من البديهي أن المدرسة كمؤسسة اجتماعية، تعكس وتتفاعل مع ما يقع داخل المجتمع من تغيرات وظواهر، فهي لا توجد في جزيرة نائية منقطعة عما حولها، بل تقع في مجتمع يحبل بمشاكل مستعصية تتوالد من يوم الى آخر، هذه الظواهر انتقلت الى قلب المدرسة، ولعل أبرزها ظاهرة العنف وتداعيات الطلاق، وانتشار المخدرات وتقصير الأسرة في تربية أبنائها، والاكتساح المذهل لثقافة العولمة بكل مظاهرها. هذه الظواهر الاجتماعية، لم يعد السكوت عنها مسموحا به، خاصة في علاقتها بمشكل الانقطاع عن الدراسة. وعندما بدأ التفكير في إعداد خلايا اليقظة داخل المؤسسات التعليمية، بدا واضحا أن عملها سيكون مشوبا بالتقصير. وإن كان الهدف من إحداثها هو رصد حالات التعثر داخل صفوف التلاميذ، والتصدي لظاهرة التعثر الدراسي من خلال الإنصات والتتبع. فقد لوحظ أن هذه الخلايا تفتقد الى آليات حقيقية لمعالجة الظاهرة، ولا يملك أعضاؤها التخصص والتفرغ والتكوين الأساسي لمعالجة مشاكل ذات طابع سيكولوجي وسوسيو ثقافي إضافة الى الأعباء المتزايدة التي أنيطت بالمدرسة، مع الانطلاق الفعلي في أجرأة بنود المخطط الاستعجالي. ورغم المجهودات المبذولة في تأهيل مؤسساتنا التعليمية، والدعم المدرسي المتزايد من أجل الاحتفاظ بالتلاميذ داخل أسوار المدرسة من أجل إكسابهم التعلمات الأساسية والكفايات الضرورية، فإن الحاجة أصبحت ضرورية لتفعيل خلايا اليقظة، وذلك من خلال تكليف مرشد اجتماعي للقيام بمهمة المساعدة الاجتماعية داخل كل مدرسة، متخصص في هذا المجال: وهذا المرشد الاجتماعي سيقوم بأدوار كثيرة داخل المدرسة، أولها تفعيل خلايا اليقظة، وإنجاز جلسات الإنصات للأطفال الذين يعانون من مشاكل أسرية عميقة قد تعرضهم للانقطاع، وتقديم المساعدة الضرورية لهم، بتنسيق مع كل الجهات المسؤولة، ويعمل على تتبع كل الحالات المستعصية. إن مأسسة خلايا اليقظة من خلال تعيين مرشد اجتماعي أصبح ضروريا لمواجهة مشكل الانقطاع والتعثر الدراسي، والاحتفاظ بالتلاميذ داخل المؤسسة، وإنقاذ هذا الكم الهائل من الأطفال الذين يعانون من مشاكل أسرية ونفسية عميقة من براثن الشارع، وحتى تحقق الأوراش الكبرى التي باشرها المخطط الاستعجالي، بأهدافها وغاياتها الكبرى في إصلاح منظومة التربية والتكوين في بلادنا. (.) مدير مدرسة ابتدائية الجديدة