لم تكن الدورة 48 لمهرجان الورود بقلعة مكونة لتختلف عن سابقتها في شيء سوى أنها الأسوأ شكلا ومضمونا، فإذا استثنينا الملصق الذي أبدع فيه مصمموه، فباقي الأشياء تميزت بالفوضى العارمة والعشوائية المرتبطة بهاجس أمني لم يستطع أن يحفظ الأمن، فسواء في سهرة يوم الجمعة 7 ماي أو سهرة يوم السبت 8 ماي فقد كان اندفاع كبير ووجه بالهراوة الأمنية ما أدى إلى حدوث أعمال شغب تحركت فيها الأسلحة البيضاء، تسببت في جروح بليغة في صفوف العديد من المتصارعين، قال أحد الشبان: «لقد فوجئت بقميصي ملطخ بالدماء، ذلك أن معارك وقعت أثناء سهرة يوم السبت بين بعض الشبان، تحركت فيها الأسلحة البيضاء، ووقعت اندفاعات وتجادبات، وأسفرت هذه المعارك عن جروح بليغة في وسط المتصارعين، والغريب أن هذا وقع أمام أعين الجهات الأمنية التي يبدو أنها تفكر في أمن المسؤولين أكثر من المواطنين» حفلات وسهرات موسم الورود أمازيغية مائة في المائة وهي محرمة على فنانين آخرين من غير الأمازيغ منذ أن تعرض الفنان «مسكر» للضرب بالحجارة من بعض المتطرفين من الحركات الأمازيغية في إحدى الدورات السابقة. وبدل أن يفكر المسؤولون البلديون في توفير شروط استقبال عشرات الآلاف ممن يستقطبهم موسم الورود وفي توفير البنيات التحتية من فنادق، وطرق فقد تفتقت عبقريتهم ووضعوا أكواما من الرمل والحجارة في ممرات وسط ما يسمى المدينة بدعوى منع السيارات من الدخول وحتى لا يقع اكتظاظ وهو ما جعلها محاصرة من كل جانب. المشهد يحيلك أن المدينة تعيش حالة حرب وليس مهرجان ترفيهيا.. الباعة احتلوا كل الفضاءات والشوارع، زعيق .. عويل.. صياح.. مدخل « الجردة» مسرح الهواء الطلق مكتظ بالآدميين في تدافع كبير، وعلية القوم وأقربائهم تحت الخيام، بينما الجماهير في مدرجات عارية ومعها الفرق الفلكلورية تحت لهيب الشمس الحارقة. أحد الغيورين صرح لجريدة الاتحاد الاشتراكي «حقا لا يشرفنا هذا، لسنا في مهرجان للورود بل نحن في سوق عشوائي تعمه الفوضى» فيما أضاف مواطن آخر «.. جئت من الدارالبيضاء إلى هنا، كنت أظن أن هناك مهرجانا حقيقيا أستفيد منه نطرا للصيت الذى كان لهذه المنطقة الشهيرة بالورود، أول ما صدمني أنني لم أجد مكانا للإقامة، اضطررت للمبيت في السيارة صحبة زوجتي وطفلاي في اليوم الأول، لكن في اليوم الثاني استضفتنا أسرة في بيتها.. الواقع أن هذا المهرجان مجرد سوق غير منظم والأحرى بالزوار أن يذهبوا للضواحي للتمتع بالجمال الطبيعي للمنطقة أو يذهبوا إلى بساتين الورود أما داخل المدينة حيث يقام ما يسمى بالحفلات فهي أشبه بسوق اشطيبة بالدارالبيضاء سابقا وبشكل أبشع..» قد تكون هاتان الشهادتان أعمق خلاصة يمكن أن يخرج بها أي زائر لمهرجان الورود، ومع ذلك لابد من التنويه بمجهودات فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة من جمعيات تنموية وثقافية ونسائية وحقوقية وكذا تعاونيات مهنية وفلاحية ممن تجتهد لتطوير مهنها ومنتوجاتها وتسويقها بشكل عصري وقد تبين ذلك من خلال معارضها المنظمة على هامش المهرجان والتي تعد نقطة ضوء في هذا الزخم من الفوضى العارمة التي أسموها مهرجانا.. دون أن ننسى اللوحة الفنية المرسومة على طول وعرض الجدار المحادي للوقاية المدنية والتي تطل عليها بناية المعتقل السري الشهير وكذا تلك المرسومة بجدار معمل تقطير الورود والثالثة المرسومة على حائط المستوصف القديم، هذه الأعمال الفنية الرائعة تمت بريشة فنانين محليين وعلى رأسهم المبدع الطالبي، يمكن اعتبارها كذلك أجمل ما في المهرجان، وحتى طقوس اختيار ملكة الجمال أصبحت بلا طعم ولا رائحة حيث فقدت نكهتها وقد علمنا أن فتيات المنطقة رفضن المشاركة في هذه المسابقة حيث لم تسجل سوى ثلاث فتيات صعدن جميعا على المنصة حيث اختيرت واحدة ملكة واثنتان وصيفتان.