تميزت مداخلات العديد من الشخصيات الممثلة للمنظمات غير الحكومية أثناء مناقشة موضوع الصحراء، على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء، أمام اللجنة الرابعة المتفرعة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، باستعراض شهادات مثيرة حول معاناة المحتجزين بمخيمات تندوف. كما كشفت حقيقة «المجتمع المدني» في التصور الجزائري وزيف المعطيات التي أدلى بها بعض الذين استأجرتهم جارتنا الشرقية للتدخل أمام اللجنة . وفي رصد هذا النقاش، نسجل ثلاث ملاحظات تتمثل في : أولا، أن الجزائر التي حصلت على استقلالها في بداية ستينيات القرن الماضي، لم تسمح بوجود مجتمع مدني له قدرة على التنظيم الذاتي وتشكيل مؤسساته وأجهزته باستقلالية عن الدولة . لقد جعلت من هذا المجال مجرد ملحق بمواقف النظام الجزائري يحمله في حقائبه الدبلوماسية الى الانشطة الدولية ، أو يأمره باستصدار مواقف تؤيد سياساته وقراراته. أعلنت الجزائر أن وفدا من «مجتمعها المدني» توجه الى نيويورك للمساهمة في مناقشات قضية الصحراء باللجنة الرابعة. ممن يتكون هذا الوفد؟ حسب الصحافة الجزائرية يضم سيدة عضوة بالمجلس الاعلى للقضاء، وعمدة مدينة الجزائر العاصمة ممثلا لمنظمات المدن والحكومات المحلية الافريقية والقائد العام للكشافة، وعضوا بما تسميه الجزائر «اللجنة الوطنية للتضامن مع الشعب الصحراوي ». لقد أعدمت الجزائر كل مبادرة لميلاد مجتمع مدني يعبر عن مواقفه بحرية دون خريطة طريق رسمية ، والمشاركون في المنتديات الدولية في كل المناسبات يلاحظون أن صوت «مدنيي» الجزائر هو نفسه أطروحات نظامها وعسكرها. ثانيا، الشهادات التي أدلى بها العديد من ممثلي المنظمات الدولية أكدت مأساوية أوضاع المحتجزين بمخيمات تندوف، ومعاناتهم ومسؤولية الجزائر عن هذا الواقع المرير والمؤلم . نورد بعض الشهادات التي أدلت بها شخصيات سبق لها أن زارت هذه المخيمات: - امرأة احتجزت سبع مرات لأنها كانت تنوي الهرب من جحيم البوليساريو للالتحاق بوطنها المغرب ، وكيف عبث الانفصاليون بجسدها. - أطفال يوجدون تحت وطأة الاغتصاب والانتهاكات والاختطافات الى معسكرات دول أخرى، قصد شحنهم وترسيخ روايات معادية للمغرب في عقولهم. - مسؤولية الجزائر في صد أبواب مخيمات تندوف في وجه المراقبين والمنظمات الدولية. ثالثا، استأجرت الجزائر عناصر أجنبية للترويج لأطروحتها أمام اللجنة الرابعة ، وقد كان خطاب هؤلاء الاشخاص مليئا بالمغالطات وبتزييف الحقائق. ونورد هنا ما قاله عنصر سابق بالاستخبارات الاسبانية في عهد الجنرال فرانكو واسمه مييغل ارتيز أسان: «إن الاوضاع الاقتصادية في الصحراء اليوم تدهورت بشكل فظيع مقارنة مع أوضاعها تحت الاحتلال الاسباني». ويبدو أن هذا العميل اختلط عليه الامر بين ماتعيشه الصحراء المغربية وماتعرفه مخيمات تندوف. لقد أوضحت مناقشات اللجنة مدى الدعم الذي تلقاه مبادرة المغرب في ابريل 2007 والمتمثلة في الحكم الذاتي، والتي تتجه نحو حل سياسي توافقي لقضية الصحراء، كما بينت هذه المناقشات زيف أطروحات الجزائر والانفصاليين ومن ثم استئجارهم. وسيبين بيان اللجنة وكذا عملية التصويت خريطة المواقف، وهو دون شك ما ينسجم وقرارات الاممالمتحدة الداعية الى لهذا الحل .