منذ أكثر من شهر لوحظ تزايد في عدد المرضى العقليين الذين يجوبون شوارع مدينة وجدة، الأمر هذه المرة لا يتعلق بمجموعة تم ترحيلها من منطقة يروم مسؤوليها تجميل صورتها ليتخلصوا منهم بالمحطة الأخيرة التي غالبا ما تكون هي مدينة وجدة، وإنما يتعلق الأمر بالمرضى الذين كانوا يتلقون العلاج بمستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية، الذي يشهد حاليا أشغال بناء مستشفى جديد، ذلك أن مسؤولي قطاع الصحة تعاملوا باستخفاف، حسب تعبير موظف بالقطاع، مع ملف هؤلاء المرضى وخصوصا النزلاء منهم، حيث قاموا بالاحتفاظ بالحالات المحكوم عليها قضائيا بالإيداع في المستشفى وتم «حبسهم» بالمركز الصحي واد الناشف، الذي كان مخصصا في السابق للترويض الطبي، في ظروف وصفها نفس الموظف بكونها غير إنسانية، بينما أعيد باقي المرضى إلى أسرهم، قبل أن ينتشروا في أزقة وطرقات المدينة، بعدما وجدت بعض الأسر صعوبة في السيطرة على مرضاها نتيجة افتقادهم للأدوية التي كانوا يأخذونها داخل المستشفى... وأفادت المصادر بأن هذه الوضعية ترتبت عن الارتجال الذي أصبح سمة مسؤولي قطاع الصحة بمدينة وجدة. فبعد أن كان مقررا بناء مستشفى جديد للأمراض العقلية والنفسية على مساحة كبيرة تسمح بالتوسيع مستقبلا، وخصصت له تكلفة مالية جد مهمة، مع مقترحات بإنشائه في موقع بضواحي المدينة بعيدا عن ضوضاء حركة السير، تم تهميش مقترحات المهنيين والعاملين بالمستشفى واشتراطات الإدارة المركزية، واتخذ قرار بناء مستشفى جديد في نفس موقع المستشفى الحالي، بتصميم هندسي ركز على البنايات الإسمنتية، وأغفل المساحات الخضراء، وهو القرار الذي اعتبره أحد العاملين بالمستشفى مفتقدا لروح المسؤولية تجاه فئة من المجتمع بحاجة للعناية والرعاية، خاصة وأن النزلاء من المرضى لن يتمكنوا من رؤية السماء إلا من خلال باحة جد ضيقة. وجدير بالذكر أن مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية بوجدة، والذي تأسس سنة 1958، كان يستقبل حوالي 10.000 مريض سنويا من مختلف مدن الجهة الشرقية بمعدل 50 حالة في اليوم، بطاقة استيعابية تبلغ 90 سريرا 40 في جناح النساء، و50 في جناح الرجال، هذا الأخير الذي غالبا ما يستقبل أكثر من طاقته، الأمر الذي يؤثر على شروط الاستشفاء، ويخلف أجواء تؤدي إلى عكس النتائج المرجوة. كل ذلك في غياب مجتمع مدني مهتم يشتغل في مجال الأمراض النفسية، كما هو الحال بالنسبة لبعض الأمراض الأخرى، والذي من شأنه أن يلعب دورا كبيرا في تحفيز الجهات المعنية على إيلاء قطاع الأمراض العقلية والنفسية العناية والاهتمام اللازمين رأفة بالمريض وبأسرته.