نشرت الجمعية المغربية لمحاربة مرض الروماتوييد (AMP) خلاصات الدراسة الميدانية التي أنجزتها مجموعة الدراسات «إبسوس»، حول حياة المغاربة المصابين بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، والتي جاء فيها أن حياة المرضى تنقلب رأسا على عقب بمجرد ظهور الأعراض الأولى للمرض، إذ تتغير جودة حياتهم بشكل كبير بسبب الالتهاب والآلام التي تصيب مجموعة من المفاصل في وقت واحد (الكتف والظهر والمرافق...)، ويصبحون عاجزين عن القيام بالأنشطة اليومية المعتادة. وقد وصفت مريضة محنتها مع هذا المرض قائلة: «لقد اعتدت القيام شخصيا بجميع أموري، لكني أصحبت الآن غير قادرة حتى على فتح» طنجرة الضغط» (الكوكوت)،إذ علي انتظار عودة زوجي أو ابنتي لفتحها، كما أواجه بعض الصعوبات أيضا عند تقشير الخضار، لأني أحس ببعض الآلام على مستوى السبابة. لم أعد قادرة على حمل الأمور الثقيلة، وأصبحت أواجه صعوبات حتى عند نشر الغسيل». بينما أوضحت مريضة أخرى في شهادة لها مصرحة: «لقد كنت أكثر حيوية ونشاطا في السابق، كنت أخرج من المنزل وأمارس الرياضة وأسافر...لكني لا أستطيع فعل هذه الأمور الآن، لقد أصبحت حركاتي وسكناتي رهينة بأختي، ولم أعد قادرة حتى على التسوق». إلى جانب ذلك أوضحت الدراسة أن هناك آثارا اجتماعية خطيرة تنجم هي الأخرى عن الإصابة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي ، حيث يعاني بعض المرضى من هجر الأقارب والأسرة، بينما يكابد البعض الآخر ويلات التمييز على المستوى المهني. و قد أوضحت واحدة من المرضى في هذا الصدد: «لقد تغيرت حياتي تماما لم أعد آكل أي شيء، لا أستطيع التركيز، كما هجرني زوجي بعد أن علم أني مصابة بهذا المرض وأن العلاج سيجعلني عقيما. لقد كان وقع الصدمة كبيرا علي، لم أتوقف عن العمل، لأنه كان مصدر عيشي الوحيد، كنت أرغب سابقا في تغيير العمل بحثا عن الأفضل، لكن إصابتي بالمرض غيرت كل شيء. أشعر بالخوف، لأن علي سداد الكثير من القروض، ودفع فاتورة العلاج...». بينما صرحت إحدى المريضات: «كنت أعمل في السابق عند طبيب أسنان، لكني أصبحت أسقط كل شيء أحمله بين يدي، لقد كان في ذلك الأمر مخاطرة كبيرة، لذلك قررت التخلي عن تلك الوظيفة». وقد أعرب جميع المرضى الذين شملتهم الدراسة على أن تجربة مرض التهاب المفاصل الرثياني تجربة مريرة ومليئة بالأحاسيس السلبية، وتكررت في تصريحاتهم عبارات من قبيل الألم والحزن والإحباط والعار والقلق، كما طغى الخوف والإحساس بعدم فهم الأقارب لهذا المرض على تصريحات المستجوبين، حيث أقرت مريضة: «لم يصدقني في البداية أي أحد من أقاربي، لأني كنت لا أستطيع النهوض من السرير صباحا، وكنت أحتاج ساعتين أو ثلاث للقيام بهذا الأمر. وعندما أنجح في الحركة، كان الجميع يدعي أنني أكذب وأني لست مريضة. وعندما علموا أني مصابة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، قام زوجي وأفراد أسرتي بالبحث عن معلومات مستفيضة حول هذا المرض وبدؤوا آنذاك في مساعدتي. بيد أنهم لم يفهموا خطورة الأمر إلا بعد ظهور أول التشوهات». و قالت مريضة أخرى: «تغيرت حياتي كليا، كان لدي عمل وكنت أقوم بجميع الأمور دون خوف، وكنت أصعد الدرج دون مشاكل. أما الآن فأخاف من الإصابة بكسور». وأكدت دراسة مجموعة «إبسوس» ملاحظة طالما أثارت انتباه الجمعية و الفاعلين فيها، فيما يخص التشخيص المتأخر للمرض، إذ أوضحت رئيسة الجمعية، السيدة ليلى النجدي، في العديد من المناسبات أن للتشخيص المتأخر نتائج وخيمة على حياة مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي، حيث يصير من المستحيل إيجاد الحلول المناسبة بعد حدوث التشوهات وتدمير المفاصل، بينما يمكّن تشخيص مرض التهاب المفاصل الروماتويدي والتكفل المبكر بالمريض من تفادي تدمير المفاصل ووقف تطور المرض. وأكد المرضى أن المدة بين ظهور أول الأعراض وكشف المرض، تتراوح عادة بين سنتين و5 سنوات، حيث يتم علاجهم بداية عبر مضادات الآلام ومضادات الالتهابات التي لا تعمل إلا على وقف الآلام، ولا تتم مطالبتهم بإنجاز الاختبارات الضرورية للتشخيص إلا عندما تسوء حالتهم، وفي بعض الحالات لا يتم ذلك إلا بعد ظهور أول التشوهات، وبالتالي فإن المدة بين الإصابة بأول الأعراض والتشخيص تتراوح بين سنتين وخمس سنوات. لذلك يجب أن تثير هذه الملاحظة انتباه الفاعلين في قطاع الصحة إلى ضرورة تهيئة الوسائل الكفيلة بالتشخيص والكشف المبكر للمرض. من جهة أخرى أشار المستجوبون إلى وجود نقص حاد في المعلومات المتعلقة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي ، وأعرب جلهم عن أسف عميق و حسرة كبيرة لأنهم كانوا يجهلون طبيعة هذا المرض و تبعاته، كما صرح بعض المرضى أنهم بحثوا عن معلومات إضافية و ذلك باللجوء إلى وسائل الإعلام و إلى المرضى الآخرين وبعض الأقارب العاملين في قطاع الصحة. بينما صرح البعض الآخر أنهم تعلموا كيف يتعاملون مع هذا المرض بأنفسهم وبعد إصابتهم به. هذا ويقوم مرض التهاب المفاصل الروماتويدي ، وهو للإشارة مرض التهاب المفاصل المزمن، بتدمير مفاصل الأشخاص المصابين به، وقد يصيب أجهزة أخرى كالرئة و العيون و القلب...ويصيب هذا المرض حوالي 300.000 شخص بالمغرب، وينتشر بشكل أكبر وسط النساء، ويظهر بين سن 35 و45 سنة، و يعتبر هذا المرض واحدا من الالتهابات المزمنة التي تكفلها التغطية الصحية الإجبارية. وقد تأسست الجمعية المغربية لمحاربة مرض الروماتوييد شهر ماي 2007 على يد مجموعة من المرضى، و تهدف إلى تمكين الأشخاص المصابين بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي وأسرهم من معلومات واضحة حول هذا المرض وطرق التكفل به وآخر مستجدات العلاج قصد تحسين جودة حياتهم. وللإشارة فإن إجراء هذه الدراسة الميدانية تم بهدف فهم مسارات الأشخاص المصابين بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي وذلك شهر يونيو 2010، وقد اعتمدت مجموعة «إبسوس» المغرب على منهجية الاستجوابات الحوارية، و قامت باستجواب أشخاص مصابين بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي (تتراوح أعمارهم ما بين 21 و60 سنة)، وتعتبر مجموعة (إبسوس) «IPSOS « ثالث فاعل عالمي في مجال الدراسات، ولها فروع في 65 بلدا، بما في ذلك المغرب.