وأنت تجوب بعض أزقة درب مولاي الشريف بالحي المحمدي، يتبادر إلى ذهنك أنك سائح جاء ليشاهد مآثر مدينة عتيقة من القرون الوسطى، أخذ الزمان من بناياتها الصلابة والقوة، ولم يترك لها سوى الخراب و شقوق كأنها أخاديد معلقة تخيف المارة، أما أهل الحي فقد استأنسوا بها حتى أنهم لم تعد تخيفهم ظاهريا أما في قرارة أنفسهم فإن الخوف يتملكهم، سواء عليهم أو على أطفالهم، إلا أنهم يقاومون ذلك بسلاح الصبر، فالفقر وضيق ذات اليد بالنسبة لبعض الأسر القاطنة في هذه المنازل الخراب، يمنعها من التفكير في البحث عن منازل بديلة، لأن أغلب السكان هم من المكترين، أما أصحاب الدور فلا يستطيعون تحمل مصاريف الإصلاح الباهظة نظرا للسومة الكرائية الهزيلة لهذه المساكن. ورغم خطورة الموقف، «فإن السلطات / الجهات المسؤولة عاجزة عن التدخل للحيلولة دون تكرار ما وقع في السنوات الماضية حين انهارت بعض الدور، يقول بعض أبناء المنطقة ، «سواء بالتدخل من أجل حث أصحاب الملك على القيام بالإصلاحات الضرورية، وإذا ما تعذر ذلك بحكم الوضعية العسيرة لهؤلاء ، فعلى الأقل مساعدتهم بأضعف الإيمان، علما بأن المكترين لا حول لهم ولا قوة »! في هذا السياق صرح لنا أحد السكان أنه حين حاول ترميم سترة السطح التي انهارت، تم منعه من قبل أعوان السلطة! إن الوضعية التي توجد عليها بعض الدور بحي درب مولاي الشريف جد مقلقة، ومما يزيد في درجة القلق الكثافة السكانية التي توجد عليها بعض المساكن، حيث أن هناك عددا كبيرا من الأسر تقطن منزلا واحدا! بعض السكان ممن إلتقيناهم، اعتبروا «المنازل التي يقطنونها صلبة، وأن عامل المناخ لم يؤثر فيها رغم قوة الأمطار والرياح التي شهدتها السنوات الأخيرة، فإن كل ذلك لم يأخذ منها «لا حق ولا باطل» على حد تعبيرهم! وحسب المعطيات المتوفرة لدينا، فإن حوالي 19 منزلا آيلة للسقوط أو متضررة جدا وصدرت في حق ساكنيها المكترين أحكام بالإفراغ، في إطار دعاوى رفعها أصحاب هذه المنازل ، « على سبيل إخلاء الذمة، في حالة وقوع حادث انهيار لأي منزل منها» يقول أحد السكان . وحسب نفس المعطيات فإن هناك ثلاثة منازل فقط فارغة، كما توجد منازل أخرى فارغة مهددة بالانهيار ، إلا ما توجد بها محلات تجارية، أما بخصوص الدور المتضررة فهي كثيرة. هذا ، وتجدر الإشارة إلى أن هناك «محلات» تم استصلاحها من قبل ساكنيها هم غالبا من الملاّك.