بن هو* وين هوانج** ولم يظهر «جينتاو» في البداية اهتماماً بتنمية علاقاته بأي من كبار ضباط الجيش على عكس ما كان عليه الحال مع «زيمين» الذي كان حريصاً على ذلك أشد الحرص. وعبر تاريخها لم تسمح القيادة الصينية للعسكريين أبداً بتولي دور في إدارة شؤون الدولة، ولكن عندما كان يحدث أحياناً أن تتنافس فصائل مختلفة بشراسة على السلطة كان الحصول على دعم من العسكريين هو الشيء الحاسم الذي يرجح كفة أحدها على الآخر. ومنذ البداية اكتسب «جينتاو» سمعة كونه رجلاً متحفظاً.. وعلى رغم أن كثيرين يعتبرونه رجلا مملا ومفتقراً إلى روح المرح، إلا أن الحقيقة هي أنه كان يخفي وراء مظهره هذا مواهب وطموحات سياسية ذات شأن. ولعل ضبط النفس هو أبرز المزايا التي يتسم بها «جينتاو». وكان انضباطه الذاتي في السابق من الأسباب التي لعبت دوراً كبيراً في صعوده السريع من مجرد فني متواضع إلى رئيس لرابطة الشباب الشيوعي وسكرتير للحزب في إحدى المقاطعات الفقيرة، ثم مبعوث مثير للجدل للتيبت، وبعد ذلك الرجل رقم واحد في الصين. وبالإضافة إلى ضبط النفس والانضباط أظهر «جينتاو» أيضاً خلال رحلة صعوده تواضعاً ومثابرة ودأباً على العمل وهي كلها صفات تحظى بالتقدير والإعجاب في الثقافة الصينية. ولا شك أن غريزة البقاء القوية لديه التي مكنته من المحافظة على مركزه حتى الآن تعني أن الرجل ليس محافظاً ولا ليبراليّاً كما تثار التكهنات وإنما هو رجل براجماتي. ففي حين اقترح «دينج زياو بينج « الأركان الأربعة الجوهرية، وجاء «جيانج زيمين» بفكرة الممثلين الثلاثة (التي أضفت الشرعية على عملية إدماج الرأسمالين ورواد الأعمال في الحزب الشيوعي)، دافع «جينتاو» عن فكرة المجتمع «المتجانس» في الصين. فهو يدرك أن تلك الأيام التي كان فيها الحزب قادراً على المحافظة على الاستقرار السياسي باستخدام فوهة البندقية قد ولت، وأن الصين قد أصبحت أكثر حاجة إلى أسلوب أكثر مرونة في حل مشكلاتها الاجتماعية. وفي المجال الاقتصادي، فهم «جينتاو» التجانس على أنه يعني القدرة على العمل وعلى تكوين الثروات دونما حاجة إلى الكثير من التدخل، لأن الحيوية الاقتصادية تعد أمراً ضروريّاً للمحافظة على حكم الحزب الواحد في الصين. بيد أن بعض المراقبين يقولون إنه وإن كان النمو الاقتصادي الهائل سيمنح «جينتاو» فسحة من الوقت إلا أن الأموال في حد ذاتها لا يمكن أن تحل كافة مشكلات حزب سياسي. فالاقتصاد كما هو معروف يمر بحالات من الصعود والهبوط، هذا إضافة إلى أن النمو الاقتصادي الهائل في الصين قد فاقم من الصراعات الاجتماعية. وباستثناء احتمال حدوث سجال سياسي خطير في المجتمع أو تراجع اقتصادي كبير فمن المتوقع أن يتمكن «جينتاو» من إكمال مدته بشكل سلس و»متجانس». غير أن الشيء الذي لاشك فيه هو أن خلفه في الحكم سيحتاج إلى ما هو أكثر من الحظ للحفاظ على ذلك «التجانس». * مؤسس دار «ميرور بوكس ليمتد» الصينية بنيويورك **كاتب ومترجم صيني مقيم في أميركا عن «كريستيان ساينس مونيتور»