخلي واخيرا ومن بين المواضيع الاخرى للمشروع، يمثل الحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية «النواة الصلبة» للعمل النقابي. ان الاطار العام، في بعض الحالات، غير مناسب لإقامة حوار اجتماعي حقيقي وعلاقات ثنائية بين الاطراف الاجتماعيين. وهذا المحيط غير ملائم لتطوير استراتيجية وممارسة نقابية ثابتة، وقد تولى فريق العمل المختص بالموضوع ضبط الشروط الضرورية للحوار الاجتماعي وتحديد نظام عملياتي للمفاوضات الجماعية. المفاوضات الجماعية (الشروط الضرورية). - الارادة السياسية (للدولة ولأصحاب العمل) لفتح المفاوضة وانجاحها هي الشرط الاول لتركيز التفاوض. - استقلالية المنظمات النقابية (انظر الاستقلالية). - وجود نصوص تشريعية وترتيبية تنظم التفاوض وتضمن احترام الالتزامات. - الحصول على جميع المعلومات الضرورية للحوار والمفاوضة - ان الشفافية في التفاوض تخلق مناخا من الثقة المتبادلة يسهل ابرام اتفاقات. ان الكتيب الذي قدمه جان فرانسوا كورب يسمح بإدراك النتائج الاساسية للمشروع، وبالتالي ينبغي ان يكون الكتيب احد المراجع الصالحة لتطور الحركة النقابية في البلدان المعنية، فهو نتيجة عمل مشترك قام به نقابيون من منظمات بلدان الضفة الجنوبية للبحر المتوسط وخبراء قريبون من الحركة النقابية. ويحتوي المشروع في نتائجه وخلاصته على إطار مرجعي لمواصلة وتحسين التعاون بين نقابات بلدان الجنوب حقا، ولكن كذلك بين المنظمات النقابية الاعضاء في الكنفدرالية الاوربية للنقابات والشركاء المنتمين الى الجنوب. وهناك مواضيع تستحق ان يقع التعمق فيها من خلال اعمال مستقبلية. والمرجو ان تقوم المنظمات النقابية بإدراج نتائج المشروع ومقترحاته حول «إصلاح الحركة النقابية» في تفكيرها الداخلي وممارساتها. بيتر سيدناك (منسق المنتدى النقابي الاورومتوسطي) مصطفى التليلي ( مدير البرنامج)