انطلقت أشغال الترامواي بالبيضاء في إطار رؤية تنموية تجعل العاصمة الاقتصادية واجهة تعكس البعد الحضاري والمعماري المغربي المنفتح على المعاصرة. وبوشرت الأعمال تحت شعار لوح به مسؤولو الوزارة الوصية، ألا وهو حل معضلة النقل والتقليص من مشاكل حركة السير، وإدماج أحياء ذات كثافة سكانية عالية في المحيط الحضري، لاسيما وأن شبكة النقل الحالية رديئة وممركزة في محاور محددة ، حيث سيمكن الساكنة من وسيلة نقل عمومية ونظيفة وإيكولوجية تعيد التوازن إلى مناطق الدارالبيضاء، وتفك العزلة عن الأحياء الهامشية مما سيخلق لامحالة دينامية اقتصادية. وقد رام المشروع أيضاً تخفيف الضغط على شبكة النقل الجماعي بإنشاء خط ترامواي على مسافة 28 كلم عبر 40 محطة تمكن من نقل 200 ألف يوميا، انطلاقاً من سيدي مومن إلى الكليات، مروراً بشارعي عقبة ويوسف بن تاشفين والحي المحمدي ومحطة البيضاء للمسافرين وشوارع محمد الخامس والحسن الثاني وعبد المومن ومكة، وبلغ الغلاف المالي المخصص للمشروع 6,4 مليار درهم تكلفت الدولة ب 1,2 مليار، وكان نصيب المديرية العامة للجماعات المحلية 1,5 مليار ومجلس المدينة 0,9 مليار، وصندوق الحسن الثاني 0,4 مليار، غير أن الإنجاز الذي استهل في مارس الماضي، والذي من المقرر أن يمتد لثلاث سنوات خلف، منذ بدء الأشغال، جدلا حاداً في صفوف الساكنة البيضاوية، خصوصاً وأن هذه المرحلة أدت الى تغيير مسار محاور طرق بكاملها، بل الأدهى من ذلك أن أعمال الحفر أوقفت الحركة التجارية للعديد من المتاجر خاصة في مقاطعتي سيدي بليوط والحي المحمدي، مما خلف امتعاضاً شديداً من لدن شريحة لا يستهان بها من الساكنة في ظل وتيرة عمل بطيئة للغاية حملت كل ضروب الإزعاج الفج للبيضاويين. لنترك هذا الوجه الشاحب ولنقف وقفة عند هذا الخبر الذي وفد علينا من بلاد السور العظيم بلاد المليار ونيف، والذي ارتأى مسؤولون في وزارة النقل فيه تطبيق مشروع لأحد المخترعين المبدعين وهو شنزهن هواشي متمثل في إحداث حافلة جديدة مفرغة من الأسفل تحمل حوالي 1400 راكب بالأعلى، وتسير أسفله في نفس الوقت، سيارات كثيرة وبتلك الطريقة لا يشغل الأتوبيس حيزاً كبيراً أثناء سيره في الشوارع، فيحمل الركاب مثل الحافلات العادية وفي الوقت نفسه، تسير السيارات أسفله، وكأنه نفق متحرك، فضلا عن أن الحافلة الجديدة لها تصميم عبقري يصل ارتفاعه الى 4,57 متراً وطوله 37 متراً ويعمل بالطاقة الشمسية ويسير بسرعة الحافلات العادية. وكشف المكتب الهندسي عن هذا التصميم الرائع في معرض بكين الدولي ال 13 للتكنولوجيا الفائقة. الجدير بالذكر أن هذا المشروع يكلف إنتاجه 4,6 مليون دولار أقل من تكلفة ترامواي البيضاء لسوء الحظ . للاشارة لا يحلو لمسؤولينا أن يطبقوا مشروعاً إلا عندما يتضح للعيان فشله الذريع ويتخلى عنه في أغلب أرجاء المعمور. للتذكير فقط، تخلت بلجيكا عن الترامواي هي ودول أخرى كثيرة، وإذا كان المشروع في المغرب كان يروم من بين ما يروم، التخفيف من حوداث السير، فإننا نتساءل عن مدى تحقيق هذا الحلم والواقع أن خطوط الترامواي بالبيضاء لا تتوفر على تغطية كافية من الحواجز... مما سيخلف لامحالة قائمة أخرى من الضحايا مع إشراقة كل يوم.