جمع غفير من المواطنين يحاصرون المكان، أمتعة متناثرة هنا وهناك، رائحة تزكم الأنوف تنبعث من كل الجوانب، أطفال ونساء وشباب يتحلقون حول مكان الحريق، عيونهم الحائرة مصوبة نحو البراريك التي نشبت فيها النيران! فحوالي الساعة الثانية عشر زوالا من يوم الثلاثاء الماضي، انطلقت أعمدة الدخان نحو السماء معلنة عن حريق جديد بكريان دوار احميمر بمديونة، حيث أتى على 10 براريك ودكان صفيحي، إضافة إلى عدد من البراريك هدمها السكان حتى لا تطالها النيران وتنتشر في باقي الأزقة، كما أصيب شخصان بجروح خفيفة أثناء محاولة إخماد الحريق. انتشر الخبر بسرعة في كافة أزقة الكريان الضيقة التي غرقت في مياه رجال المطافىء الذين تدخلوا بعد 30 دقيقة من اشتعال الحريق، امتدت خراطيم المياه عبر عدة مداخل و«تنافس» أبناء الحي مع رجال المطافىء في إنقاذ ما تبقى من «البراريك» بعدما تمرسوا على ذلك بفعل توالي الحرائق. اختلفت الآراء وتداخلت الشهادات حول بداية الاشتعال، البعض يقول الشرارة الأولى انطلقت من وسط مكان الحريق، آخرون يقولون إنها بدأت من الزقاق المجاور للإقامة السكنية (ع ) ... غير أن سبب اندلاع النيران ظل مجهولا ككل مرة. بعد صراع مرير دام ساعتين، تمكن أبناء الحي ورجال المطافىء الذين استعانوا بثلاث شاحنات للإطفاء، من إخماد النيران التي أتت على كل ما لامسته ألسنتها من قصدير وخشب وأغطية. ظلت النار ملتهبة في صدور السكان ضحايا الحريق رغم إطفائها على أرض الواقع ، بسبب تقاعس الجهات المسؤولة عن الشأن المحلي للمجلس البلدي عن تقديم حلول اقتراحية بعين المكان، حيث ظل الضحايا تحت أشعة الشمس إلى حدود السادسة مساء مما جعلهم يقومون باحتجاجات واسعة تم من خلالها إغلاق شارع الحسن الثاني بمخلفات الحريق كرد فعل على برودة الحوار التي لامسوها لدى المسؤولين مرددين شعارات مناوئة للمجلس البلدي ، مما جعل السلطات الاقليمية تتدخل حيث فتحت حواراً مع الضحايا، تمخض عنه توفير خيام أقيمت في الأماكن التي طالب بها الضحايا مع تقديم مجموعة من المساعدات (أغطية وأفرشة) . بعد ساعات من إخماد «نيران» الاحتجاجات طوق رجال القوات المساعدة مكان الحريق تحسبا لأي طارىء وبدا الكاريان المحروق شبه معزول ، لتزداد حرقة الضحايا الحالمين بسكن لائق وسقف يحميهم من بطش النيران الغادرة!