«باركا من الإهانة - الحقيقة راه مزيانة» واحد من الشعارات التي حملها متقاعدو وأرامل رجال الأمن أمام مقر مديرية الأملاك المخزنية في العاشر من الشهر الجاري، وذلك احتجاجا وبحثا عن الحقيقة في ملف أراضي الأملاك المخزنية التابعة لعمالة مولاي رشيد الجنوبي، وذلك بعدما فشلت أكثر من 80 مراسلة في إرجاع الأمور إلى نصابها. فأسرة الأمن راسلت جميع المصالح من عمالة مولاي رشيد إلى وزارة المالية الوصية عن الأرض، الى المحافظة العقارية محليا جهويا ووطنيا. «فمبروك عليكم وتستحقون كل خير» التي استقبل بها مسؤول بديوان وزير المالية الحالي ممثلي الساكنة، لم تترجم إلى تملك حقيقي للأرض أو ما تبقى من الڤيلات التي يعود تاريخ إنشائها الى 1949 قبل أن تتحول بفعل الزمن إلى أشبه «بخرابات». تفاصيل القضية كما رواها المعنيون، معززة بالصور والوثائق، قصة أغرب من الخيال .فإذا كان عدد البقع المسجلة رسميا هو 22 ، فإن وثيقة صادرة عن مؤسسة قانونية جعلت العدد يصل إلى 23 . والأغرب أن البقعة 23 لا تحمل اسم أي شخص بل فقط حرف A ليتحول A إلى مالك بقعة - بديور البوليس - وهو أمر طريف يتطلب من إدارة الأمن البحث عن الموظف A . وأثارت القضية جدلا كبيرا، خاصة وأن البقعة العارية في الواقع مساحتها 2200 متر؟ ففي وثيقة نتوفر عليها، تشير مصلحة الأملاك المخزنية إلى أن الرسم العقاري عدد /37234 س يتعلق بتجزئة عليها بنايات عبارة عن ڤيلات تابعة للملك المخزني دون تحديد العدد.. وهناك وثيقة أخرى رسمية تشير الى 22 ڤيلا يقطنها موظفو الإدارة العامة للأمن الوطني، وهناك تصميم مصحح تم بموجبه حذف البقعة العارية التي أصبحت في التصميم السابق قطعة مبنية!؟ وفي وثيقة رسمية صادرة عن مصلحة المسح العقاري بن مسيك سيدي عثمان (نتوفر على نسخة منها) مكتوب بالاحرف وبالأرقام 23 بقعة مبنية، و تشير الى الملك المسمى (سيتي ديكان ديور بورنازيل). شكايات المتضررين وصلت الى مدير المحافظة العقارية والذي أجاب بأنه «أجرى بحثا لدى مصلحة المحافظة العقارية» ونتوفر على رسالة من طرف السيد المحافظ الى السيد المدير الجهوي للاملاك المخزنية تحت عدد 214 بتاريخ 2009/2/12 بقيت بدون رد الى غاية يومه»... أمام هذه التعقيدات والاحساس بالظلم، لجأ السكان الى مصلحة حماية التراب الوطني المعروفة اختصارا ب (DST) والتي، حسب السكان، أجرت بحثا في الموضوع مما حدا بمحافظة بن امسيك الى استعمال «البلونكو» واضافة عبارة «أقول اثنين وعشرين بقعة وليس ثلاثة وعشرين بقعة»، إلا أن هذا التصحيح لم يؤخذ بعين الاعتبار لدى المصلحة الجهوية لنفس الإدارة. بين التماطل في إتمام إجراءات تفويت الأراضي الى أصحابها، تطبيقا للقانون واعترافا بمجهودات فئة أغلبها من مؤسسي الأمن الوطني وأغلبهم توفوا وحتى الأرامل بدأن في الرحيل، بدأت تظهر مؤشرات خطيرة. فعدد من سماسرة العقار يطوفون على الساكنة باستعمال الترهيب والترغيب من أجل توقيع وعود بالبيع مقابل مبالغ مالية تراوحت بين 160 و200 مليون سنتيم، ويدعي السماسرة بأنهم مرسلون من جهات نافذة لابد أن تحوز العقار بأية طريقة، وهو ما رفضه السكان المتشبثون بحقهم في استكمال إجراءات البيع طبقا للقانون بعد أن قضوا أزيد من نصف قرن في هذه المساكن. المتضررون لم يبقوا مكتوفي الأيدي وهم يتحوزون وثائق تثبت أن وزارة المالية توصلت بوثائق مزورة في محاولة للاستيلاء على بقعة أرضية تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايير، ومع ذلك لم يتم إجراء بحث إداري. وتشبث السكان برفض محاولات التفاوض معهم خارج القانون، مؤكدين انهم يتوفرون على لائحة لبعض الأسماء الخفية في دهاليز بعض الإدارات وخارجها. فهل يرقى القانون المغربي الى التصدي لمافيا الإدارة والعقار التي أضحت شراهتها مفتوحة على هذه الأرض بعد أن تسرب خبر تحويلها الى عمارات من أربعة طوابق، وهذا مما زاد جشع المتربصين.