أخنوش ينوه بالدينامية الجيدة لعدد من الأنشطة الاقتصادية في 2024 مقارنة بالسنوات الماضية    الدورة 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تسلط الضوء على الماء واستدامة الفلاحة... فرنسا ضيف شرف    لتحفيز الأنشطة الإنتاجية والمقاولاتية.. أخنوش: أقررنا إصلاحا شاملا لأسعار الضريبة على الشركات بشكل تدريجي    ✅ اللجنة الوزارية المشتركة تتابع تموين الأسواق والأسعار استعدادًا لشهر رمضان    اتفاقية الكهرباء بين المغرب وموريتانيا    المغرب يصادق على اتفاقية الاعتراف المتبادل برخص السياقة مع إسبانيا وإيطاليا    جماهري يكتب.. الحرب والصحراء: المعقول‭ ‬‮..‬من‭ ‬اللامعقول‭ ‬السياسي‭ ‬عند‭ ‬تبون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حواره‮    الملك محمد السادس مهنئا أحمد الشرع بمناسبة رئاسته لسوريا: ندعم كل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا    تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. خط أحمر لا يقبل التفاوض أو المساومة    غواتيمالا تجدد التأكيد على التزامها بإقامة علاقات "قوية" مع المغرب    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تدعو إلى دعم منصف وعادل للصحافة الجهوية    بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار بغزة    أخبار الساحة    اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام    رصاص شرطة خنيفرة يوقف جانح    بعد مغادرتها السجن.. دنيا بطمة تُحدث تغييرات مفاجئة في حياتها    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تعلن مساندتها للإضراب العام وترفض التمرير القسري للقوانين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    جائزة الحسن الثاني وكأس للا مريم ما فتئتا تستقطبان أبرز لاعبي الغولف العالميين (مسؤول)    هذا المساء في برنامج "مدارات" : جلسة فكرية وأدبية مع الدكتور أحمد بوحسن    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    جلالة الملك يهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا    الإصابة تحرم ريال مدريد من خدمات مدافعه النمساوي ألابا    بعد غياب لسنوات.. "الشرقي والغربي" يعيد حنان الابراهيمي إلى التلفزيون    محامي بلجيكي: إصلاح مدونة الأسرة متوازن يثبت قدرة المغرب على التحديث دون التنازل عن قيمه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لسعد جردة : سألتقي مسؤولي الرجاء الرياضي لكرة القدم    العصبة تؤكد إجراء مباراة الوداد البيضاوي وحسنية أكادير في موعدها    توقيف عصابة اعتدت على مواطنين بالسلاح الأبيض في أولاد تايمة    أسعار النفط تتراجع بعد موافقة ترامب على تعليق الرسوم الجمركية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    الصناعة السينمائية المغربية تحقق أرقامًا قياسية في 2024    بنسعيد يعلن عن تقييد مآثر جديدة    ألباريس: العلاقات الإسبانية المغربية تعيش "أفضل لحظة في التاريخ"    جولة في شوارع الحسيمة بعد أمطار الخير.. وهذه مقاييس التساقطات    ترامب يجدد دعوته لضم كندا ويعلق الرسوم الجمركية مؤقتًا    فرنسا.. بايرو ينجح في إقرار الميزانية ويفلت من حجب الثقة    إيلون ماسك يثير المخاوف بشأن "وزارة الخزانة" الأمركية    العملاق ‬البريطاني ‬‮"‬ساوند ‬إنرجي"‬ ‬يعد ‬ببداية ‬الإنتاج ‬التجاري ‬للغاز ‬بالمغرب ‬في ‬الخريف ‬المقبل    آيت بودلال يلتحق بفريق "أميان"    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    العرائش تبرز دور "الأستاذ المبدع"    متى ‬ستسحب ‬سوريا ‬الجديدة ‬اعترافها ‬بالجمهورية ‬الوهمية ‬؟    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    تنظيف الأسنان بالخيط الطبي يقلل خطر السكتات الدماغية    عقاقير تخفيض الوزن .. منافع مرغوبة ومخاطر مرصودة    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    انتشال جزء من جسم الطائرة بعد الكارثة الجوية في واشنطن    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة    كيوسك الثلاثاء | تكلفة الإيجار بالمغرب أرخص من 118 دولة في العالم    التونسي الشابي مدربا جديدا للرجاء البيضاوي خلفا لحفيظ عبد الصادق    رسوم صينية تطال واردات أمريكية    مطارات المغرب استقبلت نحو 32 مليون مسافر خلال سنة 2024    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهرزاد
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 06 - 2010


ما روى الديك:
جلست تحت مظلة زهرية، تضع قدميها على كرسي مقابل، وتشرب عصيرا باردا، تلبس تنورة قصيرة أو سروالا ضيقا أو هما معا. تضع مكياجا خفيفا وعطرا غاليا، ولا تنسى الخاتم الذي تنظر إليه فتعاودها رعشة اللسان الذي لا يهدأ الليل بطوله.
تأخذني معها وتغادر شهرزاد بسرعة خوفا من أن تصل متأخرة عن العمل. تركن سيارتها المستديرة، وتشعل أول سيجارة في الصباح، فهي لا تدخن أمام أبنائها.هكذا هم وهن الحداثيون والحداثيات!
تنزوي في مكتبها والعيون تلاحقها. فهي شهرزاد الحكاية والغواية، أجلس مراقبا لسانها وشمس الأفق. لا أهتم بحبوب القمح التي يغريني بها زملاؤها، علهم يبعدون العرف عن الثغر. قدموا لي دجاجة ممتلئة كشهرزاد. فيتوقف الزمن ما بين اقتراب قائمتها اليمنى وابتعاد اليسرى عن الأرض. انتفش ريشي إلا أن شهرزاد عاتبتني بنظرة باهتة. غضبت فصحت صوتا مفهوما في الآذان: أنا الديك، أنا ديك بالعرف وبشهرزاد.
لم يجرؤ أحد أن يسألها عن معين سرها الدفين. قد تكون جنية من حكاياتها، فلسانها لا يتعب ولم تستجدني ليلة لأستبق صياحي.
نخرج ونتجه نحو المطعم القريب، أجلس مقابلا لها: أختار دوما صدر دجاج مشوي وتهديني عصير توت وتتمنى بصوت مرتفع لو أن شهريار لا ينام نهارا.
تحملني بين ذراعيها البضين وتمشط ريشي اللامع، تحب أن تضع يدها تحت جناحي الأيمن وقائمتي في جيب سروالها.
لا زلنا نشتري لبعضنا الهدايا، إلا أننا لم نعد نتكلم كثيرا منذ أن رقص لها ذلك الآدمي واقتحم الحكاية.
كان يقول: ربما الديك من يحكي وعندما يتعب يصيح، ففيه النهاية والبداية وبه اكتمال الرواية وما شهرزاد سوى غواية الديك الذي لا يشيخ. لا أعرف لم كانت تمنعني من أن أفقأ عينيه رغم شدة اشتياقي لبريقهما البشري ولفوائدهما الايروسية.
ما رويت أنا:
شهرزاد البداية والنهاية. التقينا على حافة السطر تحت جناحي جني. التقينا رمادا تحت نبيذ هلامي. كانت سماء وكنت الشريد. حكت بلسان غريب، عن المستقبل، عن ضياع الساعات مابين صياح الديك وجناحي الجني.
قلت: أأنت شهرزاد؟، مسيح العذارى، صوت الصور، انحسار الروح في بوثقة من نار، انكسار القلب على القمم وفي أخاديد الغيب، انتصاب المجانيق أيام الهدن، نار بروميتيوس التي سرقت مني والتي أنتظر في كل قطرة ندى أن تعود إلي، نفسي الأول كل صباح والذي أصبح يصل متعبا ولاهثا الى جوفي.
قالت: نعم فمن تكون؟
قلت: أنا لا أنا الآن. لست سوى ظل يبحث عن ظله الذي ضاع مع الغمام في قضمات الأفواه. ولا أتمنى سوى أن ترقصي عارية حافية على جسدي الشاحب، أو نرقص كيفما اتفق، وحيدين تحت القمر.
قالت : ماذا تريد ؟
قلت: لا أدري
قالت: فما السعادة؟
قلت : لا أدري
قالت: وما الحياة؟
قلت: لا أدري
قالت: فإذن ما الممات؟
قلت: أن أحيا وأنت في الحياة بعيدة، نفسي إذ تغادرها شهرزاد.
تذوي الشمس ببطء ويحس الديك بامتداد السواد وضياع الظلال في الحكاية وعجز الكليم عن الانتظار، ينشل اللسان ويختنق الجسد وتحلق الريشات مع الهواء السحري فتلتصق إحداها بشفتي وتأمرهما بالانغلاق.
فيعي الديك أن الأمر بدأ وبأن الوسائد تنتظر وأن فتيل البخور الأول قد احترق. تمسكه شهرزاد بقوة وتطير به عاليا إلى حيث أنتظرها على أعلى الهضبة، قرب سريرها المفتوح على السماء بقوائمه الأربعة المدفونة عميقا والتي التفت حولها أغصان الأشجار.
كنت جالسا أراقب تبعثر القمر وغياب الظلال. وصلت مع السواد، كما تخيلتها صغيرا، في نفس عمري، رعشة الرعشات، حنين الأزل، مثيرة كألم إبرة، متوسدة المدى، ترى المدينة تحت ساجدة لها، عينان إلى الأفق ولا أفق إلا الذي ينمو بين حلمتيها، خصلات الريح تحرك شعرها المنسدل في هذا السديم الشبحي والقمر حليب مضيء كعنق شهرزاد.
كانت ترتدي سروالا فضفاضا قصيرا ينتهي على منتصف ساق عاجية، تضع خلخالا في قدمها اليسرى يضيء ويغني مع صياح الديك الذي كنت أستلذ برؤيته يرافقها فشهريار نائم نهارا، وليلا لا تفارقه لذة الإنصات. كان يغار كلما اقتربت من السرير فيحرك قائمتيه بانتشاء عسكري أيام احتفالات الأعياد. مرة غضب وزعق كما المارد ومد جناحيه فوليت هاربا.
أصبحت أترك مسافة بيني وبينهما حاولت أن أفهم ما يدور في خلد شهرزاد كلما تفرست في ملامحها إلا أني لا أعثر إلا على الفراغ فترسم لي ابتسامتها الباهتة وكأنها هي من يسبر أفكاري.
أما الديك ؟ الديك، العرف، العرف أحمر، الديك/ شهرزاد/شهريار. الديك العرف وكرونوس/ شهرزاد الغواية والكلام/ الديك العرف والجناح/ شهريار الفحولة والانتظار/ الديك يروي ويروى والرواية/الديك شهرزاد وشهريار- فكم تمنيت أن يكون على مائدتي الليلة.
والليلة أحسست برهبة كبيرة ربما من الرياح القوية التي كانت تدفعني إلى الخلف والتي بالكاد استطعت فيها أن أحافظ على توازني. سرعة مجيء شهرزاد هي الأخرى أدخلتني في ريبة غريبة عن المكان. كانت متوترة، أشعلت سيجارة بصعوبة بالغة.
قلت لها: أين الديك يا شهرزاد؟
لم تنتظر أن أنهي كلامي وركضت مدبرة لتتوقف عند صخرة جوار البحر. كانت البشارة والبشارات لا تتغير أبدا. حملته بين ذراعيها وعادت، نزعت خاتمها ووضعته في إحدى قائمتيه، كان وهنا ومصفرا.
نظرت إلى عيني مباشرة وقالت مستجدية: إنها الليلة الأخيرة، خذ الديك ولا تفزع إن غاب عن الوعي، من تذكر العذراء لما نطق المسيح. أنت الآن الحكاية وآخر ذرة يكتمل بها البدر. وغابت عن الوجود.
كان لذيذا خصوصا صدره الممتلئ.
روت شهرزاد فقالت........


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.