صارت العديد من المناطق قبلة لاحتضان مجموعة من التجزئات السكنية، سواء ب «قلب» العاصمة الاقتصادية أو بضواحيها، وذلك سعيا للاستجابة لمتطلبات النمو الديمغرافي الذي يقتضي بالضرورة مواكبة عمرانية، إلا أن اللافت للانتباه أن عددا من هذه الوحدات السكنية تم تشييدها إما في غياب مرافق اجتماعية أو أنها تعاني خصاصا في هذا الجانب، في حين أن عددا كبيرا منها بات يعيش وضعا شائنا تنتشر فيه مظاهر البدونة والترييف، في مناطق إما راقية أو محاذية لتلك «الميسورة»، إذ حيثما هناك بقعة أرضية فارغة إلا وأصبحت بمثابة مطارح «رسمية» عمومية للنفايات، تتم مباركتها من طرف بعض ممثلي السلطة المحلية والمجالس المنتخبة، دون أدنى تدخل لتصحيح هذه الوضعية. نموذج ضمن نماذج عديدة تعيش نفس الحالة، ومن بينها تجزئة باشكو بمقاطعة المعاريف المتواجدة قبالة عدد من الدور الصفيحية لكاريان باشكو التي لاتزال «ترابض» بالمنطقة، على بعد أمتار قليلة من الملحقة الإدارية، إذ وجد سكان عدد من الإقامات بالمنطقة أنفسهم محاصرين بركامات الأتربة والأزبال المتناثرة في كل مكان، وما تخلفه من روائح كريهة وأمراض سهلة الانتقال والانتشار، وهم الذين أدوا مبالغ مالية مرتفعة، بعضها في الحال والبعض الآخر ستظل الأقساط الشهرية تلاحقه عمرا طويلا، بحثا عن السكينة والطمأنينة والهدوء، فإذا بهم يجدون الحمير والبغال والعربات المجرورة بشتى أنواع الدواب ترابض أمام نوافذ شققهم، مزعجة إياهم بصخبها وضجيجها العالي، فضلا عن أنواع القمامات المختلفة التي تتعدد ما بين مخلفات البناء العشوائي والسري من أتربة وحجارة، أو مخلفات صناديق القمامة المنزلية، التي عوض أن توضع في صناديق خاصة لهذه الغاية، فقد تم جلب حاوية كبرى ورست ببقعة فارغة في «دعوة» منها لجلب كل النفايات، التي لم تعد ترمى بداخلها وإنما في كل شبر من أرجاء هذه البقعة الفارغة، التي صار السكان المجاورون لها يعانون الأمرين ليلا ونهارا، غير قادرين على فتح نوافذهم والبحث عن كمية هواء نقية، خاصة وأن الفترة التي مرت تميزت بارتفاع كبير لدرجات الحرارة. الوضعية هاته تتقاسمها العديد من الأزقة بالأحياء السكنية المخصصة للفيلات، فهي بدورها إن توفر شرط وجود بقعة أرضية فارغة، فإنها تغري كل من يرغب في التخلص من بقاياه المختلفة الأنواع، كي يعرج عليها ويرمي بداخلها، كما هو الحال بالنسبة لعدد من الأزقة المتواجدة بنفس نفوذ مقاطعة المعاريف بعمالة مقاطعات الدارالبيضاء آنفا كأزقة حي المستشفيات، وبزنقة الإسكندرية، وبالزقاق الرابط بين شارع أنوال وادريس الأول، على مقربة من مقر الخيرية، هذه الأخيرة التي تحتضن بقعتين فارغتين تحولتا إلى مطرح عمومي، واكتظتا عن آخرهما إلى أن لفظتا هذه المخلفات خارجا إلى الشارع، ولم تشفع غير الزيارة الملكية الأخيرة لكي يتم التدخل عبر جلب شاحنة خاصة للقيام بعملية الإفراغ، إلا أنه اليوم عادت الحالة إلى وضعها السابق وكأن شيئا لم ينظف/يفرغ !؟ مشكل البقع الفارغة يتطلب وبإلحاح تدخل الجهات الوصية ممثلة في المجالس المنتخبة والسلطات المحلية، التي تكتفي في حالات كثيرة بوضع المتفرج الذي لم يشاهد شيئا، ولايتم التدخل إلا عند حالات استثنائية بعينها، مما يشكل تهديدا للصحة العامة والبيئة، ويطرح كذلك دور مراقبة الشركات الفائزة بصفقات التدبير المفوض لقطاع النظافة التي تستفيد من مبالغ خيالية مقابل أداء لبعضها بالأساس يتميز بالضعف والرداءة.