رئيس الاكوادور الاشتراكي رافاييل كوريا الذي واجه الخميس اسوأ ازمة له منذ وصوله الى السلطة في يناير 2007 سحر البلاد بشخصيته الشابة والحازمة قبل ان يتخلى عنه العديد من حلفائه بسبب طباعه النارية. «اذا كنتم تريدون قتل الرئيس فهو هنا, اقتلوه اذا اردتم! » بهذه الكلمات وباسلوبه المسرحي المعتاد ونبرته النارية خاطب كوريا (47 سنة ) الخميس عناصر القوى الامنية التي تمردت عليه بسبب الغاء علاوات الاقدمية التي كانوا يستفيدون منها. وكوريا الذي انتخب للمرة الاولى في 2006 بفوزه يومها على أغنى رجل في البلاد ومن دون ان يحظى بدعم اي من الاحزاب السياسية, يعشق المواجهة ومخاطبة الجماهير الغفيرة. وهذا الرجل الممشوق القامة الانيق بطبعه متزوج من بلجيكية انجبت له ثلاثة اولاد, وقد حصل على منح دراسية قادته الى الولاياتالمتحدة واوروبا. واذا كان كوريا لا يتردد في مصافحة انصاره وعناقهم حتى, فهو في المقابل صلب الى اقسى الحدود مع خصومه, يتهكم عليهم حينا ويحقد عليهم في احيان كثيرة, وقد عمد الى وضع بعض وسائل الاعلام تحت وصاية الحكومة كما اجرى استفتاء عاما في سبتمبر 2008 على تعديل دستوري عزز سلطاته الرئاسية ما حدا بمعارضيه الى اتهامه بحصر كل السلطة في يده. غير ان هذا لم يحل دون انتخابه لولاية ثانية من الدورة الاولى في الانتخابات الرئاسية التي جرت في السنة الماضية في سابقة من نوعها منذ عودة الديموقراطية الى البلاد في 1979 . وهذا الكاثوليكي المؤمن ينحدر من عائلة متواضعة في مدينة غواياكيل ( جنوب البلاد) وقد كثف برامجه الاجتماعية في مجال الرعاية الصحية والتعليم وكذلك في مجال تمكين الفلاحين من الحصول على اراض زراعية, الامر الذي عزز شعبيته في اوساط الفقراء في بلد يعيش 38 % من سكانه تحت عتبة الفقر باقل من دولار يوميا. ولكن خلال الاسابيع الماضية توجب على كوريا ان يواجه غضب المدرسين والسائقين. كما خاض نزاعا مع حركة الهنود الاصليين المناوئة لاستخراج النفط والثروات المنجمية من اراضي السكان الاصليين. وبحسب استطلاع اجراه معهد سيداتوس-غالوب منتصف سبتمبر فقد ابدى 53 % من الاكوادوريين تأييدهم لسياسة الرئيس. ووعد كوريا ب «استعادة السيادة » لهذا البلد الصغير الواقع في سلسلة جبال الانديز ، كما طالب شركات النفط بان تدفع للدولة جزءا اكبر من ارباحها. كما رفض تجديد العقد الموقع بين الاكوادور والولاياتالمتحدة حول قاعدة مانتا العسكرية الاميركية المطلة على المحيط الهادئ والتي تعتبر قاعدة عسكرية استراتيجية لمكافحة المخدرات. وقطع كوريا ايضا العلاقات الدبلوماسية مع كولومبيا لاكثر من سنة ونصف بعدما قصفت القوات الكولومبية في مارس 2008 معسكرا لميليشيا القوات الثورية المسلحة الكولومبية (فارك) يقع على الاراضي الاكوادورية. وفي دجنبر 2008 اعلن رفض بلاده عن سداد ثلث دينها العام, اي حوالى ثلاثة مليارات دولار, اعتبرها «غير شرعية» بسبب مخالفات اعترت عملية التفاوض على الحصول على تلك القروض. وكوريا من انصار «اشتراكية القرن الحادي والعشرين» التي يرفع لواءها نظيره الفنزويلي هوغو تشافيز ولكن من دون ان يصطف اصطفافا اعمى خلف الرئيس الفنزويلي. كما انه ليس من مؤيدي التأميم وقد انتظر حتى يونيو 2009 للانضمام الى البديل البوليفاري للاميركيتين (البا), الكتلة المناهضة لليبرالية التي تضم حوالى عشرة بلدان والتي اسستها فنزويلا وكوبا في 2004.