قبل أسبوعين، طرحنا هذا السؤال: «هل تطبيق مدونة السير أمر ممكن؟». والآن، في ظل ارتفاع الزعيق الإعلامي، وانتشار موجات الهلع بين المواطنين المغاربة الذين مازال أغلبهم يجهل التغييرات التي جاءت بها المدونة الجديدة، وفي ظل صورة تريد أن تجعل من المدونة وكأنها قد قطعت كل الطرق القانونية والدستورية لتدخل حيز التنفيذ، لا بد أن نتساءل مرة أخرى، ونصر على طرح التساؤل: هل تطبيق المدونة يعتبر أمرا قانونيا في ظل غياب عرض المراسيم التطبيقية على المجلس الوزاري؟ هل من المقبول السماح بخرق الدستور، والتسامح حيال هذا الخرق الخطير، والحال أنه كان بالإمكان انتظار بضعة أيام إلى حين انعقاد المجلس الوزاري والمصادقة على المراسيم التطبيقية بشكل عادي وقانوني؟ أليس من العبث إدخال البلاد في هستيريا جماعية للانخراط في تطبيق مدونة لم يكتمل بعد مسارها القانوني؟ لقد نبهنا إلى خطورة هذا الخرق الدستوري، وشككنا في إمكانية تطبيق مدونة بأرجل عرجاء؟ ومازلنا نصر على طرح هذا الخرق، لأنه يمس أسمى قانون في البلاد. في ما يلي نعيد نشر تساؤلنا السابق الذي نشرنا يوم 16 شتنبر 2010: «بحلول فاتح أكتوبر، يفترض أن تدخل مدونة السير حيز التطبيق، كما أوصى البرلمان بغرفتيه عند المصادقة على مشروعها، لكن هل ستكون الوزارة الوصية والحكومة من خلالها عند الموعد؟ كل المؤشرات تدل على أن الحكومة ستخلف الموعد، فمشاريع المراسيم التطبيقية لم يصادق عليها بعد، وما سيعرض في اجتماع مجلس الحكومة حرر على عجل وبشكل متسرع، كما أن اجتماع المجلس الوزاري لم يحدد تاريخه بعد، لتبقى بعد ذلك قضية النشر بالجريدة الرسمية ثم ابلاغ الاجهزة المكلفة بالتطبيق. لقد انشغلت الوزارة الوصية بالوصلات الاشهارية، رغم إيجابيتها، وأهملت الإعداد المبكر لمشاريع المراسيم التطبيقية وهي العارفة بحساسية الموضوع وما يتطلبه من جدية وحزم في التطبيق، وفي مقدمة ذلك احترام التاريخ حتى لا ندخل في متاهات الصراعات البعدية غير المجدية. يبقى على الحكومة أن تحذر كل الاوساط المعنية بالتطبيق، من درك وأمن وقضاة من مخاطر الرشوة المستشرية في الطرقات، والتي ستجعل نص المدونة مجرد حبر على ورق إذا بقيت الاوضاع على حالها المتعارف عليه. كما يتعين على المسؤولين وفي مقدمتهم الوزارة الوصية بالطبع، المعالجة اليقظة للتطبيق في الفترة الانتقالية الأولى والتي نراها ضرورية، تلافيا لكل ردود الفعل المحتملة وفي مقدمة ذلك تعبئة مراكز تسليم رخص السياقة وبعث الروح فيها قصد إخراجها من أوضاعها المزرية، وتنظيفها من أوساخ السمسرة وعلاقات الزبونية وتسريع وتيرة تجديد رخص السياقة الممغنطة، وكذلك حل مشاكل الأوراق الرمادية المتراكمة في هذه المراكز.