عاشت الدارالبيضاء من الفترة الممتدة من 10 إلى 15 يوليوز 2010، فعاليات الدورة 22 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، المنظم من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني المحمدية- الدارالبيضاء، وعبر مسارح، سيدي بليوط والمركز الفرنسي والمركب الثقافي مولاي رشيد، ومشاركة دولية متمثلة في المغرب البلد المنظم وألمانيا ضيفة الشرف، والمكسيك، فرنسا، تركيا، الجزائر، تونس، السودان, قدمت خلالها 11 عرضا مسرحيا، تابعتها لجنة تحكيم دولية متمثلة في: المغرب، ألمالنيا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، المكسيك، الجزائر. وعرفت المحترفات التكوينية أكثر من 70 مستفيدا عبر كل المعمور، أطرتها فعاليات مغربية ودولية، كما تميزت الدورة بالمناقشات الليلية للعروض. أشار رئيس المهرجان وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، عبد المجيد القدوري، في كلمته أن الاختتام يعني وقفة سريعة لتأمل المهرجان، وقفة لرصد حصيلة أولية في انتظار التقييم المعمق. واستخلص أن هذه الدورة كانت ناجحة بكل المقاييس، مرورا بالبعد الدولي الذي تحقق على مستوى العروض المسرحية ومناقشاتها ولجنة التحكيم ومكوناتها والورشات ومؤطريها والمستفيدين منها. ومن المؤشرات القوية كذلك لنجاح هذه الدورة المتميزة التي اتخذت شعار لها: «المسرح والعولمة وعولمة المسرح» ما تحقق من تواصل بين شبيبة العالم، ومتابعة جماهيرية تمثلت في الطلبة والأساتذة والمهرجانيين والعموم، وناجحة بالمشاريع المغاربية، والمغربية الألمانية، والمغربية الأمريكية التي تمخضت عنها. كما تم التنويه بالحضور الإعلامي المتميز الذي ساهم في إشعاع هذا الفعل الثقافي والمسرحي الفاعل. ومن تم أعلن العميد ورئيس المهرجان موضوع الدورة 23 وهو: «الهجرة والاغتراب». وباسم المهرجانيين والتزاما بمحور الدورة وضيفها الشرفي «ألمانيا» أعطيت الكلمة للألماني «توم كراوس» الذي عبر باسم عولمة المشاركين اللغوية والإبداعية والفنية عن الشكر والامتنان والسعادة بهذا الملتقى الذي انصهرت فيه كل الجنسيات باسم عولمة المسرح، وأصبحت لها جنسية واحدة اسمها المسرح الجامعي. وتعتز اللجنة المنظمة لهذه التظاهرة الثقافية الكونية بنجاح دورتها22، وتعتبر ذلك تكريما لها، وتقدم بدورها تحية وفاء واعتزاز وامتنان للتجارب الوطنية المغربية، لذا تكرم التجارب والعطاءات التي ساهمت وتساهم في عولمة المسرح والمسرح والعولمة، حيث كرم المهرجان في حفل افتتاحه الممثل والمبدع محمد حسن الجندي الذي قال فيه الكاتب المسرحي عبد الكريم برشيد «محمد حسن الجندي قمة أطلسية بحجم الوجود» لقد اختار هذا الرجل المسرح، ولا يختار المسرح إلا من كان في مستوى السؤال الوجودي الكبير، ولا يقترب منه إلا من استطاع أن يدرك درجة التحدي في الوجود وفي الموجودات. هو الواحد المتعدد، وقد تعددت أسماؤه بالأدوار التي كتبها وعاشها بصدق، ولأنه أكبر من أن يكون نفسه وكفى، فقد كان عنترة العبسي، وكان سيف بن ذي يزن، وكان شاعر الحمراء، وكان له حضور في المسرح والراديو، وفي السينما وفي التلفزيون، وفي الحياة اليومية بين الناس... كما كرم المهرجان في حفل اختتامه كلا من السينارست والكاتب الروائي يوسف فاضل، والإعلامي وصديق المهرجانيين عبر كل الدورات محمد باعمران، وجاءت شهادات المحتفى بهما كالتالي: أشار القاص والمبدع أحمد بوزفور في كلمته عن صديق دربه «يوسف فاضل شخصية متعددة الأبعاد، يوسف الروائي أحب هذه الأبعاد إلى نفسي وإلى نفسه أيضا فيما أظن، يوسف التشكيلي ثم يوسف السيناريست، والمخرج السينمائي أحدث الأبعاد». وعن بعد يوسف المسرحي ، أشار أحمد بوزفور إلى دارجته التي يكتب بها مسرحه والتي تتميز وتتجلى فكرا في إيديولوجيا عامة الناس، وباقتصادها اللغوي دقة وبساطة وإيجازا، وبحرفيتها النادرة في المسرح المغربي بروح ومذاق وجودي عبثي رمزي، سريالي أحيانا، ثوري أحيانا، ناقد ساخر في كل حين. كما جاءت كلمة الشاعر والمبدع محمد عنيبة الحمري كالتالي: «بتقاسيم وجه طفولي، يطالعك الفاضل اليوسف المنتشي، والذي هو أقرب للصمت دون سواه. أما محمد باعمران فقد قال كل الحضور وكل المهرجانيين تحيتهم حينما وقفوا وصفقوا وهتفوا باسمه، مما توجه عريسا متميزا في هذا الحفل، عريسا احتفي به واحتفى هو بالميكروفون والطبشور الذي ينتمي إليهما، وباسم كل من وقف تحية وتقديرا وحبا لهذا الرجل جاءت الكلمة التي قالت: «غرست في وجدان أطفالك في المدرسة، ومستمعيك عبر أثير الإذاعة مشاتل الفرح بالحياة الجماعية والأمل في المستقبل. كنت دائما مع من حملوا لواء الحداثة والانفتاح، ومع من نظموا الحوار ونشطوا الاختلاف ووحدوه. كنت دائما مؤمنا بالارتقاء نحو الأفضل والأحسن. وهبك الله منحة الحب لكل تلاميذك ومستمعيك أيا كانوا وأنى كانوا». فيما كانت كلمة لجنة التحكيم عن طريق رئيسها، «كلاوس هوفمان» ألمانيا، تقييمية وتشكرية، أشارت إلى تميز الدورة، «جمعتنا مدينة الدارالبيضاء في هذا العرس الجميل لمدة أسبوع وكانت ملتقى للأخذ والعطاء، ومكانا للتبادل الثقافي والتعلم من بعضنا البعض.. يوجد المسرح في جميع أنحاء العالم، وله معان كثيرة تعتمد على التطورات التاريخية والسياسية، وتخلق تجارب: تجربة الهوية، تجربة التواصل وتجربة التداخل الثقافي، وفي هذه الأخيرة نرحب بالاختلاف في جميع مجالات المسرح، ونستفيد من مختلف مجالات التفكير والتعبير، وهذا يدفعنا إلى إعادة النظر في رؤيتنا تجاه العالم..شاهدنا عروضا جميلة وقيمة، وهذا ما جعل مهمتنا كلجنة تحكيم صعبة وشاقة. لم نحبذ إعطاء جوائز لأحسن ممثلة أو ممثل لأننا نعتبر المسرح الجامعي لا يهدف إلى خلق النجومية، بل هو فن المجموعات، وهذا ما يجب أن نشجعه، ولهذا ارتأينا منح جوائز لأحسن أداء، وجائزة لأحسن موضوع، وارتأينا منح جائزة جديدة «جائزة المسرح التجريبي» وذلك في إطار رغبتنا في إيلاء اهتمام بالمسرح التجريبي الذي ينتمي إليه المسرح الجامعي في بعده ورؤيته الفنية والموضوعاتية».