بعد أن توارى عن الأنظار في جنح الظلام منذ ليلة السبت7غشت2010، تم إلقاء القبض على مضرم النار في عائلته بسيدي رباط بإقليم اشتوكة أيت باها ليلة الأربعاء11غشت الجاري في الساعة الثانية عشرة ليلا،بالمحطة الطرقية بإنزكَان،من قبل دورية لأمن إنزكَان بعد أن شك فيه رجال الأمن بالمحطة الطرقية وهو يضع على يديه ضمادة وبأحد أصابعه دواء أحمر،ليتم اقتياده بعد ذلك إلى مخفر الشرطة. وأثناء التحقيق معه، اعترف بجريمته، ليسلمه أمن إنزكَان بعدها للدرك الملكي بماسة، وذلك بعد أن تم تكثيف البحث عنه لمدة أربعة أيام في تنسيق بين جميع الأجهزة الأمنية لإيقافه بناء على برقية بحث وطنية. وحسب مصادرأمنية فالمتهم بإحراق عائلته يعاني من اضطرابات نفسية وانهيار عصبي بعد أن أدرك خطورة ما فعله حين علم بوفاة ثلاث ضحايا، فأصابه الندم والحسرة على ما اقترفه، وهذا ما جعله صباح يوم أمس يغط في نوم ملقى على جانبه الأيمن على يده التي أصابها الحريق بمخفر الدرك الملكي بماسة. وكان الجاني مسعود فلان البالغ من العمر51 سنة، قد صب سطلا من البنزين على 10أفراد من عائلته من بينها أمه(عائشة التي يقيم معها بمنزلها بسيدي رباط) وشقيقته جميعة وزوجة أخ زوجها القاطنتان بتارودانت،وأخته من أمه (أمينة الحامل التي تقطن بأيت ميمون بجماعة سيدي بيبي) وخديجة بنت شقيقته جميعة،وخمسة أبناء وبنات، حيث كان الجميع في الساعة العاشرة مساء في غرفة واحدة يتناولون وجبة العشاء برفقة الجاني وزوجته، في حين كان يوجد بالغرفة الثانية5 أبناء ذكور من أبناء مينة وجميعة وأبناء أخ زوجها. وتحكي زوجته التي أبعدها عن مسرح الجريمة أن مسعودا تناول في تلك الليلة المشؤومة،لقمتين فقط من وجبة العشاء مع أفراد عائلته العشرة، ثم سرعان ما ترك الطعام وغادر الغرفة وبقي جالسا ببهو المنزل ينتظر خروج زوجته من الغرفة لينفذ جريمته التي خطط لها من قبل، ولما طال مكوث زوجته بجانب عائلته كثيرا، نادى عليها بنبرة حادة لا تخلو من نرفزة لتأتيه بالسيجارة من غرفة نومه، وذلك في تحايل منه لكي يخرجها من الغرفة. وعندما خرجت الزوجة قالت له»أشم رائحة لغاز» فقصدت المطبخ لتتأكد من إغلاق قنينة الغاز، ثم رددت»رائحة الغاز» فأمرها آنذاك بصوت عال:»آتيني بالسيجارة من غرفة النوم» ولمّا أجابته بأنها لم تجدها قال:«ابحثي عنها بالقرب من التلفزيون» في محاولة منه لإبعادها، وفي ما هي منهمكة في البحث عن السيجارة هناك، سمعت صرخات وصيحات الضحايا بعد أن صب عليهم سطلا كبيرا من البنزين يقدرب10لترات وأضرم النار فيهم ثم لاذ بالفرار دون أن يضرم النار في الغرفة الأخرى التي كان يتواجد بها خمسة أبناء ذكور تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات و13سنة، كانوا يغطون في نوم عميق ولم يستفيقوا إلا على صرخات وصيحات أمهاتهم وأشقائهم. وتضيف الزوجة الناجية من حريق زوجها،أنها لما رأت النيران قد اشتعلت داخل الغرفة وفي مدخلها صاحت بقوة «عتقو الروح» إلى سمع الجيران استغاثتها فتدخلوا لإطفاء النيران وإنقاذ الضحايا برمي أغطية مبللة بالماء على أجسادهم التي التهمتها النيران، وكان المشهد مرعبا لا يمكن رؤيته لأننا كنا نشاهد اللحم يسقط من أجسادهم، يقول بوبكر رئيس الجمعية سيدي رباط، وساعتها اتصل السكان بالسلطة المحلية وبسيارات الإسعاف التي حلت بعد حوالي 45 دقيقة،فتم نقل الضحايا العشر إلى المستشفى وهم أحياء بما في ذلك البنت الصغيرة (3سنوات)وأمها مينة(الحامل) اللتين فارقتا الحياة في ما بعد بالمستشفى. ونظرا لخطورة حريق كل من مينة وأحمد الذي كان من الدرجة الثالثة، قررالطاقم الطبي بمستشفى الحسن الثاني بأكَادير،نقلهم إلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء،فيما بقي سبعة أفراد يتلقون العلاجات بمستشفى أكَادير، حيث مازالت حالتهم الصحية مستقرة لكونهم أصيبوا بحروقات متفاوتة من الدرجة الثانية والدرجة الثالثة، لهذا تم تكثيف العناية المركزة حتى لايصابوا بتعفنات وضعف المناعة. فالنساء الخمس يرقدن بجناح رقم 13 بالغرفتين 11و12، والطفلان هشام وعائشة يرقدان بجناح رقم8،وحسب الطاقم الطبي المشرف على علاج الضحايا، فالحالة مستقرة لا تدعو إلى حد الساعة لأي قلق. وحسب إفادة رئيس جمعية سيدي رباط،فالجاني كان يسكن هو وزوجته بمنزل أمه بسيدي رباط والذي ورثته عن زوجها الثاني. ويشهد الجيران أنه لم يعد إلى المنطقة ليسكن مع أمه إلا منذ سنتين بعد أن غاب عن العائلة لمدة 25سنة قضاها بالدارالبيضاء ومدن أخرى، وكان لا يزورأمه بسيدي رباط بعد طلاقها من أبيه إلا لماما، حيث كان يقيم مع والده بمسقط رأسه بمنطقة كَحايز بجماعة إنشادن التي ما زال والده بها، وعندما كان يأتي لزيارة أمه ما بين 1982و1983 يمكث لديها قرابة يومين أو ثلاثة أيام ثم يعود إلى منزل أبيه بدوار كحايز. ويحكي لنا من التقيناهم من أبناء سيدي رباط بالمستشفى أنهم لم يسبق لهم أن عرفوا مسعود من قبل، فهو ليس من أبناء المنطقة، بل وافد عليها حيث استقر مع والدته التي استقدمته من الدارالبيضاء وزوّجته وأسكنته بمنزلها،وصارت تصرف عليه مما تحصل عليه من أجر عملها اليومي لدى الجيران والبيوت، وكذلك من مداخيل تربية المواشي، بينما هو لا يعمل إلا قليلا حيث يقصد مدينة إنزكَان ليعمل مياوما بها. فيما ذهب بعض الذين يعرفونه عن قرب الى أنه مدمن على تناول الحبوب المهلوسة «القرقوبي»، مما جعله يتشاجر مع أمه من حين لآخر والتي تحبه كثيرا، وقد عزا البعض ذلك إلى ما ينتابه بين الفينة والأخرى من نوبات عصبية حادة.لكن لا أحد من الجيران حاول أن يدلنا على الأسباب الحقيقية التي أدت بمسعود إلى اقتراف هذه الجريمة البشعة في حق الأصول التي أودت إلى حد الآن بثلاثة أفراد، فيما أحدثت عاهة مستديمة وتشوهات جسدية بسبعة آخرين. القبض على الجاني مساء يوم أول أمس،سيساعد في الكشف عن دوافع الجريمة التي تعتبر من أفظع الجرائم ضد الأصول، وفي معرفة ما إذا كان سببها الإرث، وخاصة إرث أمه من زوجها الثاني،أو كرهه لأخواته من أمه فقط أو لكثرة ضجيج الأطفال ومكوث الضيوف وقتا أطول من اللازم بعد أن حل عليه 14فردا من عائلته(أخواته وأبنائهن من تارودانت وأيت ميمون)مما زاد من حدة عصبيته،خاصة أنه كان يميل إلى الوحدة والعزلة بعيدا عن ضجيج الأطفال داخل منزل أمه القديم المكون من ثلاثة غرف، غرفتين للضيوف وغرفة نوم خاصة به وبزوجته.