بمبادرة من عمالة الصويرة ومندوبية وزارة الثقافة،تحتضن مدينة الصويرة خلال الفترة الممتدة من 04 إلى 07 غشت 2010 الدورة السادسة لمهرجان كناوة للمواهب الشابة الذي احتجب خلال السنة الماضية. وحسب عبد الرحيم البرطيع ، مدير المهرجان ومندوب وزارة الثقافة بالصويرة، فإن الدورة الحالية ستكون لحظة خاصة للاحتفاء من جديد بالمواهب الشابة التي سطعت نجوميتها خلال الدورات الخمس السابقة للمهرجان الذي سيكون خلال السنة الحالية مناسبة لإعادة اللقاء بستة عشر فرقة موسيقية كانت انطلاقتها الحقيقية على منصة مهرجان كناوة للمواهب الشابة، واستطاعت فيما بعد أن تراكم رصيدا فنيا واحترافيا جديرا بالتشجيع والتقاسم مع باقي الفرق الشابة القادمة من طنجة مراكش ،الرباطاسبانياوالصويرة. ستة عشر فرقة من بينها: مجموعة مازاغان،كانكا فيب،بلو موكادور، رباب فيزيون،كيف صامبا، موروكان تايم سوف تتقاسم المساحة الفنية والزمنية للمهرجان الذي يطفئ شمعته السادسة شهرا فقط بعد رحيل احد أعمدة التراث الكناوي بالصويرة المرحوم المعلم عبد السلام البلغيتي الذي وافته المنية يوم 04 غشت بالصويرة . سيتوقف المهرجان إذن في لحظة تكريم دافئة لشخص وارث المعلم البلغيتي الذي مات فقيرا ولكن عزيزا نقي القلب يحمل معه غصة التراث الكناوي الذي انفلت زمامه من بين أيدي المعلمين الحقيقيين، حسب تعبيره ذات يوم، فأصبح مهددا في روحانيته وأصالته. عبد السلام البلغيتي الذي ولد سنة 1948 بالصويرة وتتلمذ على أيدي معلمين كبار وكان من رواد الليلات والمواسم على أصولها الصويرية الكناوية ،كان من اشد المدافعين على ضرورة حفظ التراث الموسيقي الكناوي من كل أشكال التداول السطحية والتجارية التي تخرجه من عمقه الروحي والثقافي وتحوله إلى مجرد إيقاعات موسيقية بدون أي عمق إنساني أو تاريخي. اذكر نوبات غضبه الشديد يوم التقيته منذ سنتين خلت رفقة المعلم محمود كينيا، كان يتحدث بمرارة عن « المسخ» الذي أصاب « التراث الكناوي خلال السنوات الأخيرة، فأصبح بإمكان كل من عزف الهجهوج أن يحمل لقب « معلم كناوي»، بعد أن كان هذا اللقب لا يمنح في السابق إلا لمن جاور المعلمين الكبار، وخبر عالم الليلات بإيقاعاتها،جذبتها، ألوانها، وغرائبية عالم الملوك وطقوسه، ليتوج مساره التعليمي بطقس « القصعة» الذي يشرف عليه مجموعة من المعلمين، ويعمل خلاله مشروع المعلم الكناوي على عزف جميع إيقاعات الليلة في أدق تفاصيلها، وفي حالة نجاحه في هذا الامتحان كان يمنح لقب المعلم الكناوي عن جدارة واستحقاق . كان عبد السلام البلغيتي يشكو من التعامل « البغيض « الذي يلقاه مجموعة من المعلمين الكناويين وعدم منحهم الوضع الاعتباري الذي يستحقونه باعتبارهم حملة التراث والثقافة الكناوية وحرسها. وكان جد مستاء من التعويضات المالية الهزيلة التي يتقاضاها المعلم الكناوي في مقابل السخاء الكبير الذي يستقبل به أي موسيقي أجنبي ولو كان نكرة. كان عبد السلام البلغيتي عاتبا على المعلمين الكناويين الذين يقبلون على أنفسهم الغناء في القصاير الخاصة، وفي الفنادق والنوادي الليلية، لان الإنشاد الكناوي مليء بذكر الله وعبارات عشق الرسول وبالتالي فلا يجوز في نظره تقديم هذا التراث النقي في فضاءات يقدم فيها الخمر. بكثير من الحسرة كان يستعرض الوضع الاجتماعي للكناويين الحقيقيين الذين لازالوا يجترون أوضاع مادية صعبة،يعيشون على الكفاف، ويموتون فقراء لا يملكون من « خنز الدنيا» إلا عفة النفس ونقاء القلب وكثيرا من الحب. بجسده الضامر، نظرته الصارمة والعميقة،ابتسامته الطفولية، ولعبه الساخر الثائر بالكلمات، كان المرحوم عبد السلام البلغيتي حالة إنسانية متفردة ستفتقدها مدينة الصويرة كثيرا. اذكر عبارته الشهيرة التي ختم بها لقاءه مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي» قبل سنتين « لقد تحولت الروحانية إلى « شطحانية». جمهور مهرجان كناوة للمواهب الشابة سيكون كذلك مع لحظة احتفاء بالذاكرة الكناوية من خلال المعرض الفني الذي سيحتضنه برج باب مراكش وسيؤثته المسار الفني والإنساني لمجموعة من كبار المعلمين الكناويين أمثال بوبكر غينيا، حجوب لاكوباني، وحميد باسو. المعرض سيشمل نصوصا تاريخية، ألبسة وآلات موسيقية كناوية، ومؤثرات صوتية خاصة . التراث الكناوي سيكون كذلك موضوع أشرطة سينمائية ووثائقية من إبداع المخرج علي الصافي ستعرض خلال فعاليات المهرجان الذي سيعرف تنظيم مجموعة من الورشات التكوينية لفائدة الشباب.