إن المتتبع للبرامج التلفزيونية الوطنية يلامس مدى ضعف الحيز المخصص، بين فقراتها للأغنية المغربية بشكل عام، وللأغنية العصرية بشكل خاص، وتحديدا بعد الأزمة التي عاشتها هذه الأخيرة خلال فترة التسعينيات - ولازالت تعيشها - وتتمثل في إعلان بعض الفنانين اعتزالهم، إلى جانب أن بعض الوجوه الطربية المعروفة اجبرها «المرض».. على الانسحاب بشكل نهائي من الساحة الفنية، ليعيش الحقل الفني.. بعد ذلك نوعا من «الركود» الفني على هذا المستوى( الأغنية المغربية العصرية) . خلال السنوات الفارطة عرفت شبكة برامج معظم القنوات التلفزية المغربية تغييرات ملموسة وإضافات جديدة.. تجسدت بالأساس في إغناء الشبكة ببرامج اجتماعية، سياسية... وكذا فنية - موسيقية، حيث أصبحت تحظى بمكانة كبيرة ضمن البرامج التلفزية، ما أعاد دورة الحياة لنوع من الأغاني المغربية الخفيفة التي لها محبوها بطبيعة الحال. على هذا المستوى أصبحت معظم البرامج الموسيقية، تركز إلى حد ما على ضرورة تضمين الأغنية المغربية الخفيفة لفقراتها، إما بأدراج هذه النوعية من الأغاني، أو باستضافة فنانيها، علاوة على ذلك، فبرامج الهواة أضحت هي الأخرى تعمل على إعادة ترديدها بتوزيع موسيقي وإيقاعات جديدة . إن التركيز على هذا الأمر فقط، أثار، ويثير حفيظة الكثيرين، من منطلق أنه يساهم في ضياع الهوية الفنية للأغنية وذاكرتها العريقة كما رسمها الرواد من أمثال محمد فويتح والمعطي بنقاسم وغيرهما.. فإعادة تسجيل أغنية بشكل جديد من حيث الإيقاعات والأصوات الجديدة، يمكن اعتباره بعثا جديدا لهاتها لأغنية وتذكير المستمع/ المشاهد بها، لكن مع ذلك لابد من أن نحافظ للأغنية المغربية العصرية على أصالتها وثوابتها الطربية ..التي كانت العماد الذي استقطب إليه الكثير والكثير من المستمعين و المشاهدين.. صحيح أن عملية توزيع الموسيقي الجديدة للأغنية المغربية ساعدت على دفع هذه الأغاني إلى أفاق جديدة وفتحت معها الأبواب أمام أصوات جديدة، بدأت تشق مسارها الفني بخطوات ثابتة، معتمدة في ذلك على إبداع روائع الأغاني العصرية، لتشنف بها آذان مستمعيها بأعذب الكلمات والأنغام. ومع ذلك فالأغنية المغربية العصرية، بالشكل و المضمون اللذين عهدناهما، لا تزال تحافظ على مكانتها في قلوبنا..