قام الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بصياغة تقرير بخصوص الوقفة المنظمة بالقرب من مطار الحسن الأول بالعيون على خلفية عودة مجموعة من الأفراد من زيارتهم إلى مخيمات تندوف بالجزائر ووصولهم بتاريخ 6 أبريل 2010 إلى مطار الحسن الأول بالعيون. إذ تداولت بعض وسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة أخبارا وشهادات حول تعرضهم لمضايقات. وقد قرر المجلس الإداري للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، في اجتماع له بتاريخ 19 ابريل2010، تشكيل فريق للتقصي بتنسيق مع المرصد المغربي للحريات العامة ويتكون الفريق من الأساتذة: خديجة مروازي: (الكاتبة العامة للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان)، كمال الحبيب (رئيس المرصد المغربي للحريات العامة) محمد الصبار: (فاعل حقوقي، ورئيس سابق للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف) حورية اسلامي: فاعلة حقوقية (عضو المكتب التنفيذي لمنتدى بدائل المغرب). في ما يلي أهم الخطوط في هذا التقرير.. أفاد أفراد من المجموعة التي تضم 11 فردا، بأنهم جميعا سافروا يوم 17 مارس 2010، من مطار محمد الخامس بالبيضاء إلى مطار الجزائر العاصمة، وهناك التقوا بفعاليات تعنى بحقوق الإنسان من الجزائر ونساء من الشيلي والسلفادور ونيجيريا وجنوب إفريقيا كالسيدة ويني منديلا بمناسبة عقد لقاء حول المرأة والمقاومة. وفي يوم 20 مارس 2010 نزلوا بمطار تندوف في الساعة السادسة مساء، حيث قصدوا المخيمات في زيارة تواصل عائلي، أعقبها لقاء مع السيد محمد عبد العزيز الذي أقام حفل عشاء على شرفهم. وفي يوم 4 أبريل 2010، رجع أفراد المجموعة إلى الجزائر العاصمة، وفي اليوم الموالي انطلقوا إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء. وقد أفاد نفس الأفراد بخصوص الرجوع من الزيارة، بأن المجموعة (11) وصلت، في الساعة الواحدة زوالا إلى المطار، وتمت الإجراءات في جو عادي، وتوجهوا بعد ذلك إلى سلا، حيث قضوا الليلة عند أقارب لهم، وعادوا مرة أخرى إلى المطار، ومنه إلى مطار العيون. كان الوصول على الساعة السادسة مساء تقريبا، وقد لاحظوا وجود بعض الأشخاص بزي رسمي بما قد يفيد وجود وفد حكومي. عند ما تقدم أفراد المجموعة لتسلم متاعهم، أخبروا بما يفيد احتمال تأخره، أو عدم وصوله على متن نفس الرحلة. غير أنه بعد نصف ساعة أو ما يزيد تسلموا أمتعتهم، وكان المطار قد أصبح خاليا من المسافرين الذين جاؤوا على متن نفس الرحلة. وعند الخروج فوجئوا بمئات الأشخاص المتجمهرين، في جنبات المطار، يحملون أعلاما مغربية ويرفعون شعارات تتفاوت مابين التنديد بالزيارة، والتأكيد على مغربية الصحراء، في مقابل ذلك رفع أفراد المجموعة شارات النصر، وشعارات تؤكد بدورها على حق تقرير المصير. وليبدأ كل طرف بنعت الآخر بالخيانة. ولأن حشود المتجمهرين تعد بالمئات، تم بعض التدافع ليضيق الممر الذي ينفذ منه المسافرون إلى ذويهم وإلى السيارات التي ستقلهم، مما أدى إلى شيء من الاحتكاك بين أفراد من الطرفين. وضع رجال الأمن حزاما وقائيا بالأيدي المتشابكة ما بينهما لتجنب الاصطدام، وقد استمرت تلك الملاسنات لمدة ربع الساعة تقريبا. وليلتحق أفراد المجموعة 11 التي رجعت من زيارة المخيمات، بأفراد وسيارات عائلتهم. بعد أن تعرضت إحدى سيارات هؤلاء لكسر زجاجها وتحمل رقم 6/12-669. أجمع الأفراد الذين تم الاستماع إليهم على تقدير عدد الحشود المتجمهرة بجوار مدخل المطار بالمئات، وكذا عشرات الكاميرات المثبتة داخله وخارجه. كما صرحوا بأنهم لم يتعرفوا على أي من المتظاهرين، وأن اللهجة المستعملة من لدن هؤلاء ليست هي الحسانية، وادعوا أن إملاء وتواطؤ رجال السلطة في صلة بهذه الوقفة أمرا واردا. تكرر نفس السيناريو لكن بأعداد أقل، مع أفراد المجموعة ومرافقيهم وهم يقصدون ويعودون من السمارة وبوجدور. * إفادات عينة من المشاركين في الوقفة: صرح أفراد من المشاركين في الوقفة لفريق التقصي بالإفادات التالية: جاء قرارهم بتنظيم الوقفة كرد على الاستفزازات التي تلقوها من أفراد المجموعة الثانية، خاصة حين لم يتم اعتقال أعضائها، فبدأت في التظاهر في الشارع العام وسب ونعت الصحراويين الوحدويين بالخونة، وكذا كرد على ادعاءات أفراد هذه المجموعة الأخيرة وسابقاتها بتمثيليتها للصحراويين وكذا تصريحاتهم لوسائل إعلام يتمحور مضمونها حول السب والقذف في المغرب. تمت مراسلة السلطات المعنية في موضوع الوقفة، وتكونت لجنة تنظيمية من ثلاثة جمعيات محلية ونيابة عن 26 جمعية أخرى1، وضمنها خاصة وداديات الأحياء. تواجدت الحشود حسب تواتر الشهادات بساعتان قبل وصول الطائرة التي يوجد على متنها أفراد المجموعة، وقد تمت دعوة الناس ووسائل الإعلام لإسماع صوت الوحدويين من الصحراويين وكل من يريد التضامن معهم. وتم رفع شعارات تعبر عن هذا الموقف مصحوبة بأعلام مغربية وصور للملك. تم ذلك خارج مطار العيون بالقرب من الجنبات القريبة من المدخل إليه وتحديدا بالقرب من موقف السيارات، وقد صادف رجوعهم تواجد وفد حكومي يغادر العيون ذاك المساء بعد إنهائه لزيارة عمل رسمية. كان هناك سيدتان وأطفال بصحبتهما في الجهة المقابلة للوقفة، في انتظار استقبال أفراد المجموعة. كان أفراد المجموعة عند خروجهم، يرفعون شارات النصر وشعارات وكلاما ينعت الحشود المتجمهرة بالمستوطنين والخونة. وكانت واحدة من النساء هي من تغالي في السب والقذف مقارنة بالآخرين. أمام تصاعد الشعارات وتوتر الأجواء، كاد الاحتكاك أن يتم بين الطرفين لولا تدخل السلطة لفسح الطريق أمامهم نحو ثلاث سيارات كانت بانتظارهم. قرر المنظمون استمرار وقفاتهم بموازاة تحركات أفراد المجموعة. وهو ما تم وهم ومرافقيهم في طريقهم أو خلال عودتهم من بوجدور والسمارة. * بخصوص إفادات ممثلين عن السلطات المركزية والمحلية: تمحورت إفادات السيد والي العيون لأعضاء فريق التقصي ما يلي: تزايد احتقان الساكنة من تصرفات وادعاءات الانفصاليين، في السنوات الأخيرة، معتبرا أن عدم النضج على مستوى تقبل كل طرف للآخر في إطار القانون والتعبير السلمي عن الآراء والأفكار جعل الأمن حاضرا لتفادي الاصطدام. بدأت جمعيات وأفراد يلحون على حقهم في التعبير عن رأيهم وعن موقفهم مما يجري، وعندما تم طلب الترخيص للوقفة، تم تقدير الحضور بها مابين 60 و80 شخصا، لذلك كان حضور قوات الأمن ملائما لهذا التقدير. نزول الناس وتعبئة المنظمين تجاوزت التوقعات المسطرة. حيث حضر ما يقارب 900 فردا، والذي فاجأهم، هو كون أكثر من 80 بالمائة من الحضور هم من الساكنة الصحراوية. هذه الوقفة جاءت في سياق مجموعة من المبادرات الأخرى التي يصل صداها وضمنها عزم مجموعات من نفس الساكنة (الصحراويين الوحدويين) الذهاب إلى الجزائر لزيارة أقاربها وعائلاتها بمخيمات تندوف. استنفاذ المرحلة التي تحاول السلطة إقناع الناس بالتغاضي عن رد الفعل، لكن الطلب اليوم يتزايد والتحديات والتعبيرات تنتظم باستمرار وتطالب بحقها في التعبير عن رأيها ومواقفها مما يجري. بخصوص تدخل قوات الأمن، أكدت مختلف الإفادات ذات الصلة، بكون دور هذه الأخيرة لم يتجاوز الحرص على استتباب الأمن وحماية الأشخاص والممتلكات، وخاصة في علاقة بأفراد المجموعة (11) أمام الحشود التي تعد بالمئات. إفادات السيد رئيس المجلس البلدي للعيون تمحورت حول ما يلي: تمحورت حول كون ادعاء تمثيلية الساكنة بالصحراء ينبغي أن يتم من خلال الآليات المتاحة وهي الانتخابات، وأن لا أحد ينازع في حرية هؤلاء الأفراد في الزيارة الإنسانية للمخيمات من حيث المبدأ، لكن التصريحات المسجلة هناك خلال زيارتهم موجودة، وتثبت ادعاءات تمثيلية هؤلاء الزائرين للساكنة هنا وهم يتحدثون باسمها، إضافة إلى التطاول والقذف في ما يشكل ثوابت بالنسبة للصحراويين الوحدويين، وهو مس مباشر بمشاعرهم، الأمر تجاوز التمتع بحق التنقل والتعبير عن الرأي إلى المس بحقوق الآخرين. إن التسجيلات المتاحة عن الزيارة لا تظهر من مبرر القيام بها سوى مستوى السب والقذف في المغرب وادعاء تمثيلية الصحراويين. * بخصوص إفادات الفاعلين حزبيين و جمعويين وإعلاميين: * أفاد مجموعة من الفاعلين جمعويين وإعلاميين بخصوص ما حدث ما يلي: اعتبار ما وقع إعلانا عن بداية مقاربة جديدة في التعاطي مع المجموعات التي تقوم بالزيارات للمخيمات، بما يعنيه ذلك من تدخل للسلطة أو أعوانها لتعبئة الناس من أجل مواجهة هؤلاء، وهو ما تم مثلا في علاقة بمجموعة من الأفراد من حي الوفاق الذين كانوا يحتجون على تعثر الخدمات المرتبطة بالماء والكهرباء، وكيف تم إقناعهم بتغيير مكان التظاهر، إلى مكان المطار لوجود مسؤولين هناك يمكن إيصال صوتهم لهم مباشرة، وقد تم توفير سيارات خاصة (الهوندا) لذلك. سينضاف هؤلاء إلى الحشود التي ستستقبل أفراد المجموعة (11) عند خروجها، بشعارات التخوين. حاول رجال الأمن بالزي الرسمي التدخل لتجنب وقوع أي انفلات. لوحظ بأن حجم حضور قوات الأمن كان ضعيفا مقارنة بما يتم حشده مثلا في حي معطا الله. أكدوا بأن التعبير عن الرأي لا ينبغي أن يندرج في سياق رد الفعل. * في مقابل ذلك أفاد فاعلون آخرون من جمعيات وأحزاب سياسية بما يلي: جاء الحادث في سياق زيارة مجموعة ما يسمى ب «النشطاء الحقوقيين» إلى مخيمات تندوف، والتي صادفت رجوعهم إلى مطار العيون تنظيم وقفة احتجاجية لمئات المواطنين خارج المطار وتحديدا بالقرب من جنبات المدخل إليه. تنوع الحضور بالنسبة للمحتجين ما بين أعيان المنطقة و الساكنة الصحراوية وأيضا المنحدرة من مدن أخرى. كما كان هناك أيضا أفراد من أبناء العمومة للبعض ممن كانوا في الزيارة إلى المخيمات. بمجرد خروج أفراد المجموعة بدأ التوتر بتبادل الاتهامات بين الطرفين، وفي لحظة ما كاد الاحتكاك أن يؤدي إلى انزياحات مما اضطر أفرادا من قوات الأمن إلى التدخل لتفادي ذلك، بتسييجها لسيارة تحمل أفرادا من المجموعة، حتى تتمكن من المرور بدون تماس مع الحشود. لم يكن هناك أي عنف جسدي مباشر، وظل العنف اللفظي يغذي التوتر بين الطرفين. سيتكرر نفس الشيء لكن بأعداد أقل مع رجوع البعض منهم أو ذهابهم إلى بوجدور والسمارة، مما جعل بعضهم يتوجه مباشرة للاعتصام أمام المحكمة ويلتحق به أفراد متضامنون معهم، كان مجموع عددهم 14 فردا، مطالبين بحضور الوكيل، وبناء على تزامن ذلك مع يوم الأحد ليلا، و تدخل بعض الفاعلين لتأجيل ذلك إلى غاية يوم الإثنين. استمر اعتصامهم لبضعة دقائق، وبعد ذلك تدخلت قوات الأمن لتفريق المعتصمين. أكدت إفادات هؤلاء على أن من حق كل طرف أن يعبر عن رأيه سلميا وفي احترام للرأي الأخر، وعلى السلطات أن تسهر على حماية مختلف الأطراف وضمان سلامتهما. 1 الجمعيات التي تقدمت بطلب الترخيص هي: * جمعية الانتماء من أجل التنمية لحقوق الإنسان والتعايش؛ * جمعية ملتقى الشباب؛ * جمعية شباب العيون للسباحة والرياضات. على مستوى استقراء حصيلة المعطيات والإفادات: بخصوص استقراء حصيلة مختلف الإفادات: أولا: أطر أفراد من المجموعة زيارتهم لمخيمات تندوف في سياق عائلي وإنساني، بينما تتقاطع الأهداف لدى آخرين مابين الإنساني والعائلي والحقوقي والسياسي. ينتمي جميع الأفراد الذين تم الاستماع إليهم إلى عائلات متشظية مابين منطقة الصحراء والمخيمات. يتفاوت قرار أفراد من المجموعة بخصوص الأوضاع هناك مابين صعوبة ظروف العيش بالمخيمات، وتحقق الرفاه الذي يتحدد في وفرة المساعدات المخصصة للأسر داخل المخيمات. لم تعمل مختلف الإفادات على تحديد هوية المرافقين الإسبانيين لهما، (صحافة أم مجتمع مدني ...). يصر أفراد داخل أعضاء المجموعة (11)، وبعض الفاعلين على أن الوقفة الاحتجاجية هي بتخطيط من السلطات. وينفون أية علاقة لها بالصحراويين. ويقدمون كقرائن على ذلك عدم تعرفهم على من كانوا متظاهرين، ومن جهة أخرى عدم إنصاتهم للهجة العامية الحسانية كأداة تعبير لدى هؤلاء. ثانيا: تؤكد مختلف إفادات المشاركين بالوقفة حق الطرف الآخر في الزيارة العائلية للمخيمات، ومؤاخذته على استغلال الطابع الإنساني والعائلي للزيارة من أجل ادعاء تمثيلية الساكنة الصحراوية، ومحاولة تنميطها جميعها داخل نفس الأطروحة الخاصة بهم. مؤاخذتهم على استغلال خطاب ومجال حقوق الإنسان، كأداة للصراع السياسي. ثالثا: تحاول بعض النعوت والصفات والآراء جعل جميع المشاركين في الوقفة الاحتجاجية لاينتمون إلى المنطقة. يؤكد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية على تنوع هذه المشاركة ويدعون بأن أغلبية القائمين بالزيارات إلى المخيمات لا ينتمون إلى الساكنة الصحراوية المعنية بالنزاع، وان انحدارهم من مناطق كلميم، طنطان، أسا.. وفشلهم في تملك زعامة في علاقة بمجالهم، جعلهم يبحثون عليها على حساب مشكل الصحراء، لكن ذلك لا يسمح لهم بتجاوز المعنيين المباشرين بالمشكل سواء بالبوليساريو أو بمنطقة الصحراء وبين قبائلها. بالرغم من وضوح الصراع على مستوى الرأي مابين الصحراويين الذين يقولون بتقرير المصير والصحراويين الوحدويين، فقد ظل تحليل وتكييف المعطيات التي يتقدم بها كل طرف تؤطر المشكل وتعود به لأسبابه الاجتماعية والاقتصادية، وإلى تقلص مجالات التعبير. يعتقد البعض بأن استثمار الدولة ومجهودها المباشر يتجه نحو العائدين، أو في علاقة بالإنفصاليين، بينما الوحدويون الذين على مسافة مع السلطات أو الذين لا يعبرون عن رأيهم يتم تهميشهم اجتماعيا وسياسيا ومدنيا. كما يرى البعض الآخر بأن استمرار الوضع كما هو «ستاتيكو» أصبح وضعا مريحا ومربحا للأعيان، و من جهة أخرى مطمئنا للناس، فهناك من يروج بأن انتهاء المشكل المتعلق بالصحراء، وحسمه يعني زوال الإعفاء من الضرائب، وكذا توقف دعم المواد الغذائية، وتعطيل الأوراش الجارية. أكد رأي آخر بأن الصحراوي اليوم هو من ينتمي إلى البوليساريو، وهو الصحراوي الوحدوي، والصحراوي الذي لم يحسم اختياره بعد، وأيضا الذي لا يعبر عن رأيه. بموازة ذلك تؤكد مجموعة من الإفادات أن الانتماء خلال السنوات 15 الأخيرة إلى هذه الأطروحة أو تلك يتم في أغلبيته بسبب وعبر بوابة المشاكل الاجتماعية. II. خلاصات: أولا: بخصوص قرار التقصي في النازلة: خلص جميع أعضاء فريق التقصي إلى أهمية القرار الذي اتخذوه بالتقصي بخصوص ما وقع يوم 6 أبريل2010، بمناسبة تنظيم وقفة على خلفية الاحتجاج على أفراد المجموعة التي رجعت من زيارتها إلى مخيمات تندوف، وإذا كانت هذه النازلة قد تبدو في علاقة بالوقائع ومحدودية تداعياتها لا تستدعي التقصي بما يتطلبه ذلك من مجهود وموارد، فإن تقدير أعضاء الفريق بناء على مضمون الخطاب الذي تم تداوله في علاقة بمختلف الأطراف والذي يعكس نوعا من الاحتقان القابل لأن يتطور في أية لحظة في اتجاهات سلبية على مدى متوسط وبعيد، يطرح تحديات فعلية تتطلب التسريع في التعاطي معها، لذلك يطمح الفريق في أن تتجاوز حصيلة هذا التقرير التقصي المباشر في هذا الحادث، إلى استيعاب خلاصاته بما يفتح مسالك للتفكير في التحديات التي يطرحها هذا المشكل. وهي تحديات تعكس مختلف الشهادات التي تم الاستماع إليها جزءا منها، لذلك كان إصرار الفريق على إدراج ملحق يتضمن مقتطفات من عينة منها في علاقة بمختلق الأطراف ذات الصلة بالمشكل. ثانيا: بخصوص الوقفة وتداعياتها: 1- في علاقة بمدى قانونية تنظيم الوقفة وما يتصل بها خلص الفريق إلى ما يلي: * تأكده في لقائه بأعضاء الجمعيات التي تقدمت بطلب الترخيص للوقفة، وانطلاقا من اطلاعه على نسخة من الرسالة الجوابية، للسلطات المعنية، بشأن الوقفة المنظمة يوم 6 أبريل2010، أنه قد تمت وفق المقتضيات القانونية المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 377. 58. 1 الصادر بنونبر1958 بشأن التجمعات العمومية حسبما وقع تغييره وتتميمه وخاصة في الفصليين 11و12، المتعلقين بالمظاهرات. غير أن السؤال على هذا المستوى قد يتجاوز مدى قانونية الوقفة، إلى ما يطرحه ذلك من تحديات ترتبط بسؤال مدى استعداد السلطات أن تسمح للطرف الآخر بالتعبير عن رأيه، كلما قام بذالك في احترام للقوانين الجاري بها العمل في إطار الحريات العامة. 2- في علاقة بحجم الوقفة ومحيطها وتداعياتها: * لم تستطع مختلف الإفادات الحسم في العدد التقريبي للأفراد المتظاهرين، وظل العدد يتراوح بالنسبة للبعض مابين 900 و2000. وبالنسبة للبعض الآخر مابين 200 و400. بينما الإفادات الرسمية قدرتها بالتحديد في 980. * صادف وصول الرحلة التي على متنها أفراد المجموعة (11)، وجود أعضاء وفد رسمي بمناسبة إنهاء وفد وزاري لزيارة عمل، ووجود بعض ممثلي الهيئات المنتخبة بداخل المطار لتوديعه، بما يفسر ما تواتر بخصوص وجود وفد رسمي هناك. * ترجحت للفريق القناعة بخصوص فرضية عدم تجاوز المتظاهرين للساحة القريبة من موقف السيارات خارج المطار، بناء على تقاطع الإفادات وكذا الصور الحية والفوتوغرافية التي تمكن الفريق من الحصول عليها. في مقابل ذلك تأكد تدافع بعض المتظاهرين بمجرد بداية خروج أفراد المجموعة من باب المطار، لدرجة تقلص معها الممر على أفراد المجموعة، في سياق تبادل التهم والتلاسن الذي في مجمله لم يتجاوز توصيفه حدود العنف اللفظي، بينما ثبت إلحاق أضرار بسيارة تحمل رقم 6/12-669. * تأكد استمرار الوقفات خلال ذهاب وإياب أفراد المجموعة، وإذا كانت تحركات أفراد هذه المجموعة تتم في إطار ما تنظمه القوانين من الحق في حرية التنقل من خلال عودتهم ومرافقين لهم إلى بيوتهم وأسرهم بالسمارة وبوجدور، فإنه ليس هناك ما يثبت شرعية وقانونية تعرض مجموعات من الأفراد سبيلهم للاحتجاج عليهم وهم على متن سيارات نقل خاصة أو خصوصية في طريقها أو عند عودتها من السمارة. * تأكد بأن الاعتصام الذي جرى أمام محكمة الاستئناف يوم 9 أبريل2010، لم يكن مرخصا له ولم يخضع للمقتضيات القانونية، بينما عملت السلطات على فكه في إطار مقتضيات القانون، غير أن احترام الشكل القانوني1 لم يحل دون تعرض أفراد من المعتصمين وعددهم تحدد في أربعة عشر(14) إلى ضربات متفاوتة عند تدخل قوات الأمن. * تأكد بأنه لم تسجل أية اعتقالات في مرحلة الديمومة، لدى الطرفين في علاقة بالوقفة الرئيسية ليوم 6 أبريل، أو ما لحقها من وقفات فرعية. * تأكد بخصوص الشكايات التي تم تسليمها إلى أعضاء فريق التقصي خلال جلسات الاستماع إلى أعضاء من مجموعة التي قامت بالزيارة إلى تندوف، بأن مآلها هو الحفظ لانعدام الإثبات ولعدم توفر العنصر الجرمي. ثالثا: بخصوص الفاعلين: 1. بينما لا تطرح الزيارات الإنسانية والعائلية مشكلا في حد ذاتها، تطرح زيارات أفراد المجموعات لتندوف كنشطاء حقوقيين مشكلا على مستوى مضمون هذه الهوية فحصيلة الزيارات لا تقدم شيئا عن سجلات حقوق الإنسان بتندوف مكان وجهتهم، ويظل الخطاب ذي الصلة خلال الزيارة هناك وبعدها متطابقا مع خطاب ما قبل الزيارة. ينحصر تحرك هؤلاء النشطاءكضحايا منخرطين في فضح ما قد تعرضوا له من تجاوزات أو انتهاكات في علاقة بالمغرب، وهو ما يطرح لدى فاعلين ومواطنين السؤال عن القيمة المضافة للزيارات من زاوية حقوقية، قياسا ووفاء لهوية النشطاء الحقوقيين التي يحملونها خلال مسار مختلف تلك الزيارات. 2. إن غياب وضوح أجندة النشطاء الحقوقيين خلال زياراتهم، وهيمنة منطق ترابطها باستحقاقات حقوقية دولية، يسقطها في افتعال هذه الأجندة، مما ظل يعيق إفراز نخبة حقوقية تعمل في علاقة بحقوق الإنسان ككلية لا تقبل التجزيء موضوعاتيا ومجاليا. 3. وجود مقاومة شديدة للإقرار باحتمال خروج الصحراويين الوحدويين من تلقاء ذاتهم للتعبير عن رأيهم مما يجري، وكذا مقاومة فكرة وجود أي منهم بالوقفة الاحتجاجية المنظمة، وظل التدليل على ذلك يستند على طبيعة لغة المتظاهرين التي تتحدد في غياب اللهجة الحسانية، بينما ترجحت القناعة لدى الفريق بأن اللغة لا يمكن أن تكون مقياسا للانتماء ولا إلى التمثيلية. 4. تنخرط النخب الصحراوية بالمنطقة في التدبير اليومي للشأن المحلي، وهو ما يؤهل الموارد البشرية المحلية على هذا المستوى، في مقابل ذلك يلاحظ تعطيل مسار إفراز نخب مدنية موازية، حيث ارتهن فسح المجال لها ولسنوات في علاقة فقط بالمناسبات الرسمية، مما كرس مفهوم كون أية مبادرة في اتجاه التعبير عن رأي الصحراويين الوحدويين تتم داخل مربع السلطة أو بدعم منها. 5. اشتغل خطاب التخوين ضمنيا وصراحة في الاتجاهين، وإذ يعكس ذلك مدى ضعف مضمون التربية الديمقراطية بما يضمن حماية حق كل طرف في التعبير عن رأيه، فإن هذا الحادث يكشف عن مدى التخوف ومدى الاستعداد في ذات الوقت عند تلك الأطراف من احتمال تأجيج عناصر سوسيولوجية وثقافية في اتجاه العصبيات والشوفينية. وهو ما يتواتر في الكثير من تصنيفات البعض للآخر من قبيل: الساكنة الأصلية، الصحراويون الذين لا ينتمون إلى منطقة النزاع، الساكنة المنحدرة من المدن الداخلية، أو التصنيف على المستوى القبلي وسياقاته ومواقعه. 6. يطرح مشكل الحريات العامة تحديا أساسيا في المنطقة، سواء في علاقة بتدبير الدولة لذلك عبر مقاربة أمنية صرفة لا تجيب على التحديات الجديدة، أو في علاقة بالفاعلين على ضوء الالتباس الذي يطال أجندة النشطاء. 7. إن جزءا كبيرا من تظلمات الناس واستيائهم ممن تم الاستماع إليهم بالرغم من تلبسها في الكثير من الأحيان قضايا الرأي السياسي، سواء في علاقة بهذا الطرف أو بالآخر، فإن عمقها يتصل بالموقف من الإعمال غير العادل والمنصف لتدبير السياسات العمومية محليا، خاصة في بعديها الاجتماعي والاقتصادي والمشاكل المتصلة بذلك. III. توصيات: انطلاقا من اللقاء الذي نظمه الوسيط والمرصد يوم 12 يونيه، بالرباط والذي حضرته بعض الفعاليات من منطقة الصحراء بما يعكس مختلف وجهات النظر، إلى جانب فعاليات مدنية وسياسية من الأحزاب والمنظمات الوطنية، للمساهمة في مناقشة مضامين التقرير وخلاصاته، ومحاولة بلورة التوصيات الملائمة. وبعد عرض فريق التقصي لمنجز التقرير ومناقشته من طرف مختلف الحاضرين، أكد الجميع على مايلي: أولا: التنصيص على استمرار الحوار بين مختلف التعبيرات والآراء بما يفتح مسالك للتفكير الحر والمسؤول في قضايا ومشاكل المنطقة، وذلك بالتسريع لخلق فضاء للحوار يحتضن جميع الآراء ويوفر شروط احترامها، مع العمل على إيجاد الصيغ الملائمة للتعبير عن الرأي السياسي بعيدا عن منطق التخوين الذي ظل يطبع تصنيف المواقف والآراء بالمنطقة. ثانيا: دعوة مختلف الفاعلين والهيئات الحقوقية للمواكبة عن قرب للوضع بالصحراء، وذلك بخلق آليات على المستوى المحلي لرصد الخروقات والتجاوزات كيف ما كان مصدرها. ثالثا: جعل قضية الصحراء قضية رأي عام واع بضرورة المراهنة على تحويلها إلى مقوم لبناء السلم والاستقرار في المنطقة، رابعا: العمل على رفع الالتباس عن ماهية العمل الحقوقي وهوية الفاعلين في هذا المجال، بما يؤسس للتعاقدات التي يحتكم إليها الجميع والترافع بخصوصها لدى السلطات المغربية والمؤسسات الدولية والإعلام, خامسا: توسيع مقاربات السياسات العمومية في المنطقة بما يعمل على إدماج المواطنين والمجتمع المدني في صياغتها وبلورتها ومراقبة تنفيذها، سادسا: التفكير، بموازاة الآليات الأممية، في أفق بلورة صيغ مقبولة من طرف مختلف الأطراف لتأمين الاتصال الاجتماعي، والإنساني، والعائلي. سابعا: العمل على احترام القوانين والمواثيق المصادق عليها من طرف المغرب، التي تتعلق بالجمعيات والتجمعات والتظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية التنقل.