ترددت بعض الشيء في كتابة هذا المقال، لمناقشة ما نشرته منظمة العفو الدولية بتاريخ 29 يونيو الأخير، حول المغرب، و الذي يتضمن العديد من التعليقات البعيدة عن المبادئ التي تدافع عنها هذه الهيأة الحقوقية، غير أني اعتبرت من الواجب خرق الصمت تجاه ما يصدر عن منظمة تلعب دورا هاما في الدفاع عن حقوق الإنسان و حرية الرأي عبر العالم، لأن هذا يشجع بعض العاملين فيها على الابتعاد بها عن أهدافها و بالتالي ضرب مصداقيتها، إما عن جهل أحيانا، و لكن في غالب الأحيان عن موقف سياسي مسبق، و هذا خطير على استقلاليتها. دعت منظمة العفو الدولية الحكومة المغربية إلى «الكف عن مضايقة الصحفيين الذين ينتقدون السلطات أو يعلقون على قضايا تعتبر من «المحرمات»، ومن بينها وضع الصحراء الغربية وحق تقرير المصير لسكانها والملَكية، وإلى احترام الحق في حرية التعبير». و ما يهمنا هنا هو حشر قضية الصحراء في هذا التقرير، الذي يتحدث عن بعض الأحداث الأخيرة، التي حصلت في مجال الصحافة، و منها المتابعات و الأحكام التي صدرت في حق مدير جريدة «أخبار اليوم» توفيق بوعشرين و مدير أسبوعية «لوجورنال ايبدومادير» علي عمار، حيث يعطي الانطباع كما لو أن هناك صحافيين مغاربة تمت مضايقتهم، في الظرفية الحالية، بسبب موضوع الصحراء، وهذا غير صحيح نهائيا. لم يقدم التقرير أي اسم أو حالة واضحة عن صحافيين تمت متابعتهم أو مضايقتهم، في الظرفية الحالية، التي بررت بها نشر تقريرها، بسبب «التعليق» بشأن «وضع الصحراء الغربية»، كل ما هنالك هو الأحكام التعميمية فقط، الأمر الذي لا يقبل من هيأة منظمة حقوقية في حجم منظمة العفو الدولية. وضمن نفس التقرير نشرت المنظمة «أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي ما فتئت تقف في مقدمة الداعمين لتوفيق بوعشرين وغيره من الصحفيين المذكورين آنفا،ً تعرضت مؤخراً لضغوط من جانب الحكومة وبعض وسائل الإعلام، نتيجة لذلك». فما هي هذه الضغوط، حسب التقرير؟ تجيب المنظمة: «عقب عقد مؤتمرها التاسع في مايو/أيار 2010، تعرضت الجمعية لانتقادات علنية من قبل بعض وسائل الإعلام وكبار السياسيين، ومن بينهم رئيس الوزراء عباس الفاسي وآخرون، ممن يتهمونها بدعم «جبهة البوليساريو». فهل الانتقادات التي وجهتها بعض الصحف، وقبلها، أعضاء في الجمعية نفسها، تدخل في إطار الضغط عليها أم أنه حق من حقوق التعبير، ما دام يلتزم بأخلاقيات الاختلاف؟ ثم ألا يحق للوزير الأول، كمواطن و أمين عام حزب و مسؤول حكومي، أن يعبر عن رأيه و ينتقد من يشاء، في إطار ممارسة حقه في التعبير؟ كيف تسمح منظمة العفو لنفسها، باسم حقوق الإنسان، أن تصادر حق وسائل الإعلام المغربية وحق السياسيين في أن ينتقدوا جمعية، هي نفسها تدافع عن حرية الرأي؟ كان من المفهوم أن تتحرك المنظمة و تدين السلطات المغربية و الوزير الأول، لو حصل انتهاك ضد الجمعية، أما تحريم حرية النقد على الصحافة المغربية وعلى السياسيين، فهذا يعني أنها تضع انتقاد الجمعية في خانة «المقدسات» و «الخطوط الحمراء»، التي تطالب المنظمة بإلغائها من قانون الصحافة المغربي. إنه لمن المحزن حقا أن تسقط هيأة كمنظمة العفو الدولية إلى هذا الدرك، و تصدر تقريرا يعج بعدم الدقة، و عرض الأحداث خارج سياقها الحقيقي، و ممارسة نوع من الإرهاب الفكري ضد الذين يخالفون كاتبة التقرير، في الرأي.