يبدو أن علاقة الرباطومدريد مرشحة للتصعيد وتسير في منحى التوتر، بسبب العنف الجسدي الذي مارسته الشرطة الاسبانية في حق مغاربة بنقطة العبور في مدينة مليلية المحتلة، لقد استغرب المغرب بشدة الصمت المريب الذي نهجته اسبانيا إزاء حالات العنف الجسدي الذي مارسته الشرطة الاسبانية في نقطة العبور المذكورة في حق مواطنين مغاربة، والملاحظ أن اسبانيا لم تكلف نفسها حتى عناء الرد على حالات العنف المتكررة والمتزايد والتي أعلن عنها المغرب بشكل رسمي في عدة بلاغات لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون. الممارسات العنصرية التي قام بها الحرس الاسباني أدت بجمعيات المجتمع المدني للاحتجاج والتنديد بالممارسات العنصرية التي سلكتها الشرطة الاسبانية ضد مواطنين مغاربة و أفارقة، أمام التمثيليات الاسبانية بالرباط ، الناظور وتطوان، الا أن اسبانيا على ما يبدو مارست سياسة الأذن الصماء، حيال كل هذا الاستنكار الرسمي واحتجاجات المجتمع المدني المغربي، ولم يتلق المغرب أي جواب يوضح موقف الجارة الشمالية بشكل رسمي. الشيء الذي دفع بالمغرب لدعوة اسبانيا مجددا عبر بلاغ رسمي آخر لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، لكي تقدم هذه الأخيرة إجابات دقيقة حول مختلف حالات الانزلاق العنصري التي كان وراءها عناصر من الشرطة والأمن الإسبانيين تجاه مواطنين مغاربة ، بنقطة العبور لمدينة مليلية المحتلة . وجاء في بلاغ صدر اول أمس الاثنين، أن المملكة المغربية تعرب عن استغرابها الشديد لعدم صدور أي رد رسمي حتى الآن عن السلطات الإسبانية ، بشأن مختلف حالات الانزلاق العنصري التي تورطت فيها عناصر من الشرطة والأمن الإسبانيين تجاه مواطنين مغاربة ، بنقطة العبور لمدينة مليلية المحتلة، أو إزاء مواطنين أفارقة من دول شقيقة جنوب الصحراء. وذكرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون فيه، بإصدارها لأربع بلاغات رسمية بشأن ست حالات عنف جسدي ارتكبها رجال سلطة إسبان في حق سبعة عشر شخصا، وأدت إلى إصابتهم بجروح ورضوض، وخلال الاتصالات المتعددة حول الموضوع ، تم إبلاغ الطرف المغربي بأن تحقيقات تم فتحها حول مختلف هذه الحالات، بينما أعلنت مصادر أخرى، أن الأمر يتعلق بحالات «سوء تفاهم»، في حين شككت مصادر أخرى، غير رسمية، في رواية هذه الوقائع ، دون تقديم إيضاحات . وأكد البلاغ ذاته أن حكومة صاحب الجلالة لا يمكنها، بأي حال من الأحوال، وأمام حالات عنف مؤكدة ، أن تقبل التشكيك في أقوالها بهذا الشكل، عبر ترويج معلومات لمصادر غير رسمية ومعلق عليها بهذه الطريقة .لذلك فإن المملكة المغربية ، يضيف البلاغ ، تدعو الجارة إسبانيا إلى تقديم إجابات دقيقة حول مختلف هذه الوقائع، في إطار حوار واضح وصريح ، على المستوى الملائم، تحدد المسؤوليات بشأن هذه الحالات الملموسة التي لا يمكن تجاهلها. وفي موضوع ذي صلة، دخلت جبهة البوليساريو على الخط من أجل إشعال فتيل التوتر وصب الوقود على العلاقات المغربية الاسبانية، حتى تخدم مصالحها الانفصالية ومحاولة منها لتسميم العلاقات مابين المغرب واسبانيا، وذلك من خلال توجيه دعوة من طرف «ممثل البوليساريو» باسبانيا إلى وزير الخارجية الاسبانية للقيام بزيارة لمخيمات تندوف، قال «ممثل جبهة البوليساريو» في العاصمة الإسبانية مدريد، في تصريح لوكالة الأنباء الإسبانية ‹›إيفي››، بأن جبهة البوليساريو ‹›تدعو موراتينوس لزيارة المخيمات كتعبير عن التضامن مع اللاجئين، ومن أجل كسر الحاجز النفسي الذي منع الحكومات الإسبانية المتتالية حتى الآن من زيارة المخيمات خشية من ردة فعل نظام الرباط، المعروف بنجاحه في ابتزاز وترهيب الدولة الإسبانية بملفات الإرهاب والمخدرات والهجرة السّرية التي يصدرها لأوروبا›› و في المقابل ندد المركز المغربي لحقوق الإنسان بالتمييز العنصري والاعتداءات ضد المغاربة المقيمين بإسبانيا, وذلك خلال وقفة احتجاجية نظمها مساء الاثنين أمام المركز الثقافي الإسباني بالرباط. وردد المشاركون في هذه الوقفة, التي نظمها المركز بتنسيق مع هيئات مدنية, شعارات منددة بأعمال العنف والممارسات العنصرية والاستفزازية التي قام بها الحرس المدني الإسباني, والتي استهدفت خلال الأيام الماضية مواطنين مغاربة عند نقطتي العبور بمدينتي مليلية وسبة المحتلتين. كما أدان المشاركون في هذه الوقفة تخلي الحرس المدني الاسباني , يوم الجمعة الماضي, عن ثمانية مهاجرين أفارقة وهم في وضعية صحية جد متردية قبالة السواحل المغربية. ودعا السيد خالد الشرقاوي السموني, رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء , الحكومة الإسبانية إلى التراجع عن هذه «السلوكات الشاذة واحترام القانون الإسباني والاتفاقية الدولية لحقوق المهاجرين» مثمنا رد فعل الحكومة المغربية تجاه هذه الأعمال المشينة. وقال السيد السموني إن هذه الوقفة الاحتجاجية تروم «التنديد بالسياسات العنصرية التي تمارسها السلطات الإسبانية في حق المهاجرين المغاربة والأفارقة على حد سواء» وعلى صعيد مماثل دعت الحركة الإسبانية لمناهضة التعصب, اول امس الاثنين, الشرطة الاسبانية إلى العمل من أجل تجنب التعامل غير المقبول من قبل بعض عناصرها بمراكز العبور. وأكد رئيس الحركة الإسبانية لمناهضة التعصب, إسطيبان إيبارا, في تصريحات لوكالة الانباء الاسبانية «أوروبا بريس» أنه يتعين على الشرطة الإسبانية إظهار قدر كبير من الإحساس تجاه الآخرين و «تجنب التعامل غير المقبول الذي يمارسه بعض أفرادها الذين يكنون الاحتقار للمهاجرين» وشدد إسطيبان إيبارا , في معرض رد فعله على مختلف حالات الانزلاق العنصري بنقطة العبور لمدينة مليلية المحتلة والتي أدانتها السلطات المغربية, على ضرورة «تكييف قوات وأجهزة الأمن الاسبانية لمواكبة التطور السريع لواقع التعددية العرقية» وحسب رئيس الحركة الإسبانية لمناهضة التعصب, فإنه يتعين أيضا العمل على تكوين الشرطة الإسبانية في هذا المجال, مضيفا قوله : «رغم أنه لا يمكننا التعميم, فإنه من الواضح وقوع العديد من الحوادث الناجمة عن الأفكار المسبقة» ومن جهة أخرى, أبرز إسطيبان إيبارا أن العديد من المغاربة وغيرهم من المهاجرين اتصلوا بمنظمته للإبلاغ عن «التعامل التمييزي والتعسفي» من قبل عناصر من الشرطة الإسبانية. يذكر أن الحركة الإسبانية لمناهضة التعصب, التي تأسست في بداية التسعينات مع ارتفاع موجة العنصرية وكره الأجانب في أوروبا, تعمل في مجال مناهضة اللاتسامح والعنصرية والعنف في إسبانيا وتدافع عن قيم الديموقراطية والتسامح وحقوق الإنسان.