هكذا تتلخص الصورة من صور ألبوم الصحافيين: هاتف يرن إلى أن تنقطع أنفاسه. هاتف يرن ويجيبك صوت تختلف درجة لطفه، يجيبك بأن الشخص المعني بالموضوع غير موجود. هاتف يرن، يجيبك صوت يحولك للمعني بالأمر بعد أن تنتقل من رنين إلى رنين، يعتذر لك المعني بالأمر أن المعلومة التي تطلبها لايمكن لإدارته الكشف عنها. ... يطلب منك بعث رسالة تتضمن المعلومات التي ترغب في الحصول عليها. و...انتظر. إن هناك عوائق في وجه الحصول على المعلومات بالنسبة للصحفي، فما بالك بالنسبة للمواطن العادي، بالنسبة للباحث الجامعي أو الطالب، بالنسبة للأحزاب والجمعيات ... في غالب الحالات تكون المعطيات المطلوبة بسيطة، متداولة وتحتاج للتأكيد الرسمي، أحيانا تكون قصاصة أنباء كشفت عنه ويسعى الصحفي إلى استيضاح ما، لكن المسؤول يرفض حتى الرد على مكالمتك. إن عقلية التستر على المعلومات هي في الحقيقة تستر على جرائم، على فساد... إنها خوف من انفضاح تلاعبات أو اختلاسات.. إنها عقلية تخشى الشفافية. لقد بنت أنظمة جبروتها واستمرت في السلطة من خلال حجبها المعطيات عن شعوبها من جهة، ومن خلال تزوير الحقائق مثل نتائج الاقتراع أو الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. هناك اليوم قناعة عالمية بأن الحق في المعلومات هو جزء لا يتجزأ من الحق في حرية التعبير، باعتباره حق كل فرد في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة على جميع المستويات، المحلية والوطنية والدولية. وقد نصت العديد من المواثيق والاتفاقات الدولية على هذا الحق. وعملت عدة دول على دسترته وشرعنته في نصوص قانونية، معتبرة بأن من أسس الديمقراطية والتنمية وبناء مجتمع المعرفة، تسليح المواطن بالمعطيات ليس فقط عند طلبها، بل تعميمها من خلال نشرات أو تقارير أو ندوات. وتلعب التكنولوجيا اليوم دورا مهما في توفير المعلومات الرسمية وتحيينها، وهو دور تقوم به بالأساس المواقع الإلكترونية المفتوحة في وجه الجميع أيا كان موقعهم. إن القرارات السليمة تتخذ بناء على المعطيات السليمة، أي أن القرار السليم في المعطى السليم. لذلك نجد أن هناك استراتيجيات ومشاريع ومخططات تنهار بمجرد إقرارها، لأنها بنيت على معلومات غير حقيقية. ف«النفخ» في الأرقام وتزويرها، وتلوين الحقيقة بغير لونها، كلها لاتنتج إلا الفساد وتعرقل التنمية وتعوق بناء الديمقراطية. ويعيق حجب المعلومات معالجة أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية، ونشير هنا إلى ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب الذي تصطدم حالات عدة بحجب المعلومات من طرف دوائر رسمية. في المغرب هناك مقترح قانون قدمه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب يرمي إلى ضمان حق الحصول على المعلومات، وانطلق الفريق في إعداده لهذا النص القانوني من أربعة مبادئ تشكل فلسفة عمله النيابي وتؤطر اختياراته الفكرية والسياسية، أولها أن الحصول على المعلومات حق أساسي من حقوق الإنسان، وثانيا أنها شرط أساسي من شروط الحكامة الجيدة باعتبار الصلة الوثيقة بين ضمان حق الوصول إلى المعلومات وبين الديموقراطية كقيم ومبادئ وكممارسة . وثالثا من أجل إعطاء دفعة قوية للمسار الديموقراطي ببلادنا من خلال تمكين الرأي العام الوطني من إحدى الآليات المهمة في الممارسة الديموقراطية، ألا وهي الحصول على المعلومات، والتي بدونها يبقى المواطن خارج أية مشاركة في الحياة العامة. ورابع هذه المبادئ تعزيز مقترحات وعمل الفريق الاشتراكي في مجال الإنتاج التشريعي وخاصة شقه المتعلق بحرية الإعلام. واهتماما بالموضوع، تم خلال ماي الماضي تأسيس شبكة وطنية بمناسبة اليوم العالمي للصحافة تعمل من أجل الحق في الحصول على المعلومات وتتكون من عدة جمعيات. المدخل إلى الشفافية يكمن في توفير المعطيات ذات المصداقية للرأي العام . ومن دعائم هذا المدخل، قانون يحمي الحق في الحصول على المعلومات.